وحان موعد اللقاء الثاني الكبير، اللقاء الذي ظلت جماهير الكرة تنتظره منذ تعادل العملاقان الكبيران النصر من الرياض والوحدة من مكة، حان موعد اللقاء الضخم، بل المهرجان الكروي المثير.. ليفرض على الجمهور الرياضي.. وهو الذي كان يعيشه أملا وأمنية.. ترك المشاغل لحضوره.. ومتابعته بكل دقة واهتمام.. تذوقا لما قد يحفل من فنيات واثارة..
أجل.. هذا هو اللقاء - لقاء الوحدة بالنصر - سيقام عصر يوم الجمعة القادم للمرة الثانية ولكن على ملعب اسلام بمكة.. بعد أن عاش الجمهور أحداث المباراة الماضية والى اليوم بأعصاب مشدودة بنظرات قلقة.. بتوقعات يداخلها الشك في أغلب الأحيان.. نعم هذا هو اللقاء يقام بعد أن أخذ كفايته من النقاش على كافة المستويات.. نقاش تركز على توقعات المهتمين بالحركة الرياضية حول الاكثر تأهيلا للفوز به.. وعلى استعراض لنقاط الضعف والقوة في الفريقين.. ثم موقف بقية الفرق غير المتبارية من هذا اللقاء. من حيث أثر نتيجته على مركز الاهلي والقادسية من جهة.. وأثر النتيجة من الناحية النفسية على فرق الرياض ومكة التي لا علاقة ولا مصلحة لها، وغير ذلك كثير اتسع له حديث المباراة.. في اسبوع الأعصاب!.
ليس من شك أن الفريقين يشكلان قوة كبيرة ولولاها لما وصلا إلى هذا المركز.. ولما حققا مراكز ممتازة في أعوام سابقة.. لكن ما هو الجو الذي يلف هذه المباراة.
هناك أشياء تصلح لأن تكون جسراً يمكن من خلاله أن نطل على جو المباراة.. ونعطي بعد ذلك الفرصة للمباراة ذاتها لتقرر النتيجة لأي من الفريقين.. على ضوء تفوق أحدهما على الآخر لعبا.. واجادته استغلال الفرص وعدم اهدارها.
1- من هذه الاشياء أن النصر يلعب بغير أرضه وبعيدا عن جمهوره وهذا ربما ترك أثراً يفيد الوحدة بقدر ما سيؤثر على المستوى المعروف للنصر.
2- النصر جرب هذا العام اللعب مع أندية على مستوى فني ولياقي جديد في حين أن الوحدة كانت الوحيدة القوية في مجموعتها ومعنى هذا أن الوحدة تواجه فريقا عنيداً بعد المباراة الماضية خلافا للنصر الذي لا يتفوق خصمه على الهلال واليمامة وربما الشباب بحيث يجد نوعا من الراحة النفسية التي قد لا تتوفر لفريق الوحدة.
3- هذه المباراة يواجهها الفريقان بشيء من الحذر، لاسيما بعد أن انتهت مباراة الاسبوع الماضي بتعادل الفريقين وبتقارب المستوى رغم تفوق الوحدة نسبيا.
4- لا يرى البعض في توقعاتهم احتمال ظهور المباراة بشكل مثير لسيطرة الأعصاب في مثل هذه المباريات. بينما يتوقع آخرون أن تكون جيدة المستوى اعتمادا على أن اصرار الفريقين على الكسب.. وتعودهما اللعب مباريات كهذه.. سوف لا يعطي الفرصة للأعصاب لتؤثر في اهتزاز مستوى اللاعبين وبالتالي المباراة.
5- جمهور كبير سيزحف بالتأكيد إلى الملعب لحضور المباراة.. وهذا الجمهور عامل مهم في اعطاء المباراة شكل وصورة المباريات الكبيرة.. ان لم تكن في فنياتها ففي توفر عامل الاثارة لها.
نخلص بعد هذا الى القول.. بأننا نواجه مباراة متناقضة.. لكن لكل فريق رصيده من الظروف التي لابد وأنه يعتمد عليها لانزال الهزيمة بزميله.
غير أن الاستسلام للهزيمة من الفريقين لا يبدو أمراً هيناً أو سهلاً.. بسبب تصميمها على الفوز.. ولأن القناعة عند كل فريق على أنه الأقوى من الآخر.. تزيد من حماسهما على اللعب.. وحتى آخر دقيقة من المباراة.. على أمل الفوز.. بل والفوز الكبير..
قد يبدو مملا أن نطالب الاندية باللعب عن طريق الأجنحة.. أو تذكيرها باستغلال الفرص.. بل قد يكون أكثر مللا لو قلنا أنه يجب الانتشار بالملعب مع أخذ الخانات والمراكز المناسبة.. لأن هذه أوليات في لعبة كرة القدم.. ولأننا كررناها مراراً كلما قيل لنا أن هناك مباراة بين فريقين كبيرين.. لكن لا بأس أن نعيد ذلك.. حتى لا يكون الأخذ بها معدوما كما عودتنا الفرق.. وكما اعتدنا من لاعبينا.. ولكي لا يكون عدم تنفيذها على حساب تذوقنا واستمتاعنا.. بل على حساب خسارة المباراة من قبل أحد الفريقين.. ان هذه المباراة مباراة استغلال للفرص.. مباراة قدرة على التحكم بالأعصاب.. ومباراة التخلص التام من استعراض اللاعبين لفنياتهم.. دون الشعور بأهمية كل دقيقة.. بل كل ثانية.. في تحقيق كسب.. أو هروب من خسارة...والا فإن اللعب بغير ذلك.. سوف يعرض إلى خسارة لن يكون سهلا مسحها.. حين تتغير الظروف التي تحيط بالمباراة.. والتي تكاد تخدم الفريقين معا..
وليست هذه المباراة الا فرصة من فرص العمر الثمينة للفريقين.. ومنطلقا قويا لتجربة جديدة في كسب كأس مازال الأمل منذ سنوات.. ومازال الطريق اليها مسدوداً.. بفعل قوة المنافسين حينا.. وقوة الحظ للمنافسين أحيانا أخرى.. ولعل هذا اللقاء ان لم يكن النصر والوحدة فيه أفضل أملا من الماضي.. فإن ضعف المستوى عن السابق ليس من فريق دون آخر.. يزيد في الامل.. ولا يخيف كثيرا.. برغم ما يحتاجه من بذل.. وما يتطلبه من جهد.. يفوق بكثير ما كانت تتطلبه المباريات السابقة على مستوى فرق المنطقة. وعلى مستوى بطولة المنطقة أو المجمموعة فقط.. اثر دخول الفريقين التنافس الى ما هو أوسع وأهم.. وبالتالي استعدادهما لتحمل المسؤولية الكبيرة التي رضي كل فريق أن يقوم بها.. وعنده الثقة الكاملة على أن يكون أهلا لها.. وفي مستوى أمل الجماهير بقدرته على تحملها..
نكرر أننا كجماهير لن نكتفي بانتظار فوز أحد الفريقين.. لكننا أيضا سوف نراقب التحرك السريع للكرة ان كانت هناك سرعة في تحركها.. وسندقق النظر كثيرا في كفاءة كل لاعب باستثمار ما يصله من كرات.. خاصة بالنسبة لأفراد النصر الذين يلعبون بمكة بعد طول غياب.. وبعد أن تولى التدريب مدرب الوحدة السابق الأستاذ حسن سلطان.. الذي من غير شك ستفيد معرفته لأفراد الوحدة كثيرا فريقه الحالي.. في بنائه على ضوء المعرفة المسبقة بأحوال أفراد الوحدة من الناحية النفسية إلى جانب الناحية الرياضية.. ولو أني أرى أن تركيز السلطان على الجانب الأول قد يفيد الوحدة أكثر بكثير مما يفيد النصر.. ذلك لان التفرغ لأداء الدور الخاص بالناحية النفسية قد يشغل الأفراد عن أداء دورهم في الملعب.. وهنا يأتي استغلال الوحدة سليما.. اذا جاء التوقيت سليما..
عموما قد لا تكون المباراة قوية كما نتوقع.. وهذا بالدرجة الأولى لا يهم الوحدة أو النصر.. اذ انهما يحرصان على الفوز.. ذلك لأن اللعب المثير ومعه الهزيمة لا يفيد بشيء لاسيما وأن الفوز يتيح مجالا أوسع للعب مباريات أكثر.. ولتقديم مستوى أفضل.. وبغير الفوز.. تنتهي كل الفرص.. تضيع كل الآمال.. ولا يبقى بعد ذلك أي مجال للعب أو الحصول على نتائج مقبولة.. وهذا ما لا يريده كل فريق لانه يعني بالطبع انهاء مجال التفوق وعدم اكمال المشوار الطويل والشاق الى بطولة المملكة.. لكن أجزم أن ذلك كله سوف لن يقف دون حرص الفريقين على اللعب بمستوى جيد لكسب المباراة من جهة وارضاء الجمهور من جهة أخرى.. وان كنت أعذر الفريقين فيما لو لعبا للكسب بصرف النظر، أجاء هذا الكسب بلعب يرضي عشاق الكرة أم لا.. ذلك لأن الكسب أولا.. وارضاء الجمهور من الأشياء الثانوية ويجب أن نقول عنه ثانيا.. وهذا أيضاً لا نقوله الا اجابة على من قد لا يرى معقولية في كسب فريق للمباراة بأسلوب لامتعة به.
نأمل أن نشهد مباراة في مستوى تاريخ الفريقين.. مباراة في مستوى القمة.. ومستوى الكأس التي تتصارع عليها الاندية.. وعندنا الثقة أن يتحقق ذلك.. لأن المباراة بين الوحدة والنصر على الأقل.
|