سلام يا صاحبي ويا أخي وأسأل الله لك الجنة والرحمة وأن يلهم كل من تعز عليه الصبر كما كان سلاحك الصبر.
لكم هو صعب علي أن أنعي أحد أبناء جيلي ورفاق دربي، ولكم هو أصعب حينما تخذلني الكلمات وأنا في أشد حاجتي إليها لأخرج ما في نفسي من زفرات الحزن على أحد العصاميين الذين بدأوا مشوار حياتهم الطويل بجد وكفاح وخطى ثابتة، أساسها الطموح العالي والإصرار على تحقيق الذات.
صديق بدأ ببساطة وذكاء بتطوير نفسه ليصبو للأفضل من خلال بداية صغيرة ما لبثت أن تطورت إلى هيلمان عظيم بكلمات على التراب ذهبت مع الريح ولكنها علمته أول طريق النجاح، فقد تعلم على يد الأستاذ الأول له/ الشيخ الوهيبي وتعلم القراءة والكتابة بترتيله للقرآن وحفظه، ومن خلال ذلك رسمت ملامح شخصيته القوية المؤمنة بقضاء الله وبقدره، الواثقة والمتوكلة عليه في كل شيء، فقد نجح بإشباع ذاته واستطاع أن يحقق شيئاً مميزا، فشغفه وحبه للحياة جعلاه يتعلم الكثير دون ملل من المشوار الطويل وكأنه قد وضع لنفسه أول حجر الأساس لطريق النجاح والتحاقه بمدرسة الحياة.
وبدأت البداية الصعبة وهي استثمار ما تعلمه من خبرات في الوقت المناسب والمكان المناسب.. فتنقل من مكان لمكان وشجع نفسه وتحمل المسؤولية لإثبات ذاته وصمم على إزاحة أي عقبة تواجهه ليكون تجارته الخاصة به في السوق. وبعقليته الإدارية نجح وأنجز الكثير بمرور الوقت وحقق ما تمنى ليصبح رجل أعمال كبيراً، سمعته الطيبة تسبقه لكل مكان قبل أن يذهب إليه وتوسعت أعماله وتنوعت مجالاته فعمل في التجارة بأنواعها كالبيع والشراء في الأراضي إلى أن كوّن العديد من المؤسسات والشركات.
ومع كثرة وتعدد مسؤولياته لم ينس المنعم بالرزق عليه، وفي أعماله الخيرة أكبر دليل على ذلك فلو أمعنا النظر قليلا للمستوصفات التي يمتلكها لوجدنا أنها في خدمة الجميع إذ تقوم بواجباتها كاملة دون تقصير أو تمييز بين الأفراد.
فلقد ساعد الأيتام والفقراء والمحتاجين والمطلقات اللاتي يعلن أولادا وبعض المعارف والزملاء ممن لم تساعدهم ظروفهم لتأمين حياة كريمة وهم في سن كبيرة حفظا لكرامتهم ولمجهوداتهم بتمليكهم أرضا أو بيتا.. ولم ينس المساهمة في المشاريع الخيرة بوهبه للعديد من الأراضي لمساعدة الناس لتعميرها والبناء عليها.. كذلك اهتم بجانب إنساني نادر وعظيم من خلال تسخيره لطائرته الخاصة لأي إخلاء طبي لنقل المرضى ممن تستدعي حالتهم العلاج الفوري والمصابين في الحوادث كما عمد بعض مستوصفاته لاستقبال هذه الحالات.
رحمه الله.. صاحب القلب النقي فقد كان خير مثال للمسلم الحق في سلوكه وأفعاله.. ومما لا شك فيه ولا يخفى علينا حبه للوطن ومساعدته لتطوير بلاده، فلم يكن إلا خير مواطن باستثماره داخل وطنه وتبنيه للعديد من الأفكار الصعبة واحتضانه الشباب من أبناء وطنه وتشجيعه للكوادر السعودية وتوظيفهم في شتى المجالات، ولم يغفل عن الشابات وعن طموحهن فزرع أفكاره في ذريته من البنات ليكن سنداً لجنسهن كونهن أدرى بمتطلباتهن، فقد كان من المؤيدين لتعلم المرأة وعملها وقد شجع المرأة لأن تعمل في مجال دراستها سواء كانت إدارية أو تجارية شرط أن لا تخالف الشريعة الإسلامية. وقد كان دائم الدعم لكل ما يثق بأنه سيفيد الوطن ومواطنيه.. ولعل ما استوقفني في شخصيته هو حبه لعائلته وتناسيه لكل مسؤولياته الثقيلة حال دخوله للمنزل وزرعه في نفس أبنائه حب الله عز وجل ثم المليك فالوطن وتعليمهم الصبر والحكمة وكيفية التعامل مع الناس بصدق وتواضع دون الخوف من مواجهة الحياة بكل شجاعة وإصرار لتنفيذ طموحهم وإثبات ذاتهم كما فعل.
فرحم الله قائل هذه الكلمات التي لا تنم إلا عن ولائه وحبه الشديد لوطنه.. هذا ما قدمته للوطن وواجبي أكثر من ذلك.. منتهى التواضع فيما قال، فلقد عرف دوما بصراحته وبأحاديثه القيمة فكل كلمة كان يقولها كان لها الأثر الواضح على من حوله.. فما تلفظ به كان له وزنه لأنه خلاصة لتجارب حياته الحافلة دوما بما هو ممتع ومفخرة.
لعلني كنت مقصرا في حقه ولكني واثق من أن تعازي صاحب السمو الملكي الأمير/ سلطان بن عبدالعزيز والحشد الكبير من المواطنين هي ما كفت ووفت فهي خير دليل لإنجازاته العظيمة من خلال حب ولاة الأمر له وتعازيهم فيه، ترى ماذا بقي لأقول عنه؟كل ما أستطيع قوله هو رحمك الله يا أبا محمد ورحم الله موتانا أجمعين.. فنحن من خسرناك بفقدانك وفقدان كل عظيم مثلك ولكن ما دام هناك من ذريتك فبالتأكيد سيكملون مسيرتك ويحذون حذوك الخير.. ولن ننساك بالدعاء فكل من مددت له يدك بالعطاء يدعو الله لك بالرحمة والمغفرة وهذا أقل وأضعف ما يقدم لك.
|