رغم الأجواء الاحتفالية برئيس الوزراء البريطاني في الكونجرس الأمريكي فإن قدرا من المرارة كان يموج داخل نفوس المحتفى به والمحتفين به، فقد وصل توني بلير إلى العاصمة الأمريكية تلاحقه الانتقادات واللعنات والشتائم بعد تكشف المبررات الواهية للحرب ضد العراق..
غير أن رئيس الوزراء البريطاني ما كاد يستقل طائرته متوجهاً من واشنطن إلى طوكيو حتى تم ابلاغه بوفاة عالم اسلحة بريطاني يعتقد انه سرب معلومات لهيئة الإذاعة البريطانية حول تضخيم لندن لادلة عسكرية لضرب العراق.. ومن ثم ازدادت شدة العواصف التي تفتك بحكومة بلير..
أما في واشنطن فليس الاحوال بأفضل منها في لندن ولو أن الأمور تتضح على نار هادئة فالانتقادات لم تتوقف والمؤيدون للحرب اصبحوا قلة بينما تتزايد اعداد النعوش القادمة من العراق.. ولا يبدو ان كذبة اليورانيوم تهز حكومة بوش حيث تجري معالجات سريعة بمجرد ظهور ثغرات أو كذبات هنا أو هناك، حيث تحمل رئيس المخابرات الأمريكية مسؤولية ادراج الكذبة القائلة «إن العراق يحصل على اليورانيوم من النيجر».. بينما الشعور السائد هو انه حتى هذه الكذبة مستوردة من لندن ما يلقي المزيد من الاعباء على حكومة بلير المثخنة بالجراح اصلاً..
وتشمل المعالجات الأمريكية السريعة اعترافاً من واشنطن بأن أعباء الاحتلال تفوق قدراتها علماً انها دخلت إلى هذه الحرب وهي تتفاخر بأنه يمكنها انجاز العمل لوحدها أو مع الحليف البريطاني على الأكثر، لكن ازدياد الهجمات وتصاعد الاعباء المالية للاحتلال دفعا واشنطن الى اللجوء إلى الأمم المتحدة وهي الجهة التي تجاهلتها حكومة بوش في البداية ورغم هدوء الاحوال في واشنطن نسبياً مقارنة مع الوضع في لندن فإن الازمة التي تعصف بحكومة بلير لابد وأن تلقي بتأثيراتها على البيت الابيض.
وفي كل الاحوال فإن انشغال السياسيين في لندن وواشنطن بازماتهم قد يطلق أيدي العسكريين في العراق لمعالجة اوضاع تنزلق نحو مواجهات شاملة بطريقتهم ما يعني أن الأوضاع تتجه نحو المزيد من التعقيد. وأنه سيتفاقم الأمر الذي يحتم على الشعب العراقي الانتباه إلى خطورة ما يحدث وترتيب امورهم من خلال احزابهم وهيئاتهم، كما ان الامم المتحدة مطالبة بالتجاوب مع الحاجة الملحة لوجودها في ذلك البلد والاسهام في النقل السريع للسلطة إلى ابناء الشعب العراقي.
|