* القاهرة مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
انتهت الحرب، وسقطت بغداد وباءت التهديدات للدول العربية الأخرى، ووسط هذا التردي العربي أكد الخبراء أن ضعف واقعنا الاقتصادي العربي هوالسبب فيما نحن فيه لانه اقتصاد هش لا يرصد الواقع الحقيقي فيه، والصناعة كانت ومازالت الإدارة الدافعة للتنمية والتقدم الصناعي وتساؤلات كثيرة تشغل أذهاننا عن واقع الصناعة العربية وأهم المعوقات والتحديات التي تقف أمامها. وهل هي مدخل للتعاون العربي، وما تأثير التكتلات الإقليمية الاقتصادية على منطقتنا العربية. حاورنا معالي المهندس طلعت بن ظافر مدير عام المنظمة العربية للتعدين والصناعية.
* ما رأيكم في واقع الصناعة العربية؟
إن واقع الصناعة العربية مبشر فهناك دول عربية تحاول اللحاق بركب الصناعة العربية المتطورة وفي سبيل ذلك أسست قواعد صناعية جيدة تعمل بكل طاقاتها لتطوير إنتاجها، وهناك دول تعمل في حدود الإمكانيات المتاحة لها من أجل خلق واقع صناعي والخطر هو قيام كل دولة بمعزل عن الدول العربية الأخرى بوضع استراتيجية صناعية خاصة بها مما تنشأ صناعات لا ترقى إلى المستوى القابل للمنافسة في العالم الخارجي ويؤدي إلى هدر الكثير من الأموال نتيجة تكرار العديد من المشروعات المتشابهة والمنافسة بين دولة عربية ودولة أخرى لها حدود مشتركة. وبالإضافة إلى أن كل دولة لا تضع في اعتبارها عند إنشاء أي مشروع جديد حجم السوق العربية واحتياجاته وإذا تمت مراعاة ذلك فسيتحقق شيء ما والأيدي العاملة خاصة أن هناك دولاً تعاني صعوبات من حيث الإمكانيات أوالبينة التحتية الخاصة بالقطاع الصناعي.
* ما هي أهم المعوقات والتحديات التي تواجه التنمية الصناعية والتعدينية في الوطن العربي؟
أول هذه المعوقات هوغياب البنية الأساسية الملائمة والمغالاة في التوطين القطري الكامل بمفهوم قانوني ضيق للمشروعات الصناعية بحيث تصعب المشاركة الأجنبية أوالعربية فيها مع كل ما تحمله من خبرة تقنية وغرض للتسويق، ومحدودية الأسواق الوطنية لكل دولة عربية بمفردها وعدم القدرة حتى الآن على إيجاد سوق إقليمية واسعة للمنتجات الصناعية العربية تتخطى حواجز انسياب السلع وقد تكون منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي أعلن عنها عام 1998وسيلة لتحرير العوائق الجمركية والادارية أمام السلع الصناعية بين الدول العربية، وتعتبر مشكلة قلة التمويل المتاح للبحث والتطوير والتدريب الصناعي من بين أهم المعوقات التي لا تزال تواجه القطاع الصناعي فالانفاق الحكومي على البحث والتطوير يعتبر منخفضا إلى جانب أن نظام الضرائب والحوافز المطبق على الشركات الصناعية لا يعطي مبراراً لتلك الشركات للانفاق على التطوير بالقدر الذي يسهم في تحسين إداء القطاع، بالإضافة إلى التكتلات التجارية الدولية في الأسواق الرئيسية في ظل تحرير التجارة وقيام منظمة التجارة العالمية خاصة أن هذه التكتلات ستفرض منافسة شديدة أمام الصناعة العربية قد يحرمها من أسواقها وفرص توسعها ما لم تتمكن من توفير شروط المنافسة المفتوحة لها. وأمام هذه المعوقات والتحديات تشكل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وضعا جديدا يجب الاستفادة منه والتعامل معه بشكل إيجابي بدلاً من زيادة قائمة الاستثناءات في تطبيق بنود اتفاقية هذه المنطقة فهي بحاجة إلى مجهود متواصل وتعاون وثيق ورؤية مستقبلية قادرة على استيعاب التطورات العالمية المتسارعة وتحديد دور المنطقة في المجال الاقتصادي العالمي.
* إذا فالمنطقة هي المدخل للتعاون العربي ؟
منطقة التجارة الحرة العربية هي المدخل الصحيح أمام التعاون العربي البيني لتقوية عوامل الجذب وتحسين مستوى التنسيق العربي الصناعي المشترك بهدف تعميم المنافع لبلوغ السوق العربية المشتركة، لهذا يجب الاهتمام بتنسيق العمل الاقتصادي العربي القطري والإقليمي بجميع المحاور الاقتصادية ويأتي في مقدمتها المحور التجاري باعتباره مرتكزاً للتقارب العربي والمحور المالي والنقدي بوصفه أساس التنسيق بين المصارف المركزية العربية وسياسات الصرف وسعر الفائدة، والمحور الاستثماري كمصلحة للمحورين السابقين بهدف إيجاد المناخ المناسب لجذب الاستثمارات الأجنبية للمنطقة ككل وتنمية النشاطات الاستثمارية العربية البنية.
* ما الدور الذي تقوم به المنطقة في الارتقاء بالصناعة والتعدين في الوطن العربي؟
تقوم المنطقة بالعمل في إطار استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك والتي تقرها مؤتمرات القمة العربية وهي تهدف إلى الإسهام في تنمية وتطوير الاقتصاد العربي وتعضيد قدراته في مجالات الصناعة والطاقة والتعدين والمواصفات والمقاييس بجانب العمل على تشجيع التعاون الفني والتكنولوجي والصناعي بين الدول العربية بعضها البعض وبين الدول النامية من ناحية وبما يعزز تطوير الإنتاج والجودة وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات العربية وزيادة الإنتاجية العربية من خلال إعداد الدراسات والبحوث المتعلقة باستراتيجية التنمية الصناعية وتنمية الثروة المعدنية بالدول العربية، والعمل على تلبية متطلبات قطاع الصناعية والطاقة والتعدين والمواصفات والمقاييس بالدول العربية من البيانات والمعلومات والدراسات المتعلقة بالتقنيات الحديثة وإقامة شبكة للمعلومات عن الصناعة العربية وبورصات المناولة والشراكة في الدول العربية وتنمية الموارد البشرية بالدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات والعمل على وضع المواصفات القياسية العربية الموحدة لتسهيل التبادل التجاري العربي البيني، وإعداد دراسات جدوى فنية اقتصادية لمشروعات صناعية بالتعاون مع بعض الجهات الاستثمارية مثل إنتاج الصلبي الجودة في مصر إنتاج ألياف البولي استروالاكريك في السعودية وتقوم المنطقة بإعداد مشروع قواعد المنشأ التفصيلية للسبع الصناعية العربية، والتخطيط لدعوة وإقامة المشاريع الصناعية، والتعاون مع الهيئات والمنظمات الاقتصادية بهدف تيسير تنفيذ انشطتها في تحقيق أهدافها بالاضافة إلى اصدار 1530 مواصفة قياسية عربية لازالة العقبات الفنية وتيسير التبادل التجاري العربي البيني، والتعاون مع المستثمرين ورجال الأعمال العرب في النشاط الصناعي. فالمنظمة تهدف إلى تحقيق تعاون عربي شامل يرتقي بمستوي الصناعة والتعدين والتقييس بالوطن العربي، وتهيئة المتطلبات الأساسية اللازمة لدفع عجلة التصنيع والتقييس والثورة المعدنية.. وتوفير المعلومات والبيانات، ومعاونة الدول العربية في تذليل العقبات التي تعترض طريقها في مجال التصنيع والتعدين ووضع المواصفات والمقاييس وضبط الجودة ورفع الكفاءة الإدارية والإنتاجية بالمؤسسات الصناعية العربية.
* التكتلات الاقتصادية العالمية ما أثرها في الاقتصاد العربي ؟
شهدت الساحة الدولية في العقد الأخير تحولات اقتصادية وسياسية واجتماعية كثيرة لم يشهد التاريخ مثيلها منها انهيارالنظام الاشتراكي وتحول أقطاره إلى نظام السوق الحر وظهور نظام دولي جديد وازدياد التكتلات الاقتصادية العالمية العملاقة بدءا من الاتحاد الأوروبي إلى النافتا (أمريكا والمكسيك وكند) إلى منتدى التعاون الاقتصادي بين آسيا والباسفيل إلى كندا جنوب شرق اسيا (آسيات) وأهمها إنشاء منظمة التجارة العالمية في يناير 1995 والذي انضم إليها 131 عضواً حتى إبريل 1997، وخلال نصف قرن من الزمان حقق نظام التجارة الدولية والذي تنظمه اتخافيات الجات تقدماً في مجال السلع الصناعية والذي تتمتع الدول الصناعية فيه بمزايا نسبة في إنتاجها، كما بدأت تتبلور تطورات جديدة في الاقتصاد العالمي فرضت نفسها على النظام التجاري الدولي، وأدت إلى اتفاقيات جديدة تشكل في مجموعها النظام التجاري الدولي الجديد إضافة إلى التقدم التكنولوجي المذهل الذي حدث في العقد الأخير على المستوى العالمي في العديد من المجالات وكرد فعل لهذه المتغيرات الدولية بدأت الدول العربية على مواكبة هذه التطورات حيث تبنت العديد منها برامج إصلاح اقتصادية وهيكلية باتجاه تحرير هياكل الأسعار ونظم تجارتها الخارجية وفتح المجال أمام آلية السوق وتقليص دور الدولة في الأنشطة الاقتصادية مع إعطاء المجال حرية عمل القطاع الخاص، ومنح التسهيلات والامتيازات لدخول الاستثمارات الأجنبية وتبني سياسات تشجيع الصادرات ، وهذه العوامل أدت إلى إعادة التفكير في نمط العلاقات الاقتصادية العربية البينية لهذا تم تكليف جامعة الدول العربية في مؤتمر القمة العربي بالقاهرة يونيو 1996 بالعمل إلى إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وبدأت في يناير 1998 وأهم آلياتها وجود قواعد منشأ للسلع التي يتم تبادلها وتحقيق التنمية الاقتصادية للدول العربية وماذا عن التكتلات العالمية؟
التكتلات اتفاقيات الجات التي شهدت ثماني جولات تفاوضية منذ قيامها عام 1947 وكانت الجولة الأخيرة في أوروجواي 1986 وأخذت ثماني سنوات بسبب ماواجهته من خلافات بين إطرافها حول السياسة الزراعية والخلافات الأمريكية الاسيوية حول الحماية غير الجمركية في إطار حقوق الملكية الفكرية والخلافات حول تجارة المواد الأولية لدول العالم الثالث، وأهم نتائجها قيام منظمة التجارة العالمية wto، وقد حدثت خلافات قوية لمفاهيم وسياسات العولمة في مؤتمر سيائل أدت إلى فشله وأسفرت عن حقيقتين الأولى البيان المشترك الذي صدر من أقطار العولمة التي تمثلها المنظمة العالمية للتجارة ذاتها والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والذي جاء فيه «أن العولمة تمثل تحديا كبيرا للدول الفقيرة لذا يتوجب تقديم المزيد من الدعم لجهود تلك الدول» وجود اعتراف ضمني بخطر العولمة على العالم وشعوب الدول النامية والحقيقة الثانية ظهور الصراع بين البلاد الاوروبية واليابان من ناحية وبين الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى. كما شهد العالم تكتلات اقتصادية إقليمية وأصبحت سمات النظام الاقتصادي الدولي الجديد ومنها السوق الاوروبية الموحدة 9 منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية NAFTA) ) وتضم 370 مليون نسمة ويبلغ انتاجها القومي 6 تريليونات دولار من السلع والخدمات وفي أمريكا الجنوبية تم تأسيس أربع مجموعات اقتصادية السوق المشتركة لدول أمريكا الوسطى (كوستاريكا وسلفادور وجواتيمالا وهندوراس ونيكاراجوا) ومجموعة الكونتادورا وهي (كلومبيا والمكسيك وباناما وفنزويلا) ومجموعة الثماني تضم الدول (البرازيل والأرجنتين والبيروواوروجواي ودول كونتادور الاربع) ومجموعة الأندين وتضم (بوليفيا وكلومبيا والاكوادور وبيرووفنزويلا) أما التكتلات الاقتصادية في آسيا فهي رابطة لبلدان جنوب شرق آسيا (آسيات) اسست عام 1967 بهدف الاسراع باقامة منطقة التجارة الحرة بحلول عام 2003 وإطلاق حرية تجاره صناعة الخدمات المالية والمصرفية والسياحية والاتصالات وغيرها ومن أهم الدول (أندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند) ومنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي APEC )) ويضم 21 دولة من أهم دوله (اليابان والولايات المتحدة والصين وكندا) وعدد من الدول الآسيوية ويتوقع أن يؤدي التعاون فيما بينها إلى خفض الحواجز التجارية والاستثمارية بحلول عام 2020 وعند اكتمال المنتدى سيصبح أكبر تجمع تجاري إقليمي في العالم يفوق عدد سكانه 2 مليار نسمة وتضم اقتصاديات أكثر من نصف حجم الناتج الكلى في العالم حيث تصل إلى 16 تريليون دولار بنسبة 55% من الناتج الإجمالي العالمي وتتأثر بنسبة 50 % من حجم المبادلات التجارية العالمية بنحو 3400 مليار دولار، وقد انخفضت التعريفة الجمركية لمجموعة دول الأبل بنسبة 15 % في حوالي 14 دولة بشكل تطوعي دون الالتزام بازالة الرسوم الجمركية.
|