Saturday 19th july,2003 11251العدد السبت 19 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هضمت حق المرأة بمعادلتك المقلوبة!! هضمت حق المرأة بمعادلتك المقلوبة!!

حاول المرزوق في اطلالته الكاريكاتورية المعتادة «الجزيرة عدد 11212» ان يعزف على وتر التوتر بين الزوج وشريكة حياته الموظفة عبر مشهد تراجيدي يتجلى فيه الزوج المغلوب على أمره وهو يقطع البصل لإعداد الغداء لزوجته التي لم يعجبها تكاسل الزوج.
هذا المشهد المأزوم لا يعكس أبداً واقع الحياة الزوجية لدينا التي يبدو فيها الرجل أكثر هيمنة وأشد سيطرة على مفاتيح الحوار فضلاً عن الاستحواذ على فضاء الموقف الأسري.. فالزوج حتى ولو كان عاطلاً يرى ان مجرد السماح للزوجة بالعمل معروف نادر وصنيع ينبغي ان تقابله الزوجة بالتبجيل والاعتراف.. وما فتئ يذكّرها بهذه التضحية الفريدة ويمنّ عليها حتى وهي تنفق عليه وتصرف على المنزل المنكوب بصاحبه.. المترهل بآثار السخرية والمنة.. وهي على أية حال لابد ان توفّر البديل للقيام بأعمال المنزل ومسؤولياته ومن ثم تضطر إلى «الخادمة» وتلجأ كثيراً إلى المطاعم لتوفير غذاء الزوج الذي يفتش عن دوائر العتاب والتأنيب.
من هنا جاء كاريكاتير المرزوق وفق معادلة زوجية مقلوبة.. هضم حق امرأة مغلوبة وقدّم العلاقة بين الشريكين من زاوية حادة لم ترأف بحال شريحة واسعة من النساء العاملات اللاتي يقمن بالمطالب في زمن المخالب.. وينفقن على رجال أثقلهم الاسترخاء واتكأوا على رواتب زوجاتهم.. فكانت أنصبتهم وافرة ومن ثم كان على الزوجة العاملة ان تمارس عملية توزيع معتاد ارضاء لزوجها ومساعدة لأهلها فضلاً عن راتب الخادمة ومصاريف المنزل التي لا تنتهي..
ولا أدري عن سبب هذا التسلّط الرجالي تجاه الزوجة العاملة حتى ولو قامت بعملها على أكمل وجه.. وبعض الرجال يرى بأن المرأة العاملة تمارس مهنتها على حساب بيتها وزوجها وأولادها فهي ليست زوجة كاملة وتجده يقيم المقارنة الدائمة بينها وبين نساء غير عاملات يعتقد بأنهن كاملات..
وعلى أية حال لابد أن نعترف بأن هؤلاء الموظفات في غالبهن يقمن بتضحيات ويمارسن انفاقاً ويسهمن في تكوين لبنات المنزل لينهض بمسؤولياته.. فالظروف هي التي تجعل الواحدة منهن تعض على أطراف الوظيفة وإلا فالمرأة تستنزف كثيراً من مجهودها البدني تحت سقف الوظيفة وفوق ميدان العمل وتضغط على أعصابها محاولة احتواء مواقف الزوجية واستجلاب رضا الزوج الذي ربما اتهم العمل بسرقة اهتمام الزوجة.. هكذا هي معاناة كل زوجة عاملة: مشاعر تختلط فيها خيوط الألم بالأمل.. وأحاسيس تتوزعها قنوات شتى.. وهواجس تفيض بذهن مكدود.. تحت لظى المجهود.. وهي بالطبع لم ينهكها الجوع كما أشار كاريكاتير المرزوق بل اتعبها المسؤولية المضاعفة وأمواج التشتت بين هموم العمل ومتطلبات المنزل.. ولم تزل تحتفي بمفردات بيتها الأسري قدر الإمكان.. عفواً ادرك ان تلك المرافعة قد تغضب بعض الرجال لكنها الحقيقة التي غابت في فضاء ايحاء كاريكاتوري عابر.. تجاوز خطوط الموضوعية والانصاف..
من حقنا ان نقف وقفة تقدير أمام كفاح حواء ومساواتها الرجل في البذل والعطاء.. ونثمّن تضحياتها.. وصبرها أمام فاتورة باهظة من المصاريف.. وبخاصة أنهن في مرحلة البدء أو الاستهلال الوظيفي.. ولن تعجز حواء العاملة عن احتواء الموقف العائلي والاجابة عن تساؤلاته وتسيير مراكبه.. فقط شيء من الفهم والتجاوب من قبل الرجل الذي عُرف بنزعة فرديّة ورغبة التفرّد بقوى الزوجية.. عليه ان يدرك ان المرأة لا تنظر إلى العمل على انه نزهة أو دائرة متعة وهناك نساء غير عاملات يحظين بترف من أزواجهن اكثر مما تجده جموع من العاملات الكادحات.. اللاتي لا وقت ولا جهد لديهن بعد الرجوع من العمل لفتح تحقيق مع الزوج.. وهن لا ينتظرن تقطيع البصل.. ولا سماع أشعار غزل.. فلسن في زمن الترويض.. أو البحث عن الأحرف المفقودة في لغة المواقف اليومية.. فخريطة الزوجية اكثر امتداداً وأشد اعتدادا بمبادئ الرحلة المباركة..
ولم يبق إلا ان ندع حواء وهي تحمل مفاتيح العمل ترتّب حقيبتها الأسرية بعيداً عن أعين الرجل الذي ربما أقام «برج مراقبة» يرصد فيه هفوات الزوجة ويجيّر الزلات الانثوية البسيطة مديناً العمل ومتهماً الوظيفة بالاخلال بعطاء الزوجة.. فرفقاً بالمرأة الكادحة.. يا أصحاب العقول الراجحة.

محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة ص.ب 915

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved