بُني الإسلامُ على كلمتين هما دعامتاه الأساسيتان: كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة، أمّا الأولى، فقد كانت دعامة أساسيّة لجميع الشرائع السماوية وبخاصّة الإسلام، قال سبحانه {وّلّقّدً بّعّثًنّا فٌي كٍلٌَ أٍمَّةُ رَّسٍولاْ أّنٌ اعًبٍدٍوا اللَّهّ وّاجًتّنٌبٍوا الطَّاغٍوتّ}.
وأمّا الثانية، فهي الدعامة القوية التي يقوم عليها صرح الإسلام خاصّة، بل هي الركن الوثيق لنشر تعاليمه، والعامل القوي لبقاء كيانه.
وقد قام رسول الإسلام العظيم محمد - صلى عليه وآله وصحبه وسلم - بارساء تينك الدعامتين، فاهتمّ في الفترة المكّية بمكافحة الكفر والإلحاد والشرك والوثنية، وزرع بذور التوحيد في العقول، وغرس روح الوحدانية في النفوس.
وافتتح الفترة المدنية بتطبيق الثانية (وهي توحيد الكلمة) حيث آخى بين المسلمين مهاجرين وأنصاراً، جُدُداً وقدامى، وظلّ طوال حياته الشريفة يدعم بكل الوسائل هاتين الدعامتين حتى كوّنَ من المؤمنين برسالته والسائرين تحت رايته، أُمةً واحدةً قويةً جسَّدت ما قاله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد (الواحد) إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسر بالسهر والحمّى.
وبفضل هاتين الدعامتين اللتين كانتا منشأ للوحدة الفكرية والوحدة الاجتماعية استطاع المسلمون أن يتغلبوا على خصوم الرسالة الإسلامية وأعدائها، ويزيحوا جميع الموانع والعراقيل من طريقها، ويضمنوا انتشارها، بل وبقاءها، رغم كيد الكائدين، ومؤامرات المعارضين.
وبقيت الأمة على وحدتها وتماسكها قروناً عديدة حتى أطل القرن السادس وتلاه السابع، كانت البلاد الإسلامية تعاني من هجومين شرسين مدمرين عليها، على أيدي عبّاد الصنم (التتر) من ناحية الشرق، وأتباع الصليب (المسيحيين) من ناحية الغرب، ذينك الهجومين اللذين دمرا الكثير من أسس الحضارة الإسلامية ومظاهرها ومعالمها من جانب آخر.
فيما كانت هذه هي حالة الأمة الإسلامية وحال بلادها.
ولكن في مثل هذه الأيام خرجت لنا فئة شاذة تدعي أنها تطبق الإسلام آراؤها شاذة بلبلت أذهان المسلمين، ومزّقت وحدتهم، وفرّقت جماعتهم وأوقدت نيران الفتنة في مجتمعهم، ذلك في الوقت الذي كانت الأمة الإسلامية أحوج ما تكون فيه إلى توحيد الكلمة، ورصّ الصفوف لمواجهة الخطر الذي يهدد كيانهم من الأساس، ياليتهم فهموا مفهوم توحيد الكلمة لما كان هذا حال المسلمين في يومنا هذا.
لذا نطالب الواعين من ولاة الأمر والعلماء من مختلف المذاهب والطوائف الإسلامية، أن يتصدوا لهذا التيار بشدة، حتى تهدأ الضجّة، وتخمد نيران الفتنة.
نسأل الله أن يقي المسلمين وبلادهم شر كل من أشعل الفتنة وأتى بالإرهاب لهذه البلاد الطاهرة وجميع بلاد المسلمين.
والحمد لله رب العالمين.
|