الولد الخجول:
هو الولد الذي لا يكاد يصادف نظره نظر غيره من الناس حتى تحمر وجنتاه ويتلعثم لسانه وينخفض نظره ويلتمس ملاذا يختبئ به، وكأنه يتمنى لو تنفتح الارض وتغيبه عن الأنظار! واذا رجع إلى البيت وأراد أن يقص على أبويه ما جرى له في المدرسة، ارتبط لسانه واختلجت شفتاه وربما تورقت عيناه بالدموع فتوارى إلى زاوية من زوايا البيت وأقام بها متمنيا لو يكون نسيا منسيا..
واذا تفحصت أمر هذا الولد على غير علم منه رأيت أنه أشقى الناس وأنه يود لو تمد له يد مغيثة للخروج به من هذا الوضع لمعاونته على التعبير عما يدور في مخيلته من خواطر قد عجز لسانه عن اخراجها.
واذا ترك وشأنه مدة طويلة أصبح يبغض كل من حوله متوهما انهم جميعا «أشرار» لا يبتغون سوى تحقيره!! وهذا خطر الخجل الأساسي، لان الولد لا يلبث أن ينطوي على ذاته وينعزل عن الآخرين.
لذلك ينبغى للأهل أن يحللوا أسباب الخجل لدى ولدهم ثم ان يكافحوها، ومن الاسباب الاولى صعوبة التعبير عن الأفكار، فمن الاولاد من ليس لهم المقدرة على سلاسة التعبير، فاذا تضاحك الأهل أو الرفاق كلما سمعوا الولد متلعثما في محاولاته، زادوه خجلا على خجل، فأصبح يخاف أن يفتح فمه بالنطق خشية التعرض للسخرية.
والسبب الآخر هو حساسية فوق عادية لدى بعض الاولاد، تجعلهم ينقطعون عن بيئتهم ولا ينسجمون مع الاوضاع الجديدة المحيطة بهم، وأكثر ما يحصل مثل ذلك يوم ميلاد أخ أو أخت للولد الذي كان حتى الأمس منفردا بحنان والديه، أو يوم الانتقال من منزل الى آخر وتغيير البيئة المدرسية.
عندئذ ينبتر وصال الولد مع عاداته السابقة وبيئته القديمة فينطوي على ذاته ويلوذ بالصمت.
وهو مظهر الخجل، ولهذا ينبغي للأهل أن يقفوا على أسرار نفس الطفل فيبادروا إلى تفسير الاوضاع الجديدة له كي يظل منسجما معها فمن محاذير الخجل أن الولد ينتقل إلى وضع نفسي معاكس فيعتصم بالشراسة والتهجم في أحيان فجائية، لكي يثبت لنفسه أنه غير خجول.
ولا يختلف في ذلك عن الكبار، فإن سلاح الخجول أيا كان انما هو الفظاظة والتهجم على الناس على حين غرة وبغير سبب!! اللهم الا السبب اللا شعوري أي اثبات الجرأة والشجاعة للذات.
| 
