* لواندا رويترز:
يرتدي جراسيلينو خرقا بالية قذرة، يمد ذراعه النحيفة إلى جيبه ليخرج زجاجة صغيرة مصنوعة من البلاستيك ممتلئة بسائل شفاف.
هذا السائل هو بنزين اشتراه بدولار واحد من السوق وهو كمية تكفيه لمدة تصل إلى ثلاثة أيام.
وقال الصبي البالغ من العمر 15 عاما «أضع البنزين على قطعة من القماش وأشمه، انه يجعلني أشعر بالنشوة لكنني أعرف انه يضرني ولذلك فانني سوف امتنع عن شمه».
يجلس جراسيلينو على جانب طريق بوسط ساو باولو وهي منطقة سكانها من الطبقة العاملة في العاصمة الانجولية لواندا يلعب الورق مع أطفال الشوارع الآخرين الذين تكشف جيوبهم عن وجود نفس الزجاجة التي تحوي السائل الشفاف.
وبينما يتمتع جراسيلينو بوضوح الكلمات والأفكار ربما لانه لم يبدأ الشم بعد في ذلك اليوم فقد كان من الصعب فهم الكلمات التي ينطق بها انجليس البالغ من العمر 16 عاماً.
تتحرك عيناه على غير هدى. ويقول «إنني أشعر ان لدي شجاعة.. يمكنني ان أضرب شخصاً وان أسرق وان أقتل وأغتصب .. ان أقتل رجلاً أبيض على درجات سلم ... إنني أشعر بألم في عيني .. أشعر بدوار».
ويتلاشى صوته ويتقدم صبي آخر ليتحدث. ويقول «ذات يوم كنت في مقلب قمامة وشاهدت امرأة تأتي وتلقي بطفل في وسط القمامة وجرت بعيداً لكن الناس أمسكوا بها واقتادوها إلى الشرطة».
أطفال الشوارع هؤلاء أدمنوا أحد منتجات الخام الذي يجعل أنجولا بلداً غنياً جداً بالنفط أحد أهم المواد التي يسعى الجميع في العالم للحصول عليها.
هؤلاء الأطفال يقضون أيامهم هائمين في الشوارع يفتقرون للعلم والعمل ويعانون البطالة في بلد ينتج نحو 900 ألف برميل يومياً من النفط الخام كل 24 ساعة والحقيقة ان 70 في المئة من تعداد السكان البالغ 13 مليون نسمة يعيشون على أقل من 70 سنتاً يومياً.
وبينما توقف القتال الذي استمر ثلاثة عقود في انجولا في 17 إقليماً من أقاليمها الثمانية عشر فقد استمرت الحرب في جيب كابيندا الساحلي الغني بالنفط.
وتسببت الاشتباكات بين الفصائل لمتناحرة في «جبهة تحرير إقليم كابيندا-قوات كابيندا المسلحة» وبينها وبين القوات الحكومية في سقوط آلاف القتلى في السنوات الخمس والعشرين الأخيرة.
وقال لاندو نكاما رئيس منظمة جريميو ايه. بي. سي. وهي منظمة غير حكومية نشطة في كابيندا ان النفط من أسباب استمرار الصراع هناك.
وقال «المشكلة ليست في إيراد النفط ذاته وانما كيف تنفق الحكومة هذا الإيراد».
| 
