ربما استاءت كل أم رؤوم من مجرد طرح السؤال: فكيف يجوز لأحد من الناس أن يكون في ريب من حنانها وعطفها وبالتالي من معرفتها لكل زاوية من زوايا نفس ابنها وبنتها؟؟
غير ان الحب غير المعرفة وقد ينطوي الحنان على الكثير من الجهل. مثال ذلك بمناسبة رجوع الاولاد إلى مقاعد المدرسة، ان ابنك قد تقدم في العمر سنة منذ العام الماضي، وهل تبادر إلى ذهنك ما قد طرأ على حواشي نفسه الرقيقة من تغيير؟؟
قال خبير بالتربية: قلما يفطن الأهل لما ينشأ في نفس الاطفال من خوالج جديدة في مدة سنة. فليس أسرع من نمو الصبي سواء من الوجه البدني أو من الوجه العاطفي والفكري.
زد على ذلك أن الأهل ايضا يتغيرون من سنة إلى أخرى، ولا بد في مطلع السنة الدراسية من الجلوس ساعة والتحليل النفسي زيادة في المعرفة.
اجتناب الأبواب المطروقة:
لا يكفي الأهل أن يرددوا العبارات المطروقة والأقوال المستهلكة كي يظنوا انهم قاموا بواجباتهم أحسن قيام. ومن هذه العادات الشائعة أن يقتصر الأبوان على القول:
هذه البنت عنيدة، ولابد هذه السنة من كسر جموحها!
هذا الصبي شديد الحساسية، ولابد من ملاطفته واتباع أساليب ناعمة مخملية في معاملته هذه السنة.
إلى غير ذلك من نظريات ليس المقصود منها في النهاية سوى تسهيل الأمور والتماس راحة البال.. وهي الانانية بعينها.
وان شخصية الطفل معقدة أكثر من هذه التصنيفات البسيطة، لاسيما أنها، شخصية متبدلة سائرة في طريق النمو نحو صورتها النهائية التي ترتسم عامة في سن الخامسة عشرة.
لذلك ينصح خبراء التربية الأب والأم بأن يعقدا على عتبة السنة المدرسية «مؤتمر قمة» للنظر في وضع كل من الأولاد على انفراد، ثم ينبغي لهما تكرار هذه الجلسة التحليلية في نهاية كل فصل مدرسي، ومن المستحسن ان يحاول كلاهما الرد على بعض الاسئلة الجوهرية قبل توجيه الولد في سبيل من السبل، ومن هذه الاسئلة مايلي:
1) ما هو أظهر عيب من عيوب هذا الطفل، وأي عاداته أسوأ من غيرها؟
2) ما هي أحلى صفاته وكيف السبيل الى تنميتها وتشجيعه على ترسيخها واظهارها في مظهر عملي في حياته اليومية؟؟
3) هل يشتم من سلوكنا اننا نفضل ولدا على آخر ونثير هكذا نار الحسد والحقد في نفس أطفالنا منذ نعومة أظفارهم، ونحن لا نريد ذلك وانما يستنتجه الطفل من سلوكنا؟؟
4) هل يشعر الطفل بأننا نهتم بما يقوله لنا ولما يحققه من مشاريع سواء في المدرسة أو في المنزل؟ فان عدم الاكتراث يقع على نفس الطفل وقعا أليما موجعا. واذا لاحظ الطفل أن أهله يهملون كل ما يتحمس له في مخيلته الملتهبة بحجة أنه «صغير» فلا يلبث أن ينطوى على نفسه ويقف موقف الشك من مواهبه ومداركه فتضعف شخصيته. وتحصل الكارثة النفسية الكبرى اذا سمع أحد أبويه يقول له وقد زهقت روحه من الحاح الولد أو من «عفرتته».
لا رجاء منك ياولد!!.. وما أضيع التعب والجهد بتربية ولد مثلك!!..
5) لعل الولد انتهى في مراحل النمو البدني إلي مرحلة عصبية أو لعله يشكو مرضا خفيا، وهو سبب خموله أو تقلب طباعه، فهل يتبادر، هذا السؤال إلى ذهن الأهل؟؟ وهل يعرف الكثيرون أن الحالة البدنية، كحالة جهاز الهضم مثلا، لها أبلغ، تأثير على أخلاق الطفل؟؟ ان مجرد امساك في المعدة قد يغير صورة أخلاق الطفل وربما جعله فجأة سريع الغضب شرس الطباع سفيه الجواب.
6) مسألة أخيرة لابد للأهل من النظر فيها. هل نعرف أي الرفاق يعاشر ولدنا في المدرسة وخارج المدرسة؟؟ فان المعاشر مسألة جوهرية لأن الطفل مجبول على الاقتداء بما يراه حوله سواء في الخير أو الشر، وحسبما قال المثل السائر: «قل لي من تعاشر أقل لك من أنت».
|