تطل الجرائد المحلية صباح كل يوم وهي مليئة باعلانات المستشفيات والمستوصفات الصحية متضمنة الاعلان عن وصول رواد جراحة أو تخصص معين أو وصول أحد الأساتذة في الجامعات الأمريكية او الاوروبية او الاثنتين معا وربما في كل جامعات العالم!
اضافة الى ذلك هناك الاعلان عن قائمة الخدمات التي تقدمها هذه المراكز والتي تشبه الى حد كبير قائمة الطعام التي تقدم للزبون في المطاعم اذ لا فرق، فكل خدمة تقرن بسعرها، وما على الزبون في كلا الحالين الا ان يختار ما يراه مناسبا لصحته وميزانيته.
وتطور الامر بعض الشيء، وأصبحت مجموعة من هذه المراكز تقدم خدمات الماكياج والتزيين بما في ذلك تصفيف الشعر وتقليم الأظافر. وبما ان الصيف هو موسم السياحة والتخفيضات هناك أيضا عروض صيفية لبعض الخدمات ولم يتبق الا «اشتر عملية والثانية مجانا».
وما ينبغي ادراكه هو ان هذه المراكز تتعامل مع أمر هو من أثمن ما يملكه الانسان، وهي وان كانت تهدف الى تحقيق الربح في المقام الأول الا ان هذا لا يعطيها الحق في التلاعب بصحة الانسان واستغلال جهل المريض او طالب الخدمة بشكل أعم وعدم قدرته على تحديد مقدار حاجته الفعلية من الخدمات الطبية وعدم ادراكه وتقييمه بشكل دقيق لنوعية وطبيعة الخدمات المقدمة له. ومما لاشك فيه ان توافر أحد طرفي التعاقد على معلومات عن طبيعة السلعة او الخدمة غير المتاحة للطرف الآخر تعطي الاول مزية وقدرة تفاوضية تمكنه من استغلال الطرف الثاني، وفرض سعر أعلى من السعر السائد وان أوهمه بالعكس او تقديم خدمة ذات مستوى متدن.
أمر آخر لابد من مراعاته هو أن هناك اعرافا واخلاقيات لابد من أخذها في الاعتبار والالتزام بها عند الاعلان عن الخدمات الصحية وهذه الأعراف والأخلاقيات أصبحت قوانين وأنظمة في بعض الدول يعاقب من لا يلتزم بها. فمثلا لا يجوز لاعلانات المؤسسات الصحية أن تتضمن الخدمات التي تقدمها بشكل مفصل وكأنها محل بقالة إذ إن الخدمات المقدمة للأشخاص ليست متطابقة في كثير من الحالات حتى وان تطابقت في المسميات نظرا لعدم التماثل التام بين نوعيه المستفيدين كما يمنع الاعلان أيضا عن الأسعار او عن وجود تخفيضات أو عروض صيفية.
ولحل هذه الاشكالية فانه لابد من وجود هيئة او جهة تشرف وتراقب عمل المؤسسات الصحية وتتضمن عدم استغلالها لجهل طالبي الخدمة، وتنطلق في ذلك من وجود انظمة تلزم الممارسين بمراعاة آداب واخلاقيات المهنة. علاوة على تدريس مقررات في الكليات الصحية خاصة بأخلاقيات المهنة والضوابط الشرعية الواجب مراعاتها من قبل الممارسين الصحيين عند قيامهم بعملهم، ويلزم الجميع - السعوديين وغيرهم - باستيعاب الانظمة والاخلاقيات والضوابط الشرعية التي يجب ان تراعي حال عملهم.
|