Tuesday 15th july,2003 11247العدد الثلاثاء 15 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

14/7/1390هـ - الموافق 15/9/1970م - العدد 311 14/7/1390هـ - الموافق 15/9/1970م - العدد 311
معرض الآراء
المجتمع العامل
بقلم: عبدالرحمن بن عبدالعزيز الصالح

«أرى الرجل فيعجبني فأسأل فإذا قيل لا مهنة له سقط من عيني».

«عمر بن الخطاب»
كنت أقرأ كتابا من كتب سيرة الخلفاء الراشدين فوقع نظري على قول عمر بن الخطاب الخليفة الثاني حيث جعل ميزان الرجل مهنته بصرف النظر عن مكانتها في المجتمع طالما هي محترمة في نظر الإسلام.
إن اليد العاملة في نظر الإسلام يد محترمة لأنها تعمل فتسد عوزها وتقدم خدمة للمجتمع وشر المكاسب في مفهوم الإسلام كل كسب يأتي عن طريق السؤال للناس ان شاؤوا اعطوا وان شاؤوا منعوا والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليأخذن أحدكم حبله ويحتطب ويبيع خير له من سؤال الناس ان شاؤوا اعطوه وان شاؤوا منعوه».
ان بلادنا ولله الحمد متوافرة فيها فرص العمل الحر وكذلك أعمال الاجور وزيادة على هذا صدور نظام العمل والعمال الذي شرعته الدولة حماية لصاحب العمل والعامل الممتهن ومعاهد التدريب المهني مفتوحة ابوابها تؤهل الدارس فيها لاعمال فنية كأعمال الحدادة والنجارة والبناء وسواها، ان مثل هذه المهن التي توليها الدولة عنايتها مازالت عند السواد الاعظم من الناس في مجتمعنا مهناً ممقوتة يدخل فيها الحسب والنسب، يقال للعامل فيها كيف تعمل نجارا او حدادا او بناء وأنت فلان بن فلان واسرتك لا تعرف هذه المهنة وليست من مهن الآباء والأجداد؟!
ان من يقول بهذا القول ويؤمن به محتجا بالإسلام فالإسلام منه براء والاسلام يعلم المهن ويحب كل يد عاملة وما أبطال الإسلام الاوائل إلا عاملون فالرسل والأنبياء من نوح حتى محمد - صلى الله عليه وسلم - كل منهم صاحب مهنة، فداود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما لا لشيء إلا ليعمل في يوم الافطار طلبا للرزق الحلال ومحمد - صلى الله عليه وسلم - كان راعيا للأغنام في بطاح مكة، حيث هرع الى العمل مسرعا ولم يقبل ان يعيش في كنف عمه ابو طالب.. ومع هذا كان رسولا لآخر أمم الدنيا، والصحابة رضي الله عنهم منهم من كان نجارا ومنهم من كان بزازا، فعمر بن الخطاب كان بزازا يبيع القماش وقد اعز الله الإسلام باسلامه. ان شباب مجتمعنا هم اليد العضيدة للدولة في مضمار تحقيق امتهان المهن التي يحتاجها مجتمع هذه البلاد.. نظام العمل والعمال صدر ومعهد التدريب فتح من قبل، ولكن الاقبال على العمل الحر والتدريب لم يقم على قدم وساق.
كم يثلج الصدر ويرفع الرأس عندما نرى شباب بلادنا يعملون أعمالاً مهنية كالحدادة والنجارة والبناء.
ان ايمان بعض الناس بانتاجنا مازال قليلا مع أنه يفوق سواه صنعا ونوعا وقوة ومتانة سواء كان ذلك الانتاج مصنوعا وطنيا او يداً عاملة - وليس هذا فحسب حتى الدارسين في جامعاتنا ومعاهدنا يتفوقون على سواهم في نفس الدراسة والتخصص لأن منهاج الدراسة عندنا منهاج متكامل فيه واقع الحاضر وعدة المستقبل.
وبعد: هل ننزل من صور مع الخيال الى صور مع العمل في عراك الحياة الدائب؟ ونستغل كل ما هيأته الدولة في مضمار العمل المفيد؟ فرص العمل مواتية ولكن الشباب محجمون.
ودعوة لمدرسينا الافاضل الذين يقومون على تعليم النشء وهم بعد على مقاعد الدراسة عليهم ان يحببوا العمل المهني للكلية والدارسون عليهم تعليم الناشئة حب العمل والإنتاج.. ان أسباب التطور تؤخذ من صغار الأمور ثم من كبارها.. والشاكون من وقت الفراغ لا يجدون بديلاً؟ المتسعكون في الشوارع والجائبون لها عرضا وطولا، ألا يجدون البديل عن ذلك؟
اننا لنرجو ان يكون البديل خيراً. وأخيراً يجب ألا يتخذ الإسلام حجة في كراهية الأعمال المهنية فالإسلام يحب العمل اليدوي والمهني بالذات، ويقول المثل «صنعة في اليد أمان من الفقر».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved