اتحفتنا كلية الآداب في جامعة الرياض بأول مطبوع تصدره جمعية التاريخ والآثار في سلسلة مطبوعاتها مستهلة بمقدمة لسعادة الدكتور عبدالعزيز الخويطر وكيل جامعة الرياض اشاد فيها بأهمية الآثار في حياة الأمم وعراقتها في الوجود الحضاري وما امتازت به المملكة العربية السعودية من التنوع الحضاري لآثارها نتيجة اتساع رقعتها وتباين اجزائها جغرافياً.. وعرض بإيجاز المحاولات الجادة لجمع آثار المملكة والجهود التي اخذت تبذل في هذا المضمار.
وفي الحقيقة فإن هذا المطبوع النفيس علمياً وأدبياً وتاريخياً يعتبر نموذجاً وطليعة لأبحاث ومنشورات موسوعية قادمة نأمل ظهورها تباعاً في المستقبل القريب لتكون مرآة صادقة لما خطته الجامعة الحديثة من خطى سريعة جدا وحثيثة بحيث صارت في سنوات قليلة تواكب ارقى الجامعات وأقدمها في الشرق العربي نتيجة الحركة الناهضة والمجهود الكبير المخلص والجهاز العلمي التدريسي المضطلع بأعباء زرع الثقافة العليا في النشء السعودي الطالع الذي يعتبر من اجود مجموعات العناصر العلمية والتربوية كفاءة وشهرة والمتصفح لمحتويات باكورة انتاج جمعية التاريخ والآثار هذه والمطالع لها يجد حقيقة هذا التحليل ووضوحه فإن الأقلام والأفكار التي وضعت المحاضرات القديمة المفيدة هي صفوة الاساتذة وعلماء التاريخ والمتخصصون في فروعه، منها مقال عميد كلية الآداب الدكتور عزة النص بعنوان «التقديس وآثاره الجغرافية» وما تضمنه من معلومات تدور حول تقريب الجغرافيين المحدثين لفهم الانسان واستكشاف ممكناته الذاتية وطاقاته الهائلة وتحليل التيارات الفكرية والمعتقدات والمقدسات والطبائع والامزجة والعادات البشرية وانضواء هذه جميعا على الغلاف الخامس الذي يحيط بكرة الارض وهو الغلاف الروحي او الكرة المفكرة الى آخر حديثه العلمي المفيد.
وانسياقاًً مع أبحاث هذا المطبوع الممتع يمر القارئ على محاضرة الدكتور عبدالرحمن على الحجي القيمة حول الآثار الإسلامية في الاندلس ثم اضواء جديدة على تاريخ الخليج العربي الحديث بقلم الدكتور عبدالرحمن محمد امين والمحاضرة العلمية التاريخية لرئيس قسم التاريخ الاستاذ الدكتور محمود الأمين بعنوان «المدرسة والتعليم في بلاد الرافدين»، وتقويم جديد للدعوة العباسية للدكتور فاروق عمر ثم لمحات عن القبائل البائدة في الجزيرة العربية لرئيس جمعية التاريخ والاثار سعادة الدكتور عبدالرحمن الطيب الانصاري ختم به موضوعات هذا السفر النفيس في حديثه عن قبائل عاد وثمود وطسم وجديس بمعلومات تاريخية مصادرها الكتب السماوية وحديث النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - ومأثورات العرب من شعر وانساب.
ولا نجافي الواقع اذ قلنا ان هذه الخطوة الموفقة لكلية الآداب وجمعية التاريخ والآثار فيها ستكون بداية وقدوة لإنتاج الوفير من امثال هذا المطبوع الأول مما يفتح آفاقاً جديدة ومجالات حية لرفع مستوى العلم والمعرفة والثقافة لدى أجيالنا الناشئة الطموحة وبارك الله في جهود العاملين.. وشكراً للدكتور الانصاري رئيس الجمعية على هديته القيمة حقاً.
|