إن إضفاء الصبغة العلمية على الإدارة إنما يتأتي من كون الادارة قد استفادت كثيراً من العلوم الاخرى، سواء كانت طبيعية ام اجتماعية/ إنسانية الخ. والإدارة العلمية كتعريف عام تعني أحد المداخل الكلاسيكية في الادارة، وتبعاً لما وضعه فردريك تايلور، فان غرض الادارة العلمية، هو ايجاد «الطريقة المثلى والوحيدة» لاداء المهمة، وبعد ذلك الاختبار بشكل علمي للافراد، والتزود بالحوافز لضمان اداء المهمة بشكل مناسب، وباللجوء إلى كل العلوم ودمجها بالإدارة.. او انتقاء ما يلائم الإدارة من علوم والإفادة منها، يصبح لدينا مصطلح «الإدارة العلمية - Scientific Man - agement.
اما اسلوب استخدام هذه العلوم في حقل الادارة فيسمى بمصطلح «الطريقة العلمية» - Scientific Method .
وكأي طريقة علمية، فان هناك خطوات ينبغي اتباعها في اطار البحث العلمي «المنهجية»، وتطبيق ذلك في الادارة، مع التركيز على ان هذه المنهجية ينبغي ان تمر بمراحل رئيسية هي:
1- دراسة الموقف «محيط المشكلة».
2- التحري التمهيدي «او مرحلة تكوين الفروض».
3- مشروع البحث الجنائي.
4- جمع البيانات والاحصائيات.
5- احصاء البيانات.
6- التحليل والتفسير.
7 - عرض النتائج.
8- المتابعة.
فالمرحلة الاولى، او الخطوة الاولى، تبدأ بتحديد طبيعة المشكلة او الظاهرة المطلوب حلها، وهذا لا يتم الا من خلال دراسة محيط المشكلة. اي ان يلم المدير الماماً تفصيلياً وشاملاً بالعوامل الداخلية والخارجية التي قد يعتبرها مسؤولة عن حدوث المشكلة. لكن على المدير أن يحدد المشكلة الرئيسية لكي يتمكن من ربطها ببيئتها الداخلية والخارجية.
ثم تأتي مرحلة تكوين الفروض بعد أن يكون المدير قد كون صورة واضحة عن حالة «المشكلة» او «الظاهرة» مما يمكنه من تكوين فروض يقوم عليها مشروع البحث العلمي، اما في المرحلة الثالثة، فان الشكل النهائي لاغراض الدراسة ينبغي ان يكون قد تحدد، بعد دراسة واستعراض هذه الفروض، يصار الى تقليصها، ثم تصاغ في قالب مناسب وتصبح هدف البحث.
وتحتم الطريقة العلمية على المدير هنا أن يقوم بجمع البيانات والاحصائيات الاولية والثانوية عن الظاهرة موضوع البحث.
فالمعلومات الاولية تجمع اصلاً لاغراض البحث الجاري وتتعلق بصلب المشكلة او الظاهرة وتكون على شكل خامات معدة للتجهيز، اي انها غير جاهزة، وعلى المدير أن يجهد نفسه للحصول عليها، اما البيانات الثانوية، فهي معلومات قد لا تتعلق بصلب المشكلة تماماً، لكنها مفيدة للبحث، وتكون المعلومات الثانوية في الغالب منشورة وجاهزة للاستعمال.
ثم يصار الى تبويب البيانات المجمعة على شكل إحصائيات ليتمكن الباحث عندئذ من تفسير هذه المعلومات واستخلاص النتائج المهمة منها، وفي الغالب لا تتم هذه المرحلة الا بعد تحليل علمي متعمق للبيانات والاحصائيات باستخدام المنهجية العلمية.
ومن خلال هذه البيانات والاحصائيات المبوبة والمصنفة يمكن للباحث او المدير ان يصل الى اجابة اولية عن مدى صحة الافتراض الذي يقوم عليه البحث. وقد يضطر الباحث الى تعديل الاجابة الاولية في صورة حل نهائي للمشكلة اذا ما اتضح فعلاً صحة الاجابة الاولية، وعند دراسة النتائج الاحصائية:
1- يعير الباحث اهتماماً خاصاً لدراسة ما بين بعضها والبعض الآخر من علاقات.
2- يقوم بوضع تفسيرات لما اكتشفه من هذه العلاقات «على شكل استنتاجات مبدئية».
3- توضع هذه الاستنتاجات المبدئية هي الاخرى محل الفحص والتمحيص للتثبت من تأييد مختلف الحقائق لها.
4- بعد التأكد تصبح الاستنتاجات نهائية واساساً لوضع التوصيات.
والتوصيات ينبغي أن تكون في صلب اهداف البحث، وتكون في صلب مشكلة البحث موضوع الدراسة.. وتكون محددة وقابلة للتطبيق «التنفيذ»، وأن تكون مستندة على الادلة والبراهين «فهذا يشجع الإدارة العليا على الأخذ بها».
|