مصيبتنا بفقد الوالد المربي عظيمة، وكربنا شديد، وهمنا كبير، ولكن أملنا بالله أعظم وأشد وأكبر. إن القلب ليحزن والعين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.
ترتجف أصابعي ويخفق قلبي وتغيب كلماتي ولا عجب فما بداخلي لا يعلمه إلا الله وكأنما انتزعت قطعة من فؤادي انهارت معها مشاعري واهتزت أحاسيسي ولا يهوِّن ذلك كله إلا اننا نستودعه الله سائلينه جل وعلا ان يعامله بما هو أهله مغفرة ورحمة لا بما نحن أهله.
اكتب هذه الكلمات وأنا استمع الى نداء الله أكبر عالياً مجلجلاً من مآذن الجامع الذي كان همه وشغله الشاغل إكماله في أيامه الأخيرة أسأله سبحانه ان يجعل قبره روضة من الجنان وان يغفر له ويرحمه عدد ما حج حاج ومعتمر سالكاً طريقاً اجتهد في إتقانه موصلاً لبيت الله الحرام، وأن يعفو عنه عدد كل شعرة هدي او فدي وكل نقطة دم تراق يوم الحج الأكبر.
غرس مبادئ عظيمة وأصولاً جليلة. كتاب الله كان دليله وقائده وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم كانت نبراساً له. الالتزام بالدين والحفاظ على الأركان وبر الوالدين وصلة الارحام وحسن الخلق كانت نصائحه العذبة التي ما زال صداها في آذاننا سائلة الله ان يعيننا على العمل بها وألا يحرمه الأجر والمثوبة وأن يعين ابناءه واخوانه واحباءه على تسخير ما خلف في طاعته وألا يكون للمعصية سبيل إليهم.
نعاه الصغير قبل الكبير وبكاه الفقير قبل الغني. ودعناه لسفر اجازة وراحة واستجمام فكان وداعاً غير الوداع ورحيلاً غير الرحيل اسأل الله ان يجعلها راحة وسعادة واطمئناناً الى يوم يبعثون وأن يغفر له ويرحمه ويبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وأن يجمعنا به في مستقر رحمته ودار كرامته آمين.
|