بصراحة لم أتمكن من كتابة الجانب الإنساني من كتاب همسات العاشقين كما وعدت لأن الكتاب بعيد عني في الزمان وليس لي عليه باب حتى أتحايل على محتوياته بقراءته ثم قراءته أكثر لأقتنص منه ما يمكن ان يكتب دون ان يجلب أي مشاكل، فسطوعه في ذاكرتي لا يعني انني احفظه صماً ولكني في أحسن الأحوال قادر على عرضه بصفة عامة لا تكفي مع الأسف لفرز محتوياته المتناقضة المتداخلة، فالكتاب يحتوي، حسبما أتذكر، على كمية لا بأس بها من الحب إلا ان الكشف عنها يحتاج إلى روافع هائلة حتى نزحزح الضوابط التي راكمها المؤلف.
عندما قررت ان اغلق الموضوع نهائياً لاحظت شيئا ربما لاحظتموه أيضاً في مقال يوم امس الأول وهو تكرار كلمة «ضوابط» حتى أضحت نغمة نشاز في المقال كله، هذا ليس ذنبي وليس رداءة في اسلوبي وإنما طبيعة الموضوع فرضت الضوابط والتحدث عنها والاكثار منها.
عندما بدأت الناس تتداول على سبيل المثال مسألة نزول الفياجرا لأسواق المملكة قبل أربع أو خمس سنوات فجع عشاق الضوابط من أمثال مؤلف همسات العاشقين بعد ان تحسسوا ان احلام جماعة «ماش ما هناش» في العودة إلى خط الحب الإنساني قارب على التحقق، فالوعود التي أزجتها شركة فايزر والكتابات الصحفية التي شاركت في الزفة جعلت الأمر لا يمكن السكوت عنه، كيف والحب اصبح وشيكا فانبرى كل من له خبرة في تصميم وصناعة الضوابط ليدلو بدلوه، فتعطل أصحاب «ماش ما هناش» فترة طويلة إلى ان انتهى الضوابطيون من تصنيف الضوابط التي لم يطبق منها شيء أثناء التداول، ولكن فزع الضوابطيين أخر قرقعة قوارير الفياجرا اكثر من ستة أو سبعة أشهر من انتشارها في العالم حتى سبقتنا قرى الهند القصية.
إذا لم يكن الذنب ذنبي في تكرار كلمة ضوابط وإنما هو ذنب الموضوع المبني عليه الكتاب الذي بقي سنوات طويلة محشوا في ذاكرتي، فالشيء يرد إلى الذهن بقرينة، فصاحب كتاب همسات العاشقين لم ينطلق من فراغ فتاريخه الشخصي يشي بذلك، عندما جاء إلى المملكة كان يلبس سترة وبنطلوناً ويشرب الدخان في الهواء الطلق وبقدرة قادر لبس الثوب والغترة ثم استبدل بها الشماغ، وهكذا تطور حتى انتهى لابسا كل الضوابط التي ظهرت في كتابه المميز همسات العاشقين.
فاكس: غير موجود في الخدمة لأني خارج المملكة
|