الاكتشافات التي تمت حتى الآن في البحر الاحمر سلطت الاضواء على أهمية هذه المنطقة المغمورة التي تحدها بلدان منها ما هو منتج كبير للنفط كالعربية السعودية، ومنها ماهو في الطريق لان يصبح منتجا هاما كالجمهورية العربية المتحدة، ثم هناك اليمن والصومال واثيوبيا «الحبشة» والسودان، وكلها تسعى لدخول عالم الانتاج النفطي.
ونثبت في هذا العدد الحلقة الاولى من مقال ننشره على حلقتين هو ترجمة جيولوجية فنية نشرتها مجلة «وورلد اويل» بقلم روبرت ر. ويلر الاستاذ المساعد للجيولوجيا في لامار ستيت كولدج اوف تكنولوجي، بومونت ، تكساس، بعنوان:النفط في البحر الاحمر، هل هو ناتج عن «صدع او تحرك قارى»، وخلاصة الدراسة ان منطقة البحر الاحمر وخليج عدن قد تكونت نتيجة لتصدع الكتل الصخرية وليس عن طريق انتشار ارض المحيط او ما يدعى بالحركة القارية، كما تدل كثافة نتابع الصخور الرسوبية في سلسلة من الكتل الصخرية المتصدعة، وعمليات الحفر والتنقيب التي جرت مؤخرا، على أن المنطقة ذات امكانية جيدة لانتاج النفط.
ان الغاز والنفط متوفران في الجروف المغمورة التي تحيط بالبحر الاحمر، تشير الدلائل الجيولوجية الى وجود تتابع في الرواسب التي تبلغ كثافتها 12000 قدم والتي تعود الى العصر الجيولوجي الثالث والرابع، ويجب أن تشمل:
* خزانات ممكنة من النفط شبيهة بالقسم الذي يعطي انتاجا ممتازا في السويس.
* المحابس البنيانية المتعلقة مباشرة بالتاريخ التكتوني «تاريخ تشكل الصخور» لكامل النظام التركيبي للوادي الخسيف.
* التقارب التركيبي المتصل بها ومحابس الهيدروكربون.
وفيما يلي ملخص للجيولوجيا الاقليمية، والتاريخ التكتوني «تشكل الصخور» لمنطقة الفالق، والتركيبات التي تحت البحر كما هو مبين في خرائط قياسات الاعماق والجيوفيزياء وامكانيات تجمعات الغاز والنفط في المنطقة.
ان البحر الاحمر «الشكل 1» هو مقطع من تتابع طويل ومعقد لاودية خسيفية تحد شبه جزيرة سيناء عبر الاودية الخسيفية في قناة السويس والبحر الميت، وهذا التتابع يمتد شرقا عبر خليج عدن، وجنوبا عبر شرقي افريقيا مسافة 3000 ميل.
الجغرافيا الطبيعية
تحد الوادي في البحر الاحمر من الشرق والغرب هضاب السعودية واثيوبيا المرتفعة. وهذه الهضاب تنحدر باتجاه معاكس للبحر الاحمر كما تفعل الحلقات القشرية المرتفعة في سيناء «الى الشمال» والصومال « الى الجنوب» والمنطقة هي قبة «القنطرة السعودية - النوبية» تبدأ بالارتفاع من متقابل الميل الارضي في الخليج العربي وتقع نقطة دائرتها في مضائق باب المندب، وقد انهارت القشرة الارضية لتشكل خنادق عميقة من البحر الاحمر وخليج عدن.
واستمر عدم استقرار القشرة الارضية حتى وقتنا هذا، مصحوبا بالعوامل الزلزالية، والبركانية.
وتمثل الهضاب اليمنية والاثيوبية ارفع قطاع من القنطرة مع مرتفعات تصل الى 800 قدم وملامح بركانية ترتفع الى 15000 قدم فوق سطح البحر. و قد شقت الجداول السابقة بعمق المرتفعات الاثيوبية بأودية ضيقة، يصرف اغلبها مياهه نحو الغرب لتصب في منشأ النيل ا لازرق. وتوجد ضمن جدران هذه الاودية حمم السيوزويك، التي تعود الى العصر الجيولوجي الحديث والرواسب الطبيعية، والحجارة الرملية والكلسية التي تعود الى العصر الجيولوجي الاوسط «الميسوزويك»، والجزء القاعدي البلوري المتعلق بما قبل العصر الكمبرى.
وتنتشر فوهات تملؤها البحيرات على السهول المرتفعة، والسهول المنخفضة الواقعة الى الشمال في ا لسودان ومصر تنحدر شرقا الى المنطقة الساحلية في ارتيريا في اثيوبيا على حدود البحر الاحمر.
والى الغرب من السهل الساحلي توجد جبال الداناكيل «وهي مستهضب» وانخفاض داناكيل.
وكلاهما يشكل جزءا من نظام الوادي الخسيف العام «الشكل 2». وهي تمثل اقليميا تصدعا في الكتلة الصخرية ضمن قمع افار الذي يوصل خليج عدن «الى الشرق»، ووادي البحر الاحمر «الى الشمال» والاودية الخسيفة الافريقية «الى الجنوب الغربي»، هذه هي الملامح التركيبية الرئيسية التي لها اثر عميق على تاريخ تشكل الصخور «التكتوني» وامكانيات وجود النفط في المنطقة.
التتابع التركيبي
يتألف المقطع الترسبي، حيث امكانية تجمع الغاز والنفط، من حجارة رملية وكلسية ترجع الى العصر الوسيط «الميسوزويك»، وهذه التشكيلات تمتد بطريقة غير مطابقة فوق قاعدة بلورية تعود الى ما قبل العصر الكمبرى، تعلوها صخور طبيعية تعود الى العصر الجيولوجي الثالث، وصخور رسوبية وبركانية توجد تحت الرواسب السطحية التي تعود الى العصر الجيولوجي الرابع. وهي ملخصة ادناه بالنسبة لمنطقة داناكيل في القسم الجنوبي من البحر الاحمر «ارتيريا».
ومن الواضح ان فترة مطولة من الانبساط السهلي قد تبعت احداث تكون الجبال في العصر ما قبل الكمبرى بحيث انه لا يمكن التعرف الى اية رواسب من العصر الباليزويكى بين طبقة القاعدة البلورية ورواسب اوائل العصر الميسوزويكي في سلسلة ادايلو.
والاخير قد بدأ بالطبقات الطبيعية التي تعود الى العصر الترياسي «الحجر الرملي هو الغالب».
وتبعته الصخور الكلسية البحرية في العصر الجوراسي «محليا فيه احافير، ومحبب ذو اعضاء رملية رقيقة»، وانتهى في العصر الطباشيري المتأخر، وهو بأغلبيته صخور رملية غير بحرية - وهي علامات تعرف بصورة واسعة في الشرق الاوسط بحجر النوبة الرملي.
ان سلسلة ادايلو التي تبلغ سماكتها 3000-4500 قدم تحتوي على العديد من الوحدات الصخرية والتي من المحتمل ان يتوفر فيها النفط. هذه السلسلة كانت قد توزعت عبر الدرع العربي - النوبي ذي القاع المسوى قبل حدوث التقوس. وان وجودها او عدم وجودها داخل منطقة البحر الاحمر يتوقف على قضية الصدع او التحرك القاري فيما اذا كانت المنطقة قد نتجت عن صدع في الكتل الصخرية او انفصلت نتيجة انتشار في قاع المحيط في العصر الجيولوجي الثالث.
ومهما يكن سبب هذا، فانه قد بدأ في اواخر العصر الميسوزويكي او اوائل العصر الجيولوجي الثالث بواسطة ارتفاع وتقوس الدرع، صحبه تصدع وثورانات شقية، وهكذا، فقد قامت عملية التآكل التي عادت ونشطت من جديد، وعملية تصريف المياه بنقل قسم كثيف من الصخور الطبيعية الى المناطق المنخفضة من الترسب.
وتبلغ سماكة هذه الصخور الرملية وتجمعات سلسلة الدوغالى، التي تتداخلها سيول من الحمم ، حوالي 4500 قدم، وبفضل الموانع التي اعترضت التوزيع الذي تشاركه التخطيطات السائدة لطوبوغرافيا التصدع في الكتل الصخرية، فان سلاسل دوغالى تغطي الميسوزويك بعدم تطابق مزوى وتغيير سريع في السماكة.
وبنفس الطريقة فان صخور العصر الجيولوجي الثالث الاعلى «سلاسل ديسيت» توجد فوق صخور العصر الجيولوجي الثالث المنخفض بشكل مقلقل، وسبب ذلك استمرار التقوس والتصدع، وفي هذا الوقت، فان الملامح التركيبية الشائعة، مثل صدوع الداناكيل والاودية الخسيفية، كانت قد تركزت بحيث أن سلاسل الديسيت هي أكثر محلية وذات هيئات متغيرة وهي تحتوي على صخور طبيعية ذات بلورات صغيرة أكثر دقة، والمزيد من الصخور البركانية الاسيدية «الحمضية»، وصخور كلسية توجد قرب سطح الماء وصخور رسوبية كلما اصبحت الطرق البحرية اكثر حصرا وانكفاء. وان املاح البوتاس في «دالول» في انخفاض داناكيل تعود الى ترسبات تبخرية حصلت في اواخر العصر الجيولوجي الثالث.
وان البلستوسينى «ذو علاقة بالعصر الرابع الحديث الاقرب» وحتى الرواسب الحديثة الناتجة عن فعل المطر وصخور الطلحب الموجودة على سطح مياه البحر، والصخور الطبيعية التي تكثف المناطق المغمورة، قد يكون لها فائدة استكشافية، ولكن لا يعرف عن توزيعها الا الشيء القليل جدا.
ومن الواضح ان التصدع والعوامل البركانية تستمر كما هو ثابت من البراكين التي تنفث الدخان وتقذف الحمم الجديدة وحدوث الزلال السطحية في الطبقات العليا من الارض بصورة متكررة.
تاريخ تشكل الصخور «التكتوني»
ان التعبير عن التاريخ التركيبي هو وجود القنطرة السعودية - النوبية الكبيرة. فأثناء ارتفاعها في العصر الجيولوجي الثالث من قرابة سطح البحر في العصر الميسوزويكي المتأخر، تركزت الضغوط التمددية على جانب محورها. فقد فصل هذا بين طبقات القشرة الارضية وسمح بحدوث سلاسل معقدة من الصدوع، في الكتل الصخرية الممددة لتنهار الى ارتفاعات مختلفة بين المرتفعات الافريقية والعربية التي تحد البحر الاحمر.
وقد انخفض البحر في المقطع الاوسط الى حوالي 6500 قدم الى الغرب من مكة في السعودية. وهذا القسم من الاخدود العميق قد استرعى الانتباه بسبب اكتشاف ينابيع المياه المالحة الحارة المشبعة بالمعادن.
والمقطع الاوسط من البحر الاحمر كان قد خضع لسلسلة احداث بركانية متكررة وقد ارتفعت الرواسب البركانية علي طول الشقوق الوسطى والجانبية. وتكومت فوق سطح البحر ارخبيلات ومجموعات من التجمعات المحلية من الحمم البركانية تحت سطح البحر قد وضعت لها الخرائط بفضل عمليات سبر الاعماق وجداول قياسات الاعماق. وتسبب التضاريس الشديدة التحدر. ذات النماذج غير المنتظمة وفي البحار الضحلة، المغطاة بالطحالب والمرجان، في نشوء العديد من الصخور في المياه الضحلة او التي على سطح المياه.
ولما كان الخندق يرتفع شمالا نحو شبه جزيرة سيناء، وجنوبا نحو مضيق باب المندب، فان المياه المالحة الساخنة تنحصر في اعمق انخفاض يكون موقعه في الوسط.
وتحد الخندق صدوع فرعية في الكتل الصخرية، تكشفها ايضا خرائط قياسات الاعماق. وانتقالات الصدوع كبيرة وتذهب بصورة عامة الى اعماق الخندق، مما يدل على انهيار متقدم في كتل صخرية ضيقة بالنسبة الى السهول والهضاب المرتفعة التي تحيط بها.
وتظهر خريطة مفصلة لقياسات الاعماق للقسم الجنوبي من البحر الاحمر على ان ارض الخندق الاوسط قد ازيحت من مكانها بسبب الصدوع المتقاطعة وغزتها كوم الحمم ذات تضاريس طوبرغرافية شديدة التحدر، ولا يوجد اي دليل على أن الخندق قد ملئ برصف من بازالت قاع المحيط الذي انتج حديثا. وبالعكس فان له مظهر كتلة صخرية محورية مكسرة وذات انخفاض عميق من نوع انخفاض الوادي الخسيف.
ان الاستثناء للتنقلات المترابطة المنحدرة من السهول المرتفعة الى خندق البحر الاحمر يقع ضمن المقاطعة الساحلية في ارتيريا بأثيوبيا وهذه هي المنطقة ذات الاهمية الكبيرة بالنسبة لمسألة الحركة القارية: جبال الداناكيل وانخفاض آفار.
ترتفع جبال الداناكيل فجأة حوالي 6000 قدم فوق سطح البحر «بسبب انتقال الصدع» من السهل الساحلي للبحر الاحمر، والكثير من تعرض الصخور المعرأة يتألف من طبقة قاعدية تعود الى العصر ما قبل الكمبرى والرواسب البحرية من العصر الميسوزويكى.
وهذا المقطع القشرى مستهضب يمتد من خط الطول 14 درجة و 30 ثانية شمالا حوالي 200 ميل الى الجنوب الشرقي، حيث يغطس تحت الحمم ورمال الصحراء، وهذا المستهضب ينخفض الى الغرب حوالي 50 ميلا في انخفاض داناكيل المجاور له حيث انخسف السطح الى 280 قدما تحت سطح البحر في بحيرة اسال.
|