Sunday 13th july,2003 11245العدد الأحد 13 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
بصمة الطيف، وبصمة الطائف!
د. خيرية السقاف

تغريني كثير من المصطلحات الأدبية التي يستخدمها علماء البحث في الطبيعة وعلومها وتطبيقاتها، إذ كثيراً ما يسطون على ألفاظ الحالمين من الشعراء، والخياليين من الكتاب، ويبدو أنَّ اكتشاف الطبيعة الجميلة بسطوة مؤثراتها، وهيمنة جمالها، وطغيان موجبات التأثير والجاذبية فيها، ووعورة الوصول إلاّ عن أدق اللَّمحات، وأرق التفاصيل إلى تكويناتها البديعة، وتراكيبها المدهشة لا يتم إلاّ لذوي الخيال الواسع، والفكر اللمَّاح، والقدرة على القنص للمحة الطيف، وانبعاث النَّبض، والتنقل الخاطف الواعي مع منحنيات المختلفات الطَّيفية، وبريق الإشعاعات الغائرة والطائفة في هذا الملكوت الربَّاني الذي أبدعه الخالق العظيم، وقيَّض له قدرات ممتدة، تمتدُّ صلابتها، ولماحيتها من عظمة هذا الخالق العظيم في تركيب وتكوين عقلها وإدراكاته المتفاوتة وشعورها ومضامينه العديدة...
هؤلاء العلماء الأدباء، كثيراً ما نجدهم يستخدمون قاموس المبدعين من المعبّرين فالنبض أحد أهمِّ أبجديات تعبيرهم، والأطياف لا تغيب عن مضامين قنصهم والتكوينات ذات التفاعل مع النَّبضات، وانبعاث الفترات الزمنية، والتكوين الطيفي، وزمن النَّبضة، والبصمة الطيفية، كلُّها مع المنحنيات، والاختلافات الطيفية، والذرات الضوئية، والموجات الإشعاعية، والتفاعل الضوئي، وما يشابه بصمة الإنسان، ونبض وجدانه، وتفاعلاته الشعورية، كلُّ هذا القاموس البديع، المختار بعناية المبدع الشفيفة، وقدرته المتمكنة من الاختيار، وتوظيف العبارة للوصول إلى مكتشف جديد، أو تركيب باهر، أو تكوين بديع لما يحقق تلاحم منظومة الحياة في أنساق تركيباتها ضمن هذا الكون الذي خلقه الله تعالى وسأل الإنسان أن يسيح فيه، وأن ينفذ من أقطار سمواته وأراضيه بسلطان العلم، الذي لا ينفصل فيه العقل عن الاحساس، كلُّ ذلك يوحِّد دور العالم والأديب، فكلاهما يعبران ويغرفان من قاموس لفظي موحَّد يشترك في صنع مفرداته الإحساس والخيال.
إنَّ ذلك يذكرني بأجمل ما كتبه الأدباء (الرومانسيون) من أولئك الذين يحملون الألقاب العلمية التي تنأى بهم عن ساحات ركض الحالمين من الشعراء والأدباء إلى معامل التجارب والتطبيق...، وعن مقاعد الدراسة الأدبية إلى مراكز الدراسة التطبيقية.
ألا يذكرنا ذلك بكيف هي مشاعر الأم حين تلقي بجنينها، وتقف في دهشة النبض بإحساس التكوين لكائن لا حول لها فيه ولا قوة في صنعه، بينما هو منها، ومنسوب إليها؟
وأقارن بين هؤلاء الذي غابوا في ملكوت الفضاء، أو غاروا في أعماق الأرض، فولدوا إحساساً شبيهاً بما ليس لهم فيه حول ولا قوة.
وإنَّما يجتمع الكل على طاولة الشعور، والأفكار...
يطوفون بخيالاتهم، ولا يحلمون
وإنما يصنعون بالإحساس أجمل الأحلام...
تلك التي تنبض بها لفظة التعبير، بواقعية الأطياف، وتفاعل النبضات واختلافات الطيوف، وبصماتها التي لا تختلف عن بصمات الإنسان،
تلك طيفية... وهذه مادية...
ويبقى الذي يجمع الإنسان هو قدرة بديعة لخالق بديع...

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved