التدخين يعد من الخبائث لأنه ضار بالصحة ويؤدي إلى الهلاك وتبذير المال، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وّيٍحٌلٍَ لّهٍمٍ الطَّيٌَبّاتٌ وّيٍحّرٌَمٍ عّلّيًهٌمٍ الخّبّائٌثّ}.
فالتدخين هو السبب الأساسي لأمراض متعددة يمكن الوقاية منها وهو الخطر المدمر والمسؤول عن كثير من حالات الموت المبكر.
وقد أفادت منظمة الصحة العالمية انه بحلول عام 2020 قد يصل معدلات الوفيات إلى حوالي 10 ملايين شخص بسبب الإصابة بأمراض مرتبطة بالتدخين.
مكونات دخان السيجارة
يحتوي دخان السيجارة على أكثر من أربعة آلاف مادة كيميائية معظمها ضار بخلايا الجسم ومسبب للسرطان، وينقسم إلى مجموعتين: جزيئات عالقة أو غازات، ومن أهم هذه المكونات:
1 النيكوتين: وهو مادة سامة وتسبب ضيقاً بالأوعية الدموية وارتفاعاً بضغط الدم وسرعة دقات القلب نتيجة زيادة افراز الادرينالين، كما تسبب التصاق الصفائح الدموية مما يزيد من مخاطر حدوث جلطة القلب أو المخ هذا بالإضافة إلى تأثير النيكوتين على الجهاز العصبي.
2 اول اكسيد الكربون: غاز سام عديم اللون يتحد بهيموجلوبين الدم ويسمى كايوكس هيموجلوبين ويقلل قدرة كرات الدم الحمراء على نقل الاكسجين إلى جميع خلايا الجسم حيث انه يحل محل الاكسجين ويتحد بالهيموجلوبين بنسبة تفوق الاكسجين 200 مرة، دخان السجائر يحتوي على 2 - 6% أول اكسيد الكربون، وقد وجد ان نسبة كاريوكس هيموجلوبين تزيد في المدخنين حوالي 2 - 15% ولكن في غير المدخنين لا تتعدى النسبة الطبيعية 1%.
3 القطران: مادة سوداء مسببة للسرطان وتستخدم في رصف الطرق وتتواجد في دخان السجائر تجعل لون الرئة أسود وكذلك شفاه المريض.
4 مواد كيميائية أخرى مسببة للسرطان في دخان السجائر مثل: هيدروكربون، فينول، كريسول، بيتانفثالين امين، بتروبيرين، اندول، كربازول، نيتروزامين، هيدرازين وفينيل كلوريد.
5 مواد مثيرة وضارة للغشاء المخاطي المبطن للجهاز التنفسي: مثل استفالدهيد امونيا، اكرولين، فورمالين واكسيدات النيتروجين.
وقد أثبتت الأبحاث ان بعض هذه المواد الكيميائية الموجودة بالدخان يمتص مباشرة من الغشاء المخاطي للفم والأنف والبلعوم والقصبة والشعب الهوائية وبعضها يمتص عن طريق الدم، كما وجد ان تدخين علبة سجائر يومياً لمدة سنة يساوي 70 ألف نفخة دخان/ سنة، مما يعني التعرض المستمر للأغشية المخاطية بالجهاز التنفسي للدخان.
وقد أوضحت بعض الاحصائيات ارتفاع نسبة الوفاة 70% في المدخنين عن غير المدخنين «من كل 100 متوفى وجد 70 منهم مدخنين»، كذلك ارتفاع معدل الوفيات في الشباب وصغار السن بسبب التدخين، كما انه توجد علاقة طردية بين نسبة الوفاة وبين عدد السجائر، فترة التدخين، بداية من سن التدخين.
ففي الولايات المتحدة وجد ان حوالي 400 ألف وفاة مبكرة بسبب الأمراض الناتجة عن التدخين وأهمها سرطان الرئة والذبحة الصدرية.
وقد أثبتت بعض الأبحاث التي تمت في إيطاليا بالمؤتمر العالمي لصحة الرئة سنة 2000 زيادة عدد السجائر ثلاثة أضعاف يقابله زيادة في معدل حدوث سرطان الرئة ثلاثة أضعاف. ولكن زيادة فترة التدخين ثلاثة أضعاف يقابله زيادة في معدل حدوث سرطان الرئة مائة ضعف، مما يعني ان فترة التدخين اخطر كثيراً عن عدد السجائر بالنسبة لحدوث سرطان الرئة.
كذلك وجد ان مرض السدة الرئوية أو الانسداد الرئوي المزمن في الولايات المتحدة الأمريكية كان يمثل السبب السادس للوفاة سنة 1990 من ضمن أسباب الوفيات الأخرى، ولكن سنة 1996 أصبح يمثل السبب الرابع للوفاة مما يعني زيادة التدخين في هذه الفترة وارتفاع معدل الوفيات بسببه.
التدخين وأجهزة
الجسم المختلفة
التدخين يسبب أضراراً عدة بمختلف أجزاء الجسم ومنها:
الأمراض الصدرية:
عادة ما يشكو المدخن من سعال متكرر وبصاق وضيق بالتنفس وأحياناً صفير وازيز بالصدر نتيجة ضيق والتهاب مزمن بالشعب الهوائية بسبب التدخين، وغالباً ما يتحول تدريجياً إلى انسداد رئوي مزمن وتمزق بالرئتين الذي يتطور ببطء ويزداد سوءاً مع تقدم الوقت.
ويطلق على مرض الانسداد الرئوي المزمن بالمرض الصامت لصعوبة ملاحظة أعراضه وتطورها، ففي البداية قد يلاحظ المدخن صعوبة في التنفس عند ممارسة الرياضة مع شعور بالاجهاد الشديد وقد يعاني من سعال مزعج في الصباح وازيز بالصدر، هذه الأعراض قد لا تبدو خطيرة في البداية ولكنها قد تتطور لدرجة ان ممارسة أمور الحياة الاعتيادية كالمشي واللبس والأكل قد تسبب صعوبة شديدة في التنفس.
وقد أثبتت الدراسات ارتفاع معدل الوفيات في مرضى الانسداد الرئوي المزمن وتمدد الرئتين 5 25 ضعفاً في المدخنين من غير المدخنين، كذلك وجود علاقة طردية بين نسبة الوفاة من الانسداد الرئوي والتدخين. كذلك وجد اضطرابات في وظائف التنفس وضيق بالشعب الهوائية الرفيعة في المدخنين.
بعض الأمراض الصدرية الأخرى: التي قد تحدث بسبب التدخين مثل: الالتهاب الرئوي والانفلونزا، التهاب الحلق والحنجرة، حساسية الصدر والربو الشعبي، وفي بعض الدراسات التي تمت في الولايات المتحدة الأمريكية، وجد ان هناك حوالي 140 ألف حالة وفاة بسبب سرطان الرئة منهم 85% مدخنين، حيث إن تدخين علبة سجائر يوميا يزيد معدل حدوث سرطان الرئة 10 أضعاف.
كدلك التدخين قد يسبب أوراماً سرطانية أخرى مثل: سرطان الحنجرة والفم والبلعوم والمثانة، وسرطان الكبد والكلى ولوكيميا الدم، فالتدخين يمثل السبب الأساسي في حوالي 30% من وفيات الأورام المختلفة بالجسم.
أمراض القلب والأوعية الدموية:
التدخين يسبب الذبحة الصدرية المبكرة والموت المفاجئ في الشباب «30 35 سنة» نتيجة زيادة افراز الادرينالين وضيق الأوعية الدموية التي تغذي عضلة القلب وارتفاع ضغط الدم والتصاق الصفائح الدموية التي قد تحدث بسبب المواد الكيميائية في دخان السجائر.
كذلك التدخين قد يسبب ضيق الأوعية الدموية الطرفية وتصلب الشرايين وجلطة الساق.
أمراض المخ والجهاز العصبي:
التدخين يقلل نسبة الاكسجين في الدم وبالتالي يؤثر على خلايا المخ فتقل القدرة على التفكير والتركيز والتحصيل، هذا بالإضافة إلى تأثير النيكوتين على الجهاز العصبي وضيق الأوعية الدموية المغذية للمخ، كما اثبتت الدراسات وجود علاقة طردية بين حدوث جلطة المخ «الجلطة الدماغية» مع كمية وفترة التدخين وعدد السجائر.
التدخين والحمل والإنجاب:
التدخين قد يسبب تأخير الخصوبة وزيادة معدلات موت الأجنة والأطفال حديثي الولادة أو ميلاد طفل قليل الوزن أو قبل الأوان أو يتسبب في تأخير النمو العقلي والجسماني للطفل.
أمراض أخرى: قد يسبب التدخين بعض الأمراض المختلفة في الجسم مثل: قرحة المعدة والاثني عشر، هشاشة العظام في السيدات، اضطرابات أثناء النوم، الاكتئاب، الضعف الجنسي عند الرجال، كتاراكت «المياه البيضاء لعدسة العين»، كذلك تجاعيد مبكرة في الوجه.
التدخين السلبي
هو التدخين الذي يستنشقه الشخص غير المدخن بعدم ارادته والناتج عن الدخان الجانبي من المدخنين وقد وجد ان معظم ملوثات الجو من هذا الدخان الجانبي حيث انه يحتوي على نسبة أعلى من المواد الكيميائية عنها في الدخان الأساسي.وقد أثبتت الدراسات ان التدخين السلبي يسبب سرطان الرئة في غير المدخنين كما ان تدخين الآباء في المنزل يعرض أطفالهم إلى التهابات متكررة بالشعب الهوائية واضطرابات بوظائف الرئة وضيق بالتنفس.
د. محمد جلال
دكتوراه الأمراض الصدرية
|