* بريدة - عبدالرحمن الحنايا:
جاءت حادثة اطلاق النار من أحد أفراد دوريات الأمن بمدينة بريدة على أحد الشباب بعد أن رفض التوقف للدورية مما نتج عنه اصابة جاءت سليمة ولله الحمد.. لتثير تساؤلاً كبيراً وترسم حيرة أكبر لدى رجال السلطة الذين من ضمنهم رجال الامن العاملون والساهرون على حفظ واستتباب الامن، كون هذه الحادثة تندرج ان صح الوصف تحت الاشتباه «المصطنع» الذي بدأت ملامحه تطفو على السطح بسبب ان من تعرض للاصابة في هذه الحادثة المشار إليها هو من تعمد بوضع نفسه موضع الشبهة والريبة مما جعل رجل الأمن مضطراً بل أصبح واجباً عليه متابعته ورصده باستثناء «إطلاق النار عليه» والذي جعل له المنظم شروطا وضوابط، حيث ان النظام والحديث عن المتابعة منح رجل الأمن حق استيقاف كل من يوجد في حالة تدعو للاشتباه في أمره أو في حالة تشير إلى الريبة والشك وذلك لاستجلاء حاله وسؤاله عما يثبت شخصيته ووجهته.
بل إن حقيقة الأمر في صاحب الحادثة هي ما تخفي على الكثير أعظم من مجرد اشتباه وهي ان غرفة العمليات بدوريات الأمن ببريدة تلقت بلاغا من أحد المواطنين بحي الهلال قبيل الفجر مفاده انه رأى مجموعة شباب يقومون بسرقة إطارات سيارة متوقفة فتلقت الدورية توجيها بسرعة مباشرة الموقع مع توجيه الفرق الأخرى بالتوجه إلى المكان المشار إليه نفسه إلا انه عند أحد مداخل الحي الشمالية قابلت الدورية سيارة خارجة من الحي نفسه يوجد بها عدة أشخاص ومطفئة الأنوار وتسير بسرعة عالية!!
عليه طلبت الدورية من قائد السيارة التوقف إلا أنه رفض ولاذ بالفرار وجرت متابعته ومطالبته بالتوقف إلا أنه لم ينصع لذلك بل استمر في هروبه طوال مسافة شارع القناة من شماله لجنوبه ويقوم بقطع إشارة طريق الملك فيصل وهي نقطة البداية التي جعلها المصاب محوراً رئيساً في حديثه للصحف والسبب الوحيد لمطاردته واطلاق النار عليه ولم يذكر ما قبل ذلك، ليسلك بعدها أحد الطرق الزراعية المتعرجة وتقع حادثة اطلاق النار ليتضح بعد توقف السائق وهو ما كان يجدر به منذ البداية انهم ليسوا على علاقة بتهمة معينة.
وهنا لنفرض جدلا أنه لم يكن هناك اطلاق نار بل مثلا لا سمح الله انقلاب لسيارة المواطن ومن معه جراء مطاردتهم ونتج عنها ما قد ينتج بعد أن تسببوا في وضع أنفسهم موضع الشبهة والريبة نقول: ما نسبة علاقة رجل الأمن السببية بما حدث؟ وهو الذي تحتم عليه طبيعة عمله ذلك بل والمتضرر هو المتسبب بكل ما حدث..
ففي ظل تغير الانماط المعيشية والاجتماعية والسلوكية وخاصة لدى بعض الشباب الذي يعدّ «تصنيع» الاشتباه والريبة امام رجل الامن مدعاة للافتخار وسبيلا للشهرة.. نقول من يضمن لرجال الامن تصرفاتهم وقراراتهم الوقتية المحرجة مع هؤلاء بالذات؟
فرجل الأمن وفي الآونة الأخيرة بالذات مع المتغيرات التي يشهدها المجتمع يجد نفسه فجأة وكإفراز لطبيعة عمله بين مطرقة المطالبة بالعمل والانتاجية وتنمية الحس الأمني وسندان المساءلة والمحاسبة.. بل ومن سيرتضي مبرراته الواقعية لو أحجم تجاه حالة اشتباه واتضح لاحقا أن صاحبها على علاقة بجريمة معينة؟
«الجزيرة» واستشعاراً منها لدور رجال الامن ومعايشتها للحرج الكبير الذي يقعون فيه بسبب مثل هذه الحالات كانت قد وجهت سؤالا في وقت سابق لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز فترة تشرّف سموه منطقة القصيم بزيارته عن تعمد بعض المراهقين من الشباب لوضع أنفسهم في وضع مثير للشبهة مما يجعل رجل الضبط الجنائي إما أن يقوم برصد هذا الشاب ولكن قد يترتب عليه تبعات يسأل عليها وإما أن يترك هذا الشاب الذي تدور حوله الشبهة ثم يتبين انه على علاقة بجريمة معينة؟ فأجاب سموه وبمعرض اجابته قال: يجب ان يربي الشباب تربية صالحة ويعلم ان يحترم الآخرين وألا يمس بكرامتهم وحرياتهم ويعلم أن يحترم النظام. وأضاف بقوله: والذي يخالف أو يخرج عن هذا فرجال الامن طبعا يضعون حدا له ورجل الامن لا بد وأن يؤدي واجبه ولكن نأمل ألا يضع أي شاب نفسه في هذا الموقع.
ومن هنا يتضح انه لا بد للجميع أن يتفهموا الدور المنوط برجال الامن وأن يستشعر كل واحد مسؤوليته الامنية التي وضعها سمو وزير الداخلية بأن «كل مواطن رجل أمن» وأن يدرك المواطن ويؤمن بأنه مكمل ومعين لرجل الأمن لا أن يكون سببا في استهلاك الجهود وخلق التداعيات والاشكاليات كما انه يجب على الأب أن يربي ويعلم ابنه على «ألا يضع نفسه في مواضع التهم فيتهم..».
|