في ميدان بحثي فسيح يتجاوز ستمائة صفحة من القطع الكبير جرى قلم الدكتور محمد بن عبدالله السلومي مناقشاً قضايا مهمة، أصبحت ساخنة في هذه الفترة بعد أن صَوَّب الغرب مهامه ونيران رشاشاته ومدافعه إلى «الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي» متهماً إياها بالإرهاب ودعم العنف، واتضح لنا أن القضية لم تعد إعلاميةً فقط، وإنما أصبحت خطاباً سياسياً صارخاً يلقيه رؤساء ووزراء دولٍ كبرى في العالم.
لقد رصد د. محمد في كتابه المهم ظاهرة الحرب على الجمعيات الخيرية التي اشتعلت نيرانها بعد الحادي عشر من سبتمر، ولم تكن خامدةً من قبل، ولكنها كانت هادئةً تحرق ما تستطيع من أغصان شجرة الخير دون ضجيج، بعد ذلك الحادث الغريب الذي أحرق البرجين زادت النار اشتعالاً، وأصبحت الجميعات الخيرية المظلومة هدفاً مهماً من أهداف حربهم على الإسلام والمسلمين.
في مقدمة كتاب «القطاع الخيري ودعاوي الإرهاب» صفحات كتبها معالي الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصيِّن ووجهها الى مؤلف الكتاب، جاء فيها: أشكركم على مخطوطة كتابكم المعنون ب«القطاع الخيري ودعاوى الارهاب» الذي يتناول موضوع الحملة الظالمة على المؤسسات الخيرية الإسلامية واتهامها بالإرهاب، وإن تصفُّحاً لعناوين الكتاب ومحتوياته يُظهر أنه عالج موضوعه بسعةٍ وشمول، حيث أوضح الدوافع الحقيقية وراء الاتهام الظالم، ومظاهره، ونتائجه الواقعة والمتوقعة، ولا شك أن الجهاد في سبيل الحقيقة هو من الجهاد في سبيل الله ولا سيما في هذا العصر الذي ربما لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسانية، من حيث القوة القاهرة لسلطان التضليل وتشويه الحقائق، وإلباس الحق ثوب الباطل، والباطل ثوب الحق، إنَّ تكنولوجيا الإعلام، وتصريحات السياسيين، وكتابات المثقفين، قد خلقت فتنة دجَّالية تشبه الى حدٍ يدعو الى الدهشة ما تصف به النصوص الدجَّال الأكبر الذي يأتي آخر الزمان.
وهذا الوضع يقتضي الاستجابة للحاجة الماسة الملحّة الى مقاومة الفتنة والتصدَّي للدجل، ونصر الحقيقة، وأن تبذل في هذا السبيل اقصى الجهود على كل المستويات.
وهذه الكلمات الواعية من رجلٍ له علاقة قوية بالأعمال الخيرية منذ زمن بعيد، أعني معالي الشيخ صالح الحصين تدلُّ على أهمية الأمر، وضرورة المواجهة الواعية القائمة على المعلومات الصحيحة، والأفكار الناضجة، والرَّصد العلمي، والمتابعة الجادة التي تكشف ما يختفي وراء ستار دعوى الإرهاب الموجهة إلى المؤسسات والجمعيات الخيرية في العالم.
إنَّ كتاب «القطاع الخيري» مهم في هذه المرحلة فقد حاول المؤلِّف - وفقه الله - أن يستعرض القضية وما يحيط بها من الملابسات معتمداً في ذلك على رصد المعلومات وجمع الوثائق، وإجراء بعض اللقاءات والزيارات، وقد نجح في عرض القضية عرضاً علمياً مستوعباً، فتحدث عن المنعطف التاريخي لجنون الهجمة الشرسة على الإسلام ومؤسساته الخيرية، ذلك المنعطف الذي بدأ من تلك الهجمات المنكرة الخطيرة على بُرجي نيورك، موضحاً أطراف الخيوط التي جمعها مفكرون وسياسيون أمريكيون وأوربيون التي تؤكد أن وراء الأحداث ما وراءها من الحقائق التي أخفاها الذين يريدون سوءاً بكوكبنا الأرضي، ثم تحدث المؤلف عن مفهوم الإرهاب وتاريخه، وأحداثه القديمة والحديثة داخل الولايات المتحدة وخارجها، موضحاً خطورة الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين، ودور اليهود في الإرهاب العالمي كما تحدّث المؤلف عن حقيقة القوانين الدولية التي انهار معظمها في الأحداث الأخيرة، إن الكتاب إضافة مهمة تستحق العناية والقراءة، فجزى الله مؤلفه خيراً.
إشارة:
يا ويحكم يا مسلمون، أصابكم
داء التراجع والتخاذل والوهن
|
|