صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وهو حافل بالكثير من الموضوعات الثقافية والعلمية والأدبية والتاريخية، وجاء الموضوع الرئيس في هذا العدد عن الكارثة التي حلت بالتراث العراقي جراء الحرب التي شنتها قوات الاحتلال «الانجلو أمريكية» ضد العراق، حيث قدرت كمية الآثار المسروقة في وقت وجيز بعد دخول قوات التحالف بغداد بأكثر من 170 ألف قطعة أثرية نادرة، بينما دمر عدد آخر من هذه الآثار العريقة التي تلخص تاريخ البشرية في الأعوام العشرة آلاف الماضية.
وقد تتبع حسين حسن حسين وحوى النبي علي صالح من قسم التحرير بالمجلة النكبة التي تعرض لها التراث العراقي عقب الاحتلال الأنجلو أمريكي عليه، والخسائر التي منيت بها الحضارة الإنسانية من جراء تدمير هذا التراث، وتناولا ردود الأفعال التي جاءت من كل أنحاء المعمورة تدين وتستنكر هذا العدوان البربري الذي شابه ما أحدثه التتار بقيادة هولاكو حين أغرق مكتبات بغداد.
ومن موضوعات العدد استطلاع بعنوان «البيوت السورية القديمة تتحول إلى فنادق ومطاعم واستوديوهات» كتبه محمد مصطفى مسلماني موضحاً أن الدور العربية السورية القديمة تميزت عبر التاريخ بنسيج معماري فني فريد خصوصاً مدينتي دمشق وحلب، ولكن معاول الهدم طالت أغلب هذه الدور حتى تنبه بعض أذكياء السياحة للأهمية التاريخية لهذه البيوت، فراحوا يرممونها ويحولونها إلى مطاعم وفنادق، وتتبع السعيد بن موسى تاريخ «فنون التجليد والترصيع بالحلي في المغرب والأندلس» مستعرضاً أنواع التجليد والأدوات المستخدمة فيه، وتناول نجيب الجباري «فن المسرح واشكالية اللغة» وبين ان اشكالية اللغة في المسرح اشكالية معقدة تضرب بأعماقها في أغوار فنية وفكرية وثقافية كثيرة، مؤكداً أن استخدام اللغة في المسرحية لا يكون استخداماً اعتباطياً.
وفي مجال التعليم كتب د. عبد الله بن محمد صالح المالكي عن «الإنفاق التعليمي ومصادر تمويله»، وأوضح أن تمويل التعليم يعد من أبرز القضايا المعاصرة التي تواجهها الدول والأنظمة التعليمية على المستوى العالمي، بل انه من أكثر موضوعات اقتصاديات التعليم جدلاً، وذلك لاختلاف وجهات النظر حول من يتولى الانفاق على التعليم الفرد أم الدولة أم القطاع الخاص أم كلاهما؟ وأورد في آخر المقال عدة اقتراحات لقطاع التعليم في المملكة العربية السعودية للاستفادة منها.
وفي مجال الأدب كتب د. نذير العظمة عن «التناص وشعر حسين عرب»، مشيراً إلى أن تفاعل النصوص أو تناصها ليس تفاعلاً راكداً محدوداً، بل تفاعل دينامي في المسارين التعاقبي والتزامني عمودياً وأفقياً في الأدب القومي الواحد، ومجموع الأدب الإنساني «العالمي» كله.
وكتب د. محمد. م. الأرناؤوط تحت عنوان «اعادة الاعتبار إلى الأدب الألباني في الأبجدية العربية» محدداً عام 1983م حين نشر كتابه «الثقافة الألبانية في الأبجدية العربية»، ثم في العام نفسه نشر د. محمود هيسا أول أبحاثه في هذا المجال، ثم تابع عمله في هذا المجال إذ اختار هيسا مجموعة دراساته المنشورة خلال عامي 1983 و1995م، ليصدرها في كتاب بمجلدين تحت عنوان «الخميادو الألبانية» في عام 2000م، وعد الكاتب أن هذا الاصدار اعادة الاعتبار إلى الأدب الألباني المكتوب بالأبجدية العربية بعد طول تجاهل وازدراء.
ورسمت د. أمينة محمد علي بيطار «بعض ملامح الأسرة العربية بين التاريخ والشعر»، وتناولت تاريخ الحياة الاجتماعية عند العرب منذ الجاهلية، ومكانة المرأة بوصفها أماً وأختاً وابنة، ثم تحدثت عن الاهتمام بالنسب، واختيار الزوج، والخيانة، وغيرة الأبناء، والزواج من الأباعد، وتسمية المولود، والاهتمام بالأبناء، ووأد البنات، ووازن د. مازن مطبقاني «بين الاستشراق والاستغراب أيهما أولى؟». موضحاً: أن الاستغراب ليس المقصود به أن نفقد شخصيتنا وهويتنا وذاتيتنا ونذوب في الآخر «الغرب» وإنما المقصود أن نعرف الأمم الغربية معرفة دقيقة بأن ندرس قضاياها السياسية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية والاجتماعية.
وتحت عنوان «الشاي: أوراق صغيرة أثارت حروباً كبيرة» جاءت مقالة جان ألكسان الذي عدد فوائد الشاي خاصة الأخضر منه الذي يقي من هشاشة العظام، وسرطان الثدي، وتسوس الأسنان، وتلف اللثة، وترهل الجلد، وتجاعيد الوجه، والسمنة.
وكانت رحلة في كتاب عن «الحضارة العربية في الأندلس» من تحرير د. سلمى ا لخضراء الجيوسي، وعرضه د. عبد الغفور اسماعيل روزي، والكتاب صادر عن مركز دراسات الوحدة في بيروت عام 1998م، ويقع في جزأين و 1559 صفحة، وقد سجل الكتاب خلاصة الدراسات الموثقة التي نتجت في اسبانيا، وقد جاء الجزء الأول عن: التاريخ السياسي، والأقليات، والمدن الأندلسية، واللغة والشعر والأدب، والموسيقى، وجاء الثاني: عن الفن والعمارة، والتاريخ الاجتماعي، والتاريخ الاقتصادي والفلسفة، والدراسات الدينية، والعلم والتكنولوجيا والزراعة.
ومن قصائد العدد: «قصائد قصيرة» للدكتور عبد الله بن سليم الرشيد، و«العزف على ضمير المخاطب» لأحمد عبد الحفيظ شحاتة، و«أعيدي ما استطعت الهمس» لوليد قنباز، ومن القصص القصيرة: «نادية» لنورة ضحيان العتيبي، و«أبريل الآخر» لجاسي استيوارت، ترجمة د. مسعد مسعد الشتيوي، و«رجل مشت به ساقاه» ليوسف سويسي.
وفي العدد حوار مع أحد أعلام اليمن هو : القاضي اسماعيل الأكوع، وتناول الحوار الذي أجراه زيد صالح الفقيه تاريخ القاضي الأكوع واسهاماته في مجال الأدب والتراث ومؤلفاته.
بالإضافة إلى الأبواب الثابتة: «رسائلكم» و «ردود وتعقيبات» والمسابقة التي رصدت عدداً من الجوائز القيمة للفائزين، والملف الثقافي الذي يتابع الحركة الثقافية العربية والعالمية خلال الشهر، وختم العدد ب خاتمة المطاف وكانت بعنوان «كارل ساغان: الانحياز للعلم» بقلم الحسان الرزاقي.
|