بات واضحاً أن البكتريا H.PYLORI المتواجدة بين مخاطية المعدة والطبقة البشرية لغار المعدة سبب رئيسي لنشوء التهابات وقرحات المعدة والاثني عشر، وبات الحل الأمثل عند تشخيص أي من الاضطرابات الهضمية الواردة التحقق من وجود بكتيريا H.PYLORI ومن ثم القضاء عليها باستعمال إحدى البرامج العلاجية متعددة الأدوية لفترة اسبوعين الى اربعة اسابيع اعتماداً على معايير كل حالة، ومن الواجب إعادة تنظير المريض باليوم الأخير من العلاج، وبعد أربعة أسابيع من ذلك التاريخ للتأكد من القضاء على البكتريا المذكورة، ولقد ثبت بالدليل العلمي القاطع ان خلو المعدة من بكتريا H.PYLORI عامل مضاد لامكانية التهاب او تقرح المعدة والاثني عشر عدا عن تلكم الحاصلة من استعمال بعض الأدوية او تناول الكحول او امراض الجهاز العصبي المركزي والكليتين.
لوحظ مؤخراً ان عدداً كبيراً من المرضى الذين تم عندهم القضاء التام على بكتريا H.PYLORI، ومن ثم شفائهم من التهابات أو قرح المعدة او الاثني عشر قد عاودتهم بفترة زمنية قصيرة لا تتعدى البضعة اشهر ذات الاعراض التي كانوا يوماً يشكون منها، ولأول وهلة كان هناك شك بأن بكتريا H.PYLORI لم يتم القضاء عليها وازالتها من جهاز الهضم وإنما اخمادها، فمرت بحالة سبات عاودت من بعده الظهور إلا ان استمرار معاينة تتابع الاعراض الهضمية الملازمة للالتهابات والقرح آنفة الذكر بعد التأكد من القضاء التام على بكتريا H.PYLORI طرح التساؤل حول امكانية العدوى ثانية والذي بدوره يقدم الفرضية ان الإنسان معرض للاصابة ببكتريا H.PYLORI لوجود اشخاص يحملون هذه البكتريا ولكنهم لا يعانون من آثارها الهضمية، ولقد ادى البحث العلمي المستند الى الأبعاد آنفة الذكر الى ان تدعم هذه الفرضية بالبرهان القاطع وتم عنده تبلور قدر اكبر من الفهم حول مداخل ومخارج بكتريا H.PYLORI وعلائقها بأمراض جهاز الهضم وبات معروفاً ان تواجدها في المعدة يتناسب طردياً مع العمر وان ثلث حامليها يعانون من التهابات وقرح هضمية بينما يظل الجزء الباقي حاملاً ومعدياً، وأكثر من هذا فإن التماس المباشر يؤدي الى الاصابة ببكتريا H.PYLORI، لذلك فإن علاج شخص يعاني من التهابات أو قرح جهاز الهضم بإزالة بكتريا H.PYLORI يقتضي بالضرورة القضاء على ذات البكتريا في الأشخاص قريبي الاتصال به، ويترجم هذا عملياً في الوقت الحاضر الى تقديم برنامج العلاج الهادف للقضاء على H.PYLORI لكل من الزوج وزوجته باعتماد برنامج نصف الفترة العلاجية لحامل المكروب.
ويبرز هذا المحور العلاجي آثاراً ايجابية لا يمكن إغفال أبعادها الفاعلة ليس فقط فيما يتعلق بالشفاء وقطع دابر المعاناة النفسية الحاصلة من معاودة التهابات وقرح جهاز الهضم وإنما أكثر من هذا الإسهام المؤثر في تعزيز الصحة العامة في عموم المجتمع.
* استشاري الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي
دكتوراه في الجراحة من جامعة جلاسكو - زمالة الكلية الملكية للجراحين ادنبره وجلاسكو
زمالة الكلية الدولية لجراحة الجهاز الهضمي - سويسرا
زمالة كلية الجراحين الدولية أمريكا