الزيارات المفاجئة تكشف طبيعة العمل

شدني مضمون الخبر المنشور بعدد الجزيرة (11229) المعنون ب: د. القصيبي يختبىء بين مراجعي كهرباء جدة ويسدد فاتورة عجوز. حقيقة سرني هذا الأسلوب الأمثل الذي نهجه معاليه وليس بمستغرب من أجل معرفة حقائق الأمور لما يحدث ويجري على أرض الطبيعة، دون الاعتماد على تقارير تغير الحقائق وتشوه الوقائع ومن دون أن تحظى الزيارة بإعلان مسبق أو موعد محدد كما ألفناه عن بعض مسؤولينا. ومعاليه مشهود له ومشهور عنه مثل هذه الزيارات واعتقد أنه الوحيد الذي انتهج هذا الأسلوب عندما كان وزيراً للصحة سابقاً.
والزيارات المفاجئة ليست حديثة عهد، بل سنها الخلفاء الراشدون ومن أتى بعدهم من الخلفاء والأمراء، ويعد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نموذجاً فريداً في زياراته وجولاته الليلية وتعامله مع ولاته وعماله فكم كشف من أمور لم تسره واطلع على حقائق كانت مغيبة عنه وكم عزل من والٍ واستبعد من عامل وكتب التاريخ مملوءة بالقصص والروايات التي تحكي سيرته العطرة.
أما في وقتنا الحاضر فانتهج بعض مسؤولينا أسلوب الزيارة المكشوفة والمعلن عنها مسبقاً إما عن طريق تعاميم داخلية وإما عن طريق ترتيب إعلامي.هذا ما ألفناه كمواطنين ودرج عليه بعض المسؤولين ومثل هذه الزيارات أصبحت عديمة الجدوى ومعدومة الفائدة ولهذا فإنه من واجبات الوظيفة ومن مهام المسؤولية لمن يديرون قطاعاً حكومياً ذات صلة مباشرة بمعاش العباد ومصالح البلاد سواء كان وزيراً أو وكيلاً أو مديراً أن يفعل حقيقة الزيارة المفاجئة دون إعلان مسبق أو موعد محدد ليقف بنفسه على طبيعة العمل وحقيقة الأمور وهذا لا يتم إلا إذا تنازل عن حب المظاهر وإلغاء ما جرته عليه العادة من استقبال واحتفال ونحن بحاجة أيضاً إلى أن يتواضع المسؤول ويتسع صدره لمن لهم علاقة بوزارته وإدارته من ذوي الحاجات وأصحاب المعاناة وأهل الحقوق والمطالب وليعلم كل مسؤول أن المسؤولية أمانة.
وختاماً نسأل الله أن يعين ويوفق كل مسؤول مخلص ويهدي وينير كل مسؤول متخاذل إلى الحق والعمل على قضاء حوائج الناس.