في سكون الليل.. عندما أسدل الظلام أجنحته.. إلا من نجوم اخترقت هذا الظلام لتنتشر في الأفق مثل حبات اللؤلؤ.
في هذه اللحظات الرائعة.. وتحت الضوء الخافت.. دخلت أنا والقلم في جدال..
قلت له: أيها القلم العجيب.. ألا تعلم أن الله عز وجل يقول: {مّا يّلًفٌظٍ مٌن قّوًلُ إلاَّ لّدّيًهٌ رّقٌيبِ عّتٌيدِ} فهلاَّ أيها القلم.. فكرت وحاسبت قبل أن تخطو خطوتك على هذه الوريقات الملساء.. لم أشعر إلا والقلم يقاطعني بشدة، وعلا صوته حين قال: نعم.. ولكن تلك البصمات التي أطبعها لم تكن سوى أوامر أتلقاها.. فأخضع لها تحت هجوم وتسلط.. أو تحت لمسات رقيقة وَّمشاعر جيَّاشة.. فكيف تريدين مني أن أتحكم فيمن هو أقوى مني..
نعم.. حينها أدركت أن هناك أقلاماً ظُلمت.. تحت وطأة أنامل لا تبالي ولا تراقب الله.. فأصبحت تتحرك بلا قيود ولا حدود..
أشار لي القلم ألا ألقي عليه العتاب بعد اليوم، وإنما أتوجه لتلك الجوارح التي بيدها السلطة.. يقول الله تعالى: {إنَّ السَّمًعّ وّالًبّصّرّ وّالًفٍؤّادّ كٍلٍَ أٍوًلّئٌكّ كّانّ عّنًهٍ مّسًئٍولاْ}.
فأين المنطق الجذاب، والبيان الخلاب.. وفي حدود الشرع وأوامر الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن الأمة أسرى لما يعرض على الصحف والمجلات.. فهي بحاجة إلى أقلام لتبني لا لتهدم.
رزق الله الجميع الحكمة في القول والسداد في العمل.
|