Thursday 10th july,2003 11242العدد الخميس 10 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
عينُ السلام
د. خيرية إبراهيم السقاف

بعض النَّاس تعجبك ابتسامته عندما تلتقيه...
ومن خلفها لسان يجلدك في غيابك...
وبعضُ النَّاس لا يحسنون إخفاء ما في صدورهم، فإن امتلأت بحبك، تدافعت الكلمات على لسانها، تفضي بمكنون هذه الصدور...، وربَّما عجزت هذه الألسنة عن التعبير بما هو مكنون، وإن هي امتلأت بغبطتك، أو كرهك، أو حسدك، أحجمت عن التعبير، وتابعتك، تراقبك فيها عيون، مليئة بالحيرة، والأسئلة، تلاحقك أينما كنت، وحيثما وطئت...، وكيفما تقلَّبت بك الدّروب، أو احتوتك المواقف...
بعضُ النَّاس كالنَّسمة تمرُّ بك...، تترك بَرْدَ سلامها، وعبق رائحتها، وبعضهم، كلفح الزَّمهرير يصطليك...، وعندما يغادرك، يترك جروحه، وحروقه...
وبعضُ النَّاس يصمت على باطنٍ نقيٍّ...
وآخرُ ينطق عن قلب نظيف...
وبعضُ النَّاس يصمت عن باطن أُتونيِّ...
وآخر ينطق عن قلب داكن...
بعضُ النَّاس «يُعطيك من طرف اللِّسان حلاوة» كما يقول المثل، ويروغ منك عند حاجتك لمعرفته...
والناس تُعرف عند الحاجة، وتُجلَّى معادنها، في المواقف...
وبعضُ النَّاس، معادنها ذهبٌ، حين كان الذّهب المعدن الأساس...، وبعضها معادنها من ورق شجر، جفَّ في موسم خريف...
بعضُ النَّاس، عينها عليك باردة، كسلام عين الأمِّ...، والمحبِّ
وبعضُ النَّاس، عينها عليك كالنَّار التي أُوقدت لإبراهيم (عليه السلام)
بعضُ النَّاس، مشاعرها نحوك مقاصل، إن قدر أصحابها على اجتثاثك فعلت، تلهبك بسوط حقدها، وتُرديك بمقصلة بغضها...
وبعضُ النَّاس مواقفهم معك، موازين ينصبونها، يحاكمونك على كلِّ شاردة، وواردة، وبعضُ النَّاس مواقفهم معك، أرض فسيحة تمشي فوقها باطمئنان،
تأمن معها على نفسك، في حضورك وغيابك...
النَّاس،
رضاؤهم، بعيدُ المنال، يحملونه فوق أكفٍّ منقبضةٍ...
وقربُهم، لا يتحقق لك إلاَّ عندما تقدِّم له الأثمانَ الغالية...
وبعضُ النَّاس، يمنحونك الرِّضاء، صفاءً، منثوراً، في تفاصيل كلِّ اتجاه منك إليهم...
يقربون منك، بكلمةٍ، طيِّبةٍ، وبسمةٍ رضيّةٍ...، قلوبُهم لك، على أكفٍّ منبسطةٍ،
لا انقباض لها...
النَّاس...
أنتَ واحدٌ منهم، وهو، وهي، وأنا، وأنتم...
فكيف بكلِّ واحدٍ من هذه الضمائر أصحابُها، تكون الحياة؟
ومن أيِّ «بعضٍ» أنت؟
عندما تتعرَّف نفسك...
تتعرّف على حقيقة، إن كنت برداً وسلاماً على الحياة، والنَّاس والأحياء؟
أم كنت غير ذلك...؟!
أوَ ليس من اللاَّئق بالإنسان، ذي العقل، والإحساس، أن يفكر في سؤالٍ:
«ممَّن أكون؟» ومن ثمَّ: « كيف لا بد أن أكون؟».
ذلك لعمري هو عينُ العقل...
عينُ السَّلام.
فكن سلاماً على الآخر...
تكن الحياة سلاماًً عليك...

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved