لا نريد أن نقول بأننا مجتمع مثالي، ولكننا اقرب المجتمعات إلى ذلك، ولسنا نحن من يقول ذلك بل الحقيقة والواقع تبعا للتقارير الرسمية، داخل المملكة وداخل المنظمات والهيئات العالمية هي ما يؤكد ويثبت ذلك، فنحن أكثر المجتمعات أمناً.. ونحن أقل دول العالم في معدلات العنف والجريمة.. كما أننا آخر بلد ظهر فيه ما يسمى بالإرهاب.. ونحن لسنا من أصحاب الخطب الرنانة ولسنا بارعين في ذلك ولا نملك إعلاما دعائيا ايضا.. ويكفينا ما هو مدوّن عنا، فللمملكة العربية السعودية سجل إنساني فريد شاهد عليها حافل بكل أنواع الدعم المادي والمعنوي وبكل سخاء تجاه كافة القضايا العادلة في العالم وفيما يخص القضايا العربية والإسلامية بوجه خاص، وهناك من يسعى جاهداً في إفساد وتبديد أمننا واستقرارنا، اللذين يعدان من أهم السمات التي ميزت هذه البلاد منذ تأسيسها والتي كانت مضربا للأمثال في ذلك، فلطالما كنا قدوة للعالم اجمع ونُحسَد على ما نتمتع به من أمن وأمان.
لقد كتب ودوّن عن هذه البلاد ورجالها الكثير من الشرفاء في العالم سياسيين كانوا أم كتاباً أم مؤرخين. ولو أردنا الاطلاع على مذكرات بعضهم لوجدنا أمجاداً مدونة لا تحصى ولا تعد عن ذلك، فعملاق الصحافة المصرية مصطفى أمين رحمه الله، واحد من هؤلاء السياسيين والكتاب الذين دونوا صفحات لا تمحى من الذاكرة، عن المملكة ورجالها.. امانة للتاريخ، فهذا الرجل الذي تربى في منزل الزعيم الوطني الراحل سعد زغلول وقضى الكثير من سنوات عمره في زنزانة السجن السياسي ثمناً للكلمة الحرة، كتب في مقال له بعنوان (إعادة كتابة التاريخ) نشر في عام 1979م بعد خروجه من السجن السياسي بعفو من الرئيس الراحل انور السادات، يقول في مطلعه:
«نعم.. إن ثلاثين فارسا بقيادة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وحّدوا الجزيرة العربية وحرروها من الجهل والبدع والخرافات والأباطيل وقطاع الطرق والسلب والنهب، وأعادوها إلى منابع دينها الأصيل وسيرة سلفها الصالح وحولوها إلى أكثر بقاع العالم أمناً وأماناً، إنهم في الواقع طليعة الشعب السعودي كله، هم رأس الحربة التي تبعها الشعب كله، ولو لم يكن الشعب السعودي في تلك الأيام في مستوى هذه البطولات لما استطاع الملك عبدالعزيز آل سعود أن يصنع كل هذه الأمجاد».
وأقول لكل من استطاع ان يزعزع أمن هذه البلاد ويبث الرعب في نفوس أبنائها ولكل من استطاع أن يشترك معهم أو يتستر عليهم، كيف استطعتم؟؟ كيف استطعتم أن تخونوا وطنكم وأولي الأمر منكم وأمجاد صنعها آباؤكم وأجدادكم وكيف استطعتم ان تفعلوا هذا بأهلكم وعشيرتكم؟؟؟
* فأي كبائر ترتكبون وأي ذنب تتحملون؟
لا تشوهوا الجهاد في سبيل الله وتدعوا بأن ذلك جهاد، أتجاهدون ضد من أنتم؟ أتجاهدون ضد إخوانكم المسلمين أبناء وطنكم وعشيرتكم وأولي الأمر منكم وتنالون من هيبة وحرمة مقدسات وطنكم وأمتكم وتنزعون الأمن والأمان عنا ونحن قدوة للعالم أجمع؟!
إن هذه الأعمال من تفجيرات وترويع للمدنيين الآمنين ليست من الجهاد في شيء.. الجهاد كُتِب على المسلمين في ساحات القتال للحروب والمعارك لمواجهة العدو، وليس من الإسلام ولا من الجهاد في شيء أن تحولوا المعارك والقتال داخل الساحات الآمنة للمدنيين ووسط الأبرياء والمدنيين العزل الذين لا يملكون سلاحاً ولا ذنب لهم في شيء وتروعون الآمنين وتهدرون دماءهم وأرواحهم، إن الإسلام لا يبرر مبدأ الفاشيين (الغاية تبرر الوسيلة..) في الإسلام لابد أن تكون الوسيلة مشروعة والغاية مشروعة وسامية ونبيلة أيضا فقتل النفوس البريئة بدون وجه حق من أعظم الكبائر.
هناك من يغرر بالبعض ويسيطر على عقولهم، فأي قوة تلك التي ضللتكم ونزعت من قلوبكم الولاء لبلادكم والحب لإخوانكم وجعلتكم تهددون أمن واستقرار وطنكم ومقدساته؟ لصالح من هذا وماذا ستجنون من ورائه سوى تشويه صورة الإسلام والمسلمين وتحقيق حلم أعداء الإسلام والمسلمين، إن إماطة الأذى عن الطريق صدقة فكيف استطعتم زرع الرعب والخوف والموت في الطرقات بين إخوانكم وأخواتكم أبناء وطنكم؟ إننا نحزن ونتألم من أجل ضحاياكم الأبرياء، وكذلك نحزن ونتألم من أجلكم.
لهذه البلاد مكانتها وقدسيتها في نفس كل مسلم في العالم أجمع فهي الأرض التي أنجبت خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي والرسالة المحمدية أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، فلابد أن تظل هذه البلاد رمزا للأمن والأمان وشعبها رمزا للمسلم بأخلاقه السمحة التي تنبذ العنف والغلو والتطرف، فنحن لابد أن نكون كما ذكرنا الله في محكم كتابه أمة وسطا، وأن نلتزم بأخلاق وتعاليم الإسلام كما ورد في كتاب الله وسنة نبيه وأن نطيع أولي الأمر منا كما أمرنا الله ورسوله في محكم كتابه، حتى لا تقوم الفتن داخل مجتمعنا ونحافظ على وحدتنا الداخلية حتى لا ينال منا أعداؤنا، أعداء الإسلام والمسلمين، قال تعالى في سورة النساء {)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
لابد أن يلتف الشعب بكل حب وولاء وراء أولي الأمر ويكون كالجسد الواحد ومتماسكا فما أحوجنا الآن أكثر من أي وقت مضى لأن نتماسك بعضنا البعض ونكون جبهة قوية موحدة ونكون احرص ما يكون على أمننا واستقرارنا، ونتحلى بالعقل والحكمة وأخلاق المسلم السمحة لنحيا في سلام وأمان.
وعلى كل فرد أن يسأل نفسه ماذا سيكون شعوره لو بين هؤلاء الضحايا ابن له أو أخ أو أم أو أب ليشعر بمعاناة أهل هؤلاء الضحايا الذين قتلوا.. من يرد أن يقتص من عدو يذهب إلى ساحات القتال المشروعة لذلك لا أن يحول الساحات المدنية الآمنة الآهلة
|