قد يمضي جل عمرنا.. ونحن هادئون لا نعرف من الحياة شيئاً ولكننا في يوم ما -أي يوم- نحتاج إلى إثبات وجودنا.. بهذه العبارة.. هذا ضروري.. ومطلوب.. وواجب.. مهما قلنا.. مهما دفنا رؤوسنا في التراب.. كما تفعل النعامة.. لا نستطيع ان نلقي تلك المسؤولية عن عاتقنا إلا عندما نكون فعلا قد أثبتنا وجودنا.. أو أصبحنا على الأقل صفراً على الشمال.
فلنثبت وجودنا.. بعمل.. بكلام.. بأي شيء.. حتى بضرب.. أو فلنصم آذاننا ولنغمض عيوننا.. ونسكت .. ثم نفيق عندها نجد ان الشمس ظلمة والشتاء حار.. والصيف بارد.. والفراش الذي نستلقي عليه حصى وشوك مهما كان وثيرا.. بمعنى اننا سنجد الحياة تغيرت.
وبمعنى اننا سنجد الصخور التي تقف عليها أقدامنا قد وقفت على أقدامنا وبمعنى ان النجار سيقول من يصنع لي دولابا.. بمعنى ان كل شيء قد تغير مفهومه..
والعيون المتلصصة سترى ان من لم يثبت وجوده يتثاءب معظم الوقت، ستراه يتململ في فراشه.. فلا هو في مثل لذة العامل.. وانشراح الدائب في عمله.. هو يحيا حياته تلك - من غير اثبات وجود - على وتيرة واحدة.. وروتين مملول.. وضياع.. أي وربي ضياع..
«قمريات»
القمر لا يزال في مكانه.. لامعا في كبد السماء.. القمر ذلك النور الوضاء لم يتزلزل عرشه، وتلك الأرجل التي داست عليه ما كانت لتؤثر فيه.. ذاك القمر.. اني لا أحب ان أعيش فيه.. بل أحب ان أعيش معه.. أن يكون رفيقاً لا أباً.. ومهما ارغمتموني على الاعتراف بالسبب فلن أقول شيئا.. ولكنني تحت وطأة الالحاح سأقول.. أنا أخاف فهو مظلم.
«... وأرضيات»
الأرض؛ اني أحبها بكل ما أملك.. أحبها بعقلي.. وبقلبي.. الأرض أمنيتي.. وأمي.. وحبي.. وحياتي.. أمنية تعيش معنا جميعاً.. وحياة نحياها كلنا.. هادئة حيناً وعنيفة أحياناً.. صامتة مرة.. صاخبة أخرى.. أطهرها بدمي وأغسل عنها الأدران ونقف جميعاً كتفاً إلى كتف.. القلم بجانب الفأس.. والكتاب مع الحقل.. والاديب بجانب الجندي..
الأرض.. اني أحبها.. بكل ما أملك..
|