نعم لماذا الطائف هي مصيف المملكة الأول...؟!
قد يتساءل بعض الناس، وقد يرى البعض الآخر، مبالغة في هذا الوصف. لكن تعالوا ننظر في (هذه الطائف)، من جوانب عدة:
1- الجانب التاريخي.
2- الجانب الجغرافي.
3- الجانب المناخي.
4- الجانب الاستراتيجي.
5- الجانب الآثاري والجمالي.
فمن الناحية التاريخية، تعد الطائف ثالث أكبر الحواضر التي عرفتها الجزيرة العربية قبل الإسلام، مكة ويثرب ثم الطائف.
فهي إذن حاضرة قديمة ومدينة عريقة، ظهرت قريباً من مكة بكل ما فيها من مياه غزيرة عذبة، وفواكه لذيذة متنوعة وحبوب وخضروات وخيرات لا تحصى، فكان أغنياء مكة يصاهرون أسرها الثقفية، ويتملكون فيها الدور والقصور، ويصطافون في ربوعها، فكانت الطائف بحق منذ العصر الجاهلي وحتى اليوم، بستان مكة.
* فالطائف هي القرية الثانية التي جاء ذكرها إلى جانب مكة في قوله تعالى : (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم). الآية 30 من سورة الزخرف.
* وكان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول: (أنعم الناس عيشاً، عبدي سعد، يشتو بمكة، ويربع بجدة، ويقيظ بالطائف).
* وكانت الطائف، مصيف أهل مكة، فقد روى ابن عمران أنهم كانوا يغبطون من يصيف بالطائف.
* ويقول المستشرق الفرنسي (سيديو)، إن ربوع الطائف الغني، حيث المناخ المعتدل والمياه العذبة جعلته مصدراً من مصادر الثروة الاقتصادية، فقد كان المصيف الأول لأهل مكة.
* ويقول الدكتور/ جواد علي في كتابة (العرب قبل الإسلام)، لقد كانت الطائف وما زالت، مصيفاً طيباً يقصده أهل مكة فراراً من وهج الشمس.
* وكان محمد بن عبدالله النميري الثقفي، وهو يغبط أخت الحجاج بن يوسف، تشتو بمكة نَعْمَة - ومصيفها بالطائف.
* فهذا هو تاريخ الطائف منذ مئات السنين، ينطق بعظمتها وأسبقيتها، وبعلو شأنها ووحدانيتها في السياحة والاصطياف دون منازع. وهي كذلك حتى يوم الناس هذا، قبلة السياح الأولى ومصيفهم الأول.
* أما جغرافية الطائف، فحدث ولا حرج، فيكفيها أنها مدينة تهامية حجازية نجدية، لها أطراف ومنخفضات غربية هي جزء من مكة ومن تهامة، ولها امتدادات واسعة جهة ركبة وحضن هي جزء من نجد، وبين تهامتها ونجدتها تقوم سراتها، من جبال شاهقة تكسوها أشجار خضراء كثيفة، وتتخللها أودية زراعية كثيرة، وقرى وحصون زراعية كثيرة، وقرى وحصون وسكان كثر، ففي الطائف من التنوع والتباين الجغرافي، ما يؤهلها لتسنم كل المصايف قديماً وحديثاً.
* أما مناخها... فهو الميزة التي لا تتوفر في مدينة أخرى، إن أجواء الطائف تمتاز بالاعتدال وبكثرة الأمطار وإذا أتاها الناس من نجد أو من مكة وجدة فهم ينشدون الهواء العليل والنسمات الرقيقة، ورذاذ المطر فوق هضاب خضر جميلة في الطائف المأنوس.
* وإلى جانب ما تقدم فإن للطائف موقعاً استراتيجياً مساعداً، يضعها قريباً من مكة وجدة، وبين مكة ونجد من ناحية ومكة ومدن الجنوب من ناحية أخرى، فهي ملتقى طرق الحج القادمة من الجنوب والشرق والشمال إلى مكة. وقريباً سوف تتصل بالبحر عن طريق عقبة المحمدية، فتصبح مدينة بحرية كذلك، وهي ميزة أخرى منتظرة.
* ومن أهم عوامل تميز الطائف وتفردها في مضمار السياحة والاصطياف، أنها تستحوذ على كم كبير من المعالم التاريخية والأثرية والجمالية. فهناك دروب الحج التاريخية، تمر بها إلى مكة ومنها درب الحاج اليماني، ودرب زبيدة الشهير، وكذلك يوجد بها أكثر من سبعين سداً أموياً، أشهرها سد معاوية في سيسد وسد السملقي في ثمالة وسد قريقير، وغيرها. إلى جانب مساجد كثيرة في المثناة والسوق وحصون تاريخية وقرى قديمة شهيرة منها قرية الكوثر التي تنسب للحجاج بن يوسف الثقفي. وتوجد كذلك قلاع حربية وآبار وعيون ومعالم أثرية من نقوش وغيرها لا تعد ولا تحصى.
فالطائف إذن توفر لروادها، سياحة معرفية عظيمة إلى جانب سياحة المتعة والانتجاع والراحة. فهي من المدن القلائل في المملكة التي تتمتع بعمق تاريخي يمتد إلى آلاف السنين. وهي إذن مصيف المملكة الأول بدون منازع.
الشيخ/ حاضر بن عبدالله العريفي
|