هناك إحصائية مرعبة صدرت عن «اليونيسكو» مؤخراً تتعلق بثقافة الطفل، وهذه الإحصائية تتعلق بثقافة الطفل العربي، حيث وجدت تلك المنظمة ان الطفل العربي يقرأ طوال العام، لاحظوا طواااااااااااااال العام، مدة ست دقائق فقط.
وهذه الإحصائية تكونت مع مقارنة اعداد الكتب الموجهة للطفل التي تطبع سنويا في العالم العربي مقارنة بتلك التي تطبع في العالم.
ومعنى أن يقرأ الطفل ست دقائق طوال العام «خارج المنهج الدراسي» أن هناك أجيالاً طويلة تنتظرها أمية متخفية وراء المنهج الذي تنتهي علاقة الطفل به حال خروجه من غرفة الاختبار، ولكن الثقافة كمعلومة وفكرة ومصدر وأداة لفك رموز هذه الحياة ومغاليقها تبقى نائية بل غريبة وغامضة عليه، ويبقى عندها الطفل العربي مفتقداً للأدوات التي تخوله التعامل مع الواقع والتغلب على صعوباته ومواجهة عالم يصطخب بالتحديات.
علاقة الطفل مع المعلومة وطريق الحصول عليها «وأهم مصادرها الكتاب» هي أهم الأدوات التي تؤهله لعالم يعاني من الانفجار المعلوماتي، ويعاني تضاعف المعلومة بشكل يومي ومذهل، كون الطفل يظل بعيداً وقصياً عن هذا، هو بالتحديد ما يصنع أدمغة مصفحة مصمتة ومحدودة وعاجزة عن تقبل هذا العالم وتغيراته المطردة. عاجزة عن الإيمان بالصيرورة المتحولة كسنة إلهية قاطعة في الكون.
ومن ثم بعد أجيال لاحقة نبدأ في النعيب و الشكوى، من تصحر الفعل الثقافي وسطحيته ومحدوديته، الثقافة هي فعل بشري إنساني في المقام الأول، تنمو وتزدهر بفعل التفاعل واتساع مسارات التلقي التي تستقبلها وتتغذى بها أخذاً وعطاءً، ومعنى محدودية عدد القراء والمتلقين بالضبط يعني محدودية النتاج الثقافي والفكري والحضاري، إن عملية الكساد التي تعاني منها المكتبات وقاعات المحاضرات والأمسيات الثقافية، مقارنة بملاعب الكرة، هو عمل تخريبي قد تأسس واستعد له الفرد منذ أزمان الطفولة، فعلى حين أن الطفل بإمكانه أن يقضي جزءاً كبيراً من يومه في لعب الكرة ومتابعة نجومها وأبطالها، نجد انه من ناحية أخرى بعيد تماما عن الكتاب كمصدر للبهجة والمتعة الذهنية.
لذا لا يحق لنا التذمر أو الشكوى من بعد الأجيال عن الثقافة، فالأسس التي كونت مناخاتهم الفكرية والنفسية أبعد ما تكون عن الثقافة وعمقها ودورها الحضاري المؤثر في الأجيال.
|