Tuesday 8th july,2003 11240العدد الثلاثاء 8 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
مَنْ يطفىء حرارة الخوف من المستقبل؟!
د. مفرج بن سعد الحقباني

عندما تشتد حمى الصيف وعندما تتعالى اصوات المهنئين بالنجاح، تتسارع دقات القلب خوفاً من المستقبل الذي لم يعد مجهولاً للكثير من الاسر السعودية، فبعد الجهد الكبير الذي بذله ابناؤنا وبناتنا لاجتياز امتحانات الثانوية العامة او ما يعادلها بدأت معاناة البحث عن المستقبل في دهاليز الجامعات والكليات ومؤسسات التعليم العالي المختلفة ومعها ترتفع درجات القلق لدى فلذات الأكباد خوفاً من وقوعهم في غياهب مصير من سبقهم هجرة الى هذه المرحلة المهمة من مراحل الحياة المختلفة.
ولعل مصدر القلق الوطني - ان صح التعبير - يكمن في الخوف من عدم القدرة على الحصول على مقعد دراسي في إحدى مؤسسات التعليم العالي المختلفة مما قد يعرضهم للبطالة وما يترتب عليها من تداعيات خطيرة على السلوك البشري والفكر الانساني. فمع الزيادة الكبيرة في اعداد الخريجين ومع عجز هذه المؤسسات عن استيعاب هذه الأعداد المتزايدة، ومع الخلل الكبير في سوق العمل السعودي الذي ظل بعيدا عن الاصلاحات الجادة، اصبحنا في كل عام نستقبل اعدادا متزايدة من العاطلين عن العمل المؤهلين نفسيا وبدنيا للانحراف الاخلاقي والفكري مما يجعل الاسرة السعودية تحت ضغط شديد خوفاً من ان يكون ابنها رقما من هذه الارقام المخيفة. واذا اضفنا الى ذلك تزايد اعداد العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات والكليات المتخصصة الاخرى، فإن الاسرة السعودية تظل تحت تأثير هذا الخوف الشديد حتى لو حصل ابنها على مقعد دراسي في مرحلة التعليم العالي لعلمها بأنه بيئة العمل المستقبلي لن تكون بأي حالٍ من الاحوال افضل من الواقع. وعلى الرغم من ارتفاع بعض الاصوات التي تحمل الضحية مسؤولية كونها ضحية، إلا أن قلق الاسرة السعودية الذي يتكرر في كل عام لابد وان يكون محط اهتمام اصحاب القرار وصناعه في اروقة الوزارات المختلفة حتى تستطيع مكونات المجتمع المختلفة الانصراف الى ميادين العمل والانتاج بعيداً عن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة على مستقبل الاستقرار الوطني.
يا سادة.. ان الاستمرار في هذه الدوامة من الخوف لا يخدم تطلعاتنا التنموية ولا يحقق الاستقرار الامني والاقتصادي حتى لو تعالت اصوات الشعراء وانطلقت أقلام المنتفعين لان الواقع قد اصبح داء عضالا ينخر في اساس البناء الاجتماعي للاسرة السعودية. يا سادة.. لابد ان نعي بأن الاسرة السعودية تواجه صعوبات اقتصادية متعددة لا تستطيع معها القيام بمهمة تمويل عملية تأهيل الابناء والبنات مما يتطلب اتخاذ الجهات المعنية لاجراءات عملية تكفل المحافظة على استقرار الاسرة الذي يمثل الركن الرئيس لاستقرار المجتمع السعودي. لابد ونحن نتعايش مع واقعنا الامني الحالي ان نعيد الامور الى نصابها وان نتذكر مسؤوليتنا الوطنية تجاه ابنائنا وبناتنا حتى لا نعض أصابع الندم وحتى لا نواجه جيشا مختلفا من المنحرفين الذين لا يملكون من الانتماء الوطني سوى بطاقة الاحوال المدنية، نعلم جميعا بأن الانتماء للوطن يزداد كلما كانت حياة الانسان مستقرة وكان الوطن مصدرا للرزق فهل نعي هذه الحقيقة التي يحاول البعض تجاوزها تحقيقا لمصالحه الخاصة؟ اتمنى من جميع المسؤولين بأن يغلبوا مصلحة الشباب على مصالحهم التي لديهم منها الكثير وان يعوا حقيقة مسؤوليتهم تجاه الاجيال المتعاقبة التي تتطلع الى ان تنعم بجزء يسير مما تحقق لنا على ارض هذه البلاد المباركة..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved