* القاهرة - مكتب الجزيرة - عاطف عوض:
دعا باحثون ومفكرون مصريون وسودانيون إلى توحيد اهداف المعارضة في سودان ما بعد السلام وعدم الافراط في التفاؤل حول السلام السريع وتغليب شعارات الوحدة عن الانفصال والعمل الجدي على تحقيق هذه الاهداف بالفعل.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان بعنوان «مستقبل السودان بعد أحداث دارفور» وشهدها عدد كبير من المثقفين المصريين والسودانيين ومندوب عن الجامعة العربية.
وتحدث الدكتور ابراهيم النور أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عن أحداث دارفور الدامية وقال إنه وبرغم كل شيء فانه لا يمكن التراجع عما وصفه بانتصارات ماشاكوس وخاصة بعد الحرب على العراق في اشارة إلى تغير النظام العالمي والتوازنات الدولية.
وقال ان هناك فشل ملحوظ في عملية التنمية في السودان كما حدث تغير ديموجرافي بسبب الحروب والصراعات المتلاحقة .. واصبح 36% من السكان يعيشون في المدن بعد ان كانت هذه النسبة لا تتجاوز 15% فقط في السبعينات. وأرجع النور ذلك إلى ان الحياة في الريف اصبحت مستحيلة، واضاف ان عدد سكان الخرطوم تضاعف ثلاث مرات ليصبح 7 ملايين نسمه بدلا من مليون نسمة كما اصبح 60% من سكان العاصمة من الجنوب أو الغرب وهم من النازحين من تلك المناطق بسبب الحروب ويؤكد أن الطبقة الوسطى قد تغيَّرت بدورها كما تغيَّرت تركيبة النخبة الاقتصادية ونشأت شرائح جديدة في المجتمع.
وحذَّر الدكتور عبدالغفار محمد أحمد أستاذ الانثربولوجيا مدير عام برامج الشرق الاوسط لبحوث السكان والعلوم الاجتماعية من الافراط في التفاؤل بشأن امكانية تحقيق السلام في وقت قريب، وقال انه لكي يستطيع السودان الاستمرار فإن عليه قبول التنوع الموجود فيه وطالب بدراسة تاريخ السودان بتعمق وايجاد شفافية في التعامل بين المثقفين والسياسيين بعضهم مع بعض، وتساءل عبد الغفار عن اعداد الحركات المعارضة السودانية لمستقبل السودان بعد السلام وهل حسمت امرها من قضايا خطيرة مثل الانفصال أم لا، وهل قامت بتحديد هدف استراتيجي لسودان المستقبل ام انهم فقط يريدون الوصول إلى السلطة أولاً كالعادة ثم يقومون بعد ذلك بتحديد الاهداف.
وقال عبد الغفار ان السلام في السودان سيتم قسرا لأن ذلك هو رغبة القوى العالمية وابرزها الولايات المتحدة التي تتعرض لضغط من ثلاث جماعات مختلفه اللوبي الاسود بحجه حماية مصالح السودان مع ان جميع اطراف الصراع من السود إلى اللوبي المسيحي الذي يضغط بحجة حماية الاقليه المسيحية في الجنوب واخيرا اللوبي الاقتصادي المتمثل في شركات البترول.
وتوقَّع عبدالغفار ان يحل السلام قبل نهاية هذا العام وطالب بأن تتضمن الاتفاقات التي سيتم التوصل اليها توضيح ما سيتم اعادة اعمار في جنوب السودان وعمليات التنمية واعادة بناء ما اسماه الخدمة المدنية وهي تشمل قوات الامن والقوات المسلحة والتعليم والصحة وكذلك ضمان عودة النازحين إلى ديارهم، وفي ختام كلمته طالب نظام الحكم الجديد في السودان بالاستفادة من تجربة كل من ايران وأثيوبيا في التعايش السلمي السريع بسبب وجود عناصر لن تترك السلطة بسهولة مما قد يؤدي إلى تحول السودان إلى صومال أو عراق آخر !!
رفض التدويل
وقال حلمي شعراوي مدير مركز البحوث العربية والافريقية ان الادارة الأمريكية اعلنت انها ستتوصل إلى اتفاق نهائي للسلام في السودان في الرابع عشر من اغسطس وبالتالي سنجتمع مرة أخرى لتحليل هذا الاتفاق.
ودلل شعراوي على كلامه مستشهدا باتفاق ماشاكوس حيث صرح الامريكيون قبله بأسبوعين فقط انه سيتم التوصل إلى اتفاق في 20 يوليو 2002 وقد كان وتوقع ان تكشف السنوات القادمة عن مزيد من الاسرار حول هذا الاتفاق.
وأعلن حلمي رفضه لتدويل المشكلة السودانية وقال ان هذا سوف يؤدي إلى الوصول إلى اعلان وربما اتفاق ولكنه لن يمثل حقيقة تاريخية، وحذَّر من الانسياق وراء الاعلام الامريكي وطريقة عرضه للوضع في السودان. وحدد شعراوي عشر نقاط ما زالت خلافية على الرغم من التوصل إلى اتفاق ماشاكوس وقال ان كل نقطة من هذه النقاط كفيلة بتغير الموقف والعودة إلى نقطة الصفر مجددا، وأهم نقاط الاختلاف هذه هي اقتسام السلطة والثروة والجيش وحدود الاقليم الجنوبي والفترة الانتقالية.
وانتقد شعراوي اطروحات المعارضة السودانية التي كان حضورها مكثفا في الندوة بسبب دعوتها إلى الانفصال وقال ان الانفصال يجب الا يتجاوز حدوده بوضعه ورقة تفاوضية فالانفصال غير ممكن اجتماعيا أو سياسيا أو جغرافيا فكيف ستقوم دولة في الجنوب يحيط بها اوغندا وتشاد وأثيوبيا والسودان ان يكون لها منفذ ساحلي فهذه ستكون دولة مسدودة على حد تعبيره.
كما انتقد شعراوي رؤية بوش للسلام في السودان دولة واحدة ونظامين، وقال ان الامريكان يهتمون بمراكز الابحاث والدراسات وعندما قالت دراساتهم ان السودان جزء من بحيرة البترول في وسط افريقيا والتي تضم تشاد وافريقيا الوسطى قاموا بإنفاق مليارات الدلاورات على عمليات المسح والاستكشاف، ثم اتخذوا قرارهم وعندما يتحقق لهم ذلك يكونون قد استولوا على بترول وسط آسيا في العراق وأمَّنوا بترول بحر قزوين واستولوا على بترول وسط افريقيا.
ولذلك ليس مستغربا انهم قد انهوا المشكلة الكاميرونية في أسبوع واحد لأنهم سوف يقومون بتصدير البترول عن طريق الكاميرون وبالتالي لن يكون دور لميناء بورفؤاد السوداني.
واختتم شعراوي كلمته بانتقاد موقف الجامعة العربية من الصراعات والخلافات العربية لكنه قال انها الآن تحاول ان تسترجع دورها مرة أخرى.
من جانبه دافع سمير حسني مدير ادارة افريقيا بالجامعة العربية عن الجامعة العربية واهتمامها بأفريقيا وخاصة مع قدوم الامين العام الحالي السيد عمرو موسى الذي قال انه يهتم شخصيا بقضية السودان خاصة في ظل الظروف الراهنة وجهود الجامعة للم الشمل العربي وتحسين صورة الجامعة العربية.
وقال ان هذا يتضح جلياً في حجم الاجتماعات والدراسات والوفود واللقاءات التي تمت مع المعارضة الشمالية متمثلة في حزب الامة والتجمع الوطني الديمقراطي أو المعارضة الجنوبية المسلحة وزعيمها جون قرنق.
وقال انه في ضوء الخبرة السابقة ان الجامعة رفضت الحوار مع جماعات الاسلام السياسي ولا ترحب بأي دور لها في جنوب السودان، وشدد على أهمية وجود الجامعة في جميع المفاوضات واللقاءات وبناء الثقة وحفظ المصالح العربية، مشيراً إلى ان الجامعة ليست طرفا في الازمة ولا تنحاز إلى فريق دون الآخر.
|