* رام الله - نائل نخلة:
كشفت إحصاءات وتقارير جمعية الإغاثة الزراعية أن الجدار الفاصل سيعمل على فصل 14 ألف نسمة يقطنون مناطق سلفيت وقلقيلية شمال الضفة الغربية، وعزلهم بشكل تام عن المحيط الخارجي وأشارت جمعية الإغاثة الزراعية الفلسطينية إلى أن بناء الجدار أدى إلى فقدان 6500 فرصة عمل في الزراعة ومرافقها المختلفة حتى الآن في حين أن العدد قابل للزيادة، إضافة إلى أنه سيعمل على تدمير مساحات واسعة من حقول الزيتون والتي كانت تأتي بـ22 ألف طن من الزيتون سنوياً، إضافة إلى خسارة ما مقداره 50ألف طن من ثمار الحمضيات نتيجة تدمير البيارات، ناهيك عن تدمير100منزل وفقاً للاحصاءات المتوفرة لديها.
وقالت إن قرى مسحة وسنيرية وبيت امرين وعزون وعتمة وبديا والقرى المجاورة في محافظتي سلفيت وقلقيلية ستعاني من أزمات اقتصادية ومادية خانقة، إضافة إلى صعوبات ومخاطر جمة في التنقل نتيجة تنفيذ هذا المخطط.
وبدورها أكدت وزارة الزراعة الفلسطينية في تقارير عدة أن الجدار العنصري أدى إلى خسائر كبيرة في القطاع الزراعي، إضافة الى تهديد البيئة الفلسطينية وعزل عدد كبير من القرى والبلدات الفلسطينية وخصوصا قرب طولكرم وجنين وقلقيلية.
وأوضح التقرير الأبرز الصادر عن الإدارة العامة للتربة والري في الوزارة والذي أعده المهندس قاسم عبده ونشرت نتائجه نهاية الشهر الماضي ابرز الانتهاكات الاحتلالية الناجمة عن الجدار الفاصل، إضافة إلى شرح مواصفاته الفنية، و آثاره على المياه والتربة والقطاع الزراعي بشكل عام.
وأظهر التقرير أرقاما وإحصاءات مذهلة تتحدث عن الخسائر الناجمة عن هذا المخطط الخطير،حيث تبين أن إنتاج الزيت سينخفض بسبب تقطيع آلاف الأشجار المثمرة والمعمرة بمعدل2200 طن في الأعوام المقبلة،إضافة إلى انخفاض إنتاج ثمار الفواكه بمعدل50 ألف طن، والخضروات بمعدل100ألف طن سنويا.
وسيفقد حوالي10000رأس من الماشية مناطق رعيها، ناهيك عن تدمير المئات من البيوت البلاستيكية ومزارع الطيور وحظائر الحيوانات، مما سيؤدي إلى أضرار بالغة وتراكمية للاقتصاد الفلسطيني.
وأوضح التقرير أن نسبة الأراضي المروية تعادل5% من مساحة الضفة الغربية، ولكن مساهمة هذه النسبة المتواضعة في الإنتاج الزراعي للضفة تساوي 52%، في وقت تعتبر مناطق شمال الضفة من أهم المناطق المروية والحيوية التي أقيم الجدار الفاصل العنصري على أراضيها، مما جعل قلقيلية وحدها تخسر 8600 دونم بنسبة72% من أراضيها المروية، وكذلك سبع آبار للري الزراعي.
وقال التقرير ان إقامة الجدار الفاصل ستؤدي إلى مصادرة 10% من أراضي الضفة، حيث تمت مصادرة 160-180 ألف دونم في المرحلة الأولى منه فقط، وهي تعادل2% من أراضي الضفة الغربية، بسبب امتداده إلى عمق 6 كم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1967م، وإجراء تعديلات في المرحلة الأولى لضم 10مستوطنات و17 قرية فلسطينية لصالح الخط الأخضر.
واضاف أن المرحلة الثانية منه والتي تمتد من قلقيلية في الشمال إلى مدينة القدس المحتلة ستضم عددا آخر من المستوطنات والقرى الفلسطينية والأراضي الزراعية الخصبة.ويشير التقرير إلى أن العدد الكلي للمستوطنين الذين سيصبحون داخل إسرائيل سيصل عند الانتهاء من هذا الجدار إلى 343 ألف مستوطن، موضحا في الوقت ذاته أن الاحتلال جرف ما مساحته 11500دونم وقلع 83000 شجرة فقط من اجل عمل ما تسمى المنطقة الأمنية العازلة لكشف المتسللين.
وصادر هذا المخطط 30 بئر ماء في محافظتي قلقيلية وطولكرم بطاقة تصريفية عالية، والتي تم حفرها قبل عام 1967وتقع على الحوض الجوفي الغربي، مما سيفقد الفلسطينيين 18% من حصتهم في هذا الحوض والتي هي 22مليون متر مكعب سنويا من أصل 362مليون متر مكعب حسب اتفاقات أوسلو، إضافة إلى انه دمر البنية التحتية لقطاع المياه من مضخات وشبكات الأنابيب الخاصة لمياه الشرب والري الزراعي، مما سيعمل على فقدان بعض القرى الفلسطينية مصادرها المائية بالكامل.
وتطرق التقرير إلى مخاطر الجدار على البيئة الفلسطينية لكونه عمل على اقتلاع الآلاف من الأشجار المثمرة وخصوصا الزيتون، حيث وصل عدد الأشجار التي اقتلعت منذ بداية انتفاضة الأقصى إلى مليون شجرة منها 300ألف شجرة زيتون.
وبين أن أهمية هذه الأشجار تكمن في كونها تعمل على تحسين نوعية الهواء من خلال التقاط حبيبات الغبار واستهلاك ثاني أكسيد الكربون واطلاق الأوكسجين في الجو، والتقليل من جريان المياه وانجراف التربة، وزيادة الفرصة أمام تغذية الخزان الجوفي، إضافة إلى مساهمتها في استدامة الحياة البرية من خلال توفير الملاذ الآمن للطيور والحيوانات الأخرى وبالتالي الحفاظ على التنوع البيئي.
وحول آثار الجدار على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للمواطن الفلسطيني قال التقرير ان 17 قرية فلسطينية باتت داخل أراضي السور، وتضرر نتيجة ذلك 108 ،918فلسطيني في المرحلة الأولى من المشروع أي بنسبة حوالي5% من سكان الضفة الغربية.واشار إلى خطورة ضم اراضي25 قرية فلسطينية بعد تدمير اقتصادها بالكامل وفصلها بعضها عن بعض، ناهيك عن كون هذا الجدار عائقاً أمام تنقل المواطنين بشكل عام والمزارعين خصوصا بسبب الخنادق ومنع التجوال بالقرب من السور، إضافة إلى منع الرعاة والمواشي من الاستفادة من الأراضي القريبة من الجدار.
وبين أن المرحلة الثانية من المخطط ستعزل القدس عن الضفة الغربية، إضافة إلى عزل200ألف فلسطيني داخل أراضي إسرائيل، ناهيك عن حرمان آلاف المسلمين والمسيحيين من الصلاة في القدس.
وشدد تقرير الإدارة العامة للتربة والري في وزارة الزراعة على أن هذا الجدار العنصري بكل ما يحمله من أضرار للإنسان الفلسطيني واقتصاده الوطني يحمل في طياته ميزات وفوائد ستجنيها الحكومة الاسرائيلية من خلال ضم المزيد من الأراضي والمياه في محاولة لتحسين الوضع الاقتصادي المتردي لهذا الكيان.
أما الباحث وليد أبو محسن من مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية فيقول في تقرير له ان إسرائيل تسعى من خلال الجدار لتشكيل حدود الضفة الغربية والذي يقدر طولها بحوالي 400 كم, واما الجزء الشمالي منها فيمتد من قرية سالم شمالا إلى حدود قلقيلية جنوبا ويقدر طول هذا الجزء بحوالي 115 كم ويضم معظم التجمعات الاستيطانية وقد تم تغيير مساره إلى شرق الخط الأخضر لكي يضم اكبر عدد ممكن من المستعمرات وبالذات في منطقة قلقيلية.
وأضاف: يشكل هذا الجزء في الوقت الحالي المرحلة الأولى من ثلاث مراحل,وقد تم لغاية الآن اكثر من مرة إجراء تعديلات على مساره فبالإضافة إلى انه لم يطابق الخط الأخضر أو حدود حزيران عام1967، فإنه أيضا لم يطابق القرارات العسكرية الصادرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي علاوة على ما ذكر سابقا فان هذا الجدار سيأتي على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية وهي من أخصب الأراضي وأكثرها استخداما واستغلالا وخاصة منطقة الشعراوية ومنطقة قلقيلية التي أتى الجدار على معظم أراضيها وحولها إلى كنتون (جيب) ذي مخرج واحد هو الطريق الواصل بمدينة نابلس.
أما عن المساحات ونوعية الأشجار والفواكه التي تم تدميرها واقتلاعها وآثار ذلك على البيئة فهذا أمر طبيعي بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، أما الجديد في ذلك فهو أن الأراضي والقرى التي وقعت بين فكي كماشة الجدار,أي بين الجدار والخط الأخضر ومساحتها حوالي 90 كم مربع في الجزء الأول من الجدار، هذه المساحة تستثني ما تم تجريفه وكذلك المنطقة الأمنية للجدار والتي هي بعرض حوالي 100 متر على طول مسار الجدار.
وبين أن أحد عشر تجمعا فلسطينيا في الناحية الغربية من الجدار قد حوصرت، في وقت يقدر عدد سكانها بحوالي (13الف نسمة) ومن أكثرها كثافة سكانية قرية باقة الشرقية قرب طولكرم التي كان الاحتلال قد قسمها إلى قسمين في العام 1948، والآن تم ضمها بالكامل داخل الجدار الفاصل,وكذلك برطعة الشرقية بمحافظة جنين التي كان لها نفس النصيب من الاحتلال وكذلك قرية نزلة عيسى التي تم تدمير اكثر من 60 محلاً تجارياً في حدود منطقة الجدار وتم ضمها كليا داخل كماشته.
وأكد أن القرى المتضررة كثيرة وخاصة أن معظم القرى الحدودية للخط الأخضر كان لها نصيب من ذلك ويقدر عدد القرى المتضررة مباشرة بحوالي 40 قرية وتجمعا سكانيا واكثر من 35 الف نسمة، هذا فقط في الجزء الأول من الجدار، ناهيك عن التغييرات التي طرأت على تغيير مسار هذا الجدار في منطقة قلقيلية وطولكرم.
أما بخصوص القدس فقد أوضح الباحث الزراعي أبو محسن أنه ليس بأقل من ذلك حيث تم استحداث الجدار من الناحية الشمالية والمحاذية لمطار قلنديا وقرى كفر عقب قلنديا ورافات والرام، وبذلك تكون إسرائيل قد استحدثت طوقا أخر حول القدس لمنع التواصل الفلسطيني وفصل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني علاوة على ما تمت مصادرته من أراض لبناء المستعمرات، وما تم ضمه إلى حدود بلدية القدس المصطنعة، مما تسبب في شل حركة الفلسطينيين و تهجير الكثير من أبناء القدس لأسباب اقتصادية وغيرها.
وأشار إلى أن هذا الجدار سيعزل قرى جديدة مثل الرام وبيرنبالا والجيب وأهلها من حملة الهوية الفلسطينية بطريقة لا يمكنهم تنظيم شؤونهم مما سيضطرهم للهجرة خارج حدود منطقة الجدار الفاصل, وينطبق ذلك على قرية كفر عقب أيضا.
واستكمالا لذلك فقد كانت إسرائيل قد بدأت بوضع السيناريوهات المتعددة من اجل توسيع حدود البلدية المفترضة (القدس الكبرى) ولكي تحصل على اكبر مساحة ممكنة بأقل عدد من السكان الفلسطينيين وخاصة أن التخطيط يشمل المنطقة الشمالية الشرقية باعتبار أن هذه المنطقة تعد من أكبر المناطق كثافة استيطانية ابتداء من جفعات زئيف، وجفعون مرورا بعلمون وانتهاء بمعاليه ادوميم وكيدار وغيرها.
وبذلك تكون إسرائيل قد ضمت اكثر من 13مستعمرة وأغلقت المنطقة الشرقية الشمالية وضمت حوالي 100 الف مستوطن على الأقل وتكون قد رفعت نسبة عدد سكان اليهود داخل حدود البلدية لتصل إلى حوالي 70% بدلا من 67% حاليا، أما من الناحية الجنوبية حيث منطقة بيت لحم فقد قررت إسرائيل توسيع حدود البلدية لتشمل مسجد بلال بن رباح (ما يسميه الإسرائيليون قبة راحيل)، وبإنشاء معبر (كردور) توصل المنطقة بحدود البلدية.
وأكد أن إسرائيل تسعى من خلال هذه المخططات الى إغلاق اكبر الملفات لديها وهو ملف الاستيطان، القدس والحدود من خلال رسم الحدود وضم مستعمراتها وتوسيع حدود البلدية وبذلك تحصل على أغلبية الأراضي المحاذية للخط الأخضر من الشمال إلى الجنوب بحيث تتجاوز هذه المساحة700 كم2 وتشكل اكثرمن12% من مساحة الأراضي الفلسطينية.
وأكد أن هذا يندرج ضمن مخطط شارون قبل عشرين عاما عندما كان وزيرا ونفذها في فترة حكومته، وعلاوة على ذلك فان منطقة الأغوار بالنسبة لشارون تشكل خطا احمر وخط المواجهة الأول، فبالإضافة إلى خطته السابقة فقد أعاد هذه الأيام السيناريو السابق بضم الأغوار والسفوح الشرقية للضفة الغربية وهي تشكل اكثر 1000 كم مربع أي حوالي 17% من الأراضي الفلسطينية وبذلك يضمن اقل 30% من مساحة الضفة الغربية، وتبقى المساحة المتبقية تشكل الدولة العتيدة للفلسطينيين مكونة من قسمين لا يربطهما أي تواصل جغرافي وكل منهما مجزأ إلى كنتونات محرومة من الكينونة الاقليمية.
وبخصوص محافظة قلقيلية يقول مركز أبحاث الأراضي إنها بين فكي كماشة جدار الفصل العنصري، وهي تعاني من نهب مستمر لأراضيها من قبل المستعمرات الإسرائيلية، والحواجز العسكرية، والطرق الالتفافية، وجدار الفصل العنصري.
وقال المركز ان هذه المدينة مستهدفة من قبل إسرائيل لأنها من المدن الفلسطينية الحدودية المتاخمة للخط الأخضر الذي يفصل بين حدود عام 1967و 1948 وتعتبر مدينة قلقيلية أقرب مدينة للساحل الفلسطيني، كما يبلغ عدد سكانها 40000 نسمة وعدد سكان المحافظة 82000 ألف نسمة ومساحة المحافظة 163 كم مربع, بذلك تكون من أكثر المدن كثافة سكانية، واكثرها تضررا من الاستيطان في الضفة الغربية.
ويشير التقرير إلى أن محافظة قلقيلية تحيط بها 17 مستوطنة تشكل في النهاية جدار فصل للمدينة عن قراها، والمحافظة عن باقي محافظات الضفة،ومن اكثر المستعمرات قربا الى مركز المدينة «الفيه منشيه» و«تسوفيم» و«تسور أيجال» و«يرحاف» إذ تحيط بالمدينة من جوانبها الأربعة، اضافة إلى اكبر المستعمرات وهي (أرئييل).
وبين أن جدار الفصل العنصري حول قلقيلية إلى جيب ذي مخرج واحد من الشرق قرب حاجز «بدوق» وقد تغير مسار الجدار ليضم مستعمرة (الفيه منشيه) وذلك بقرار من الحكومة الإسرائيلية، ويشار إلى أن محافظة قلقيلية من اكثر المحافظات تضررا من جدار الفصل حيث تم اقتطاع الجزء الأكبر من الأراضي الزراعية مع العلم أن المساحة المضمومة داخل جدار الفصل لا تضم سوى 4 مستوطنات من اصل 17 مستوطنة والدليل على ذلك تغيير المسار للجدار وخنق المدينة.
وشدد التقرير على أن خطة الجدار الفاصل العنصري الجديدة جاءت لتخلق مناطق عزل كاملة تحيط بقلقيلية من شمالها وجنوبها وشرقها وغربها بحيث لا يتم الخروج والدخول لا يتم إلا من المخرج الشرقي وتحت مراقبة شديدة واستفزازية.
وأشار المركز إلى أن مجمل هذه الإجراءات والتي رافقتها ابان السنتين الأخيرتين حملة تدمير منظمة لشبكات الري والآبار الجوفية والبيوت البلاستيكية والبيارات والمشاتل كما تم تدمير شبكات الكهرباء والصرف الصحي والطرق أن هذا التدمير للبنية التحتية مع إغلاق المدينة وأراضيها بهذا الشكل يعني قتل الحركة الاقتصادية الزراعية والتجارية في المدينة وبالتالي الضغط المنظم والهادف لترحيل أهالي قلقيلية شرقا وهذا ما تسعى إليه سلطات الاحتلال.
وأكد المركز أن ما يحدث في الأراضي التي عزلت غربي الجدار الفاصل في محافظات جنين وطولكرم ليس لها أي أساس أمني كما تدعي سلطات الاحتلال بل هي وسيلة للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية وترحيل الفلسطينيين شرقا كخطوة لترحيلات أخرى يسعون إليها، مما يستدعي التنبيه لهذه المخططات الخطيره والتشبث بالأراضي والتكامل والتضامن لإفشال هذه المخططات، وضرورة تنبه العالم الخارجي إلى هذه السياسات التي تقتل السلام وتزرع بذور المزيد من الحروب في المنطقة مما سيهدد الأمن الإقليمي والعالمي.
|