تحت سقف مجلس ولي العهد اجتمعت طوائف ومذاهب وملل ونحل، لم يسبق أن أظلها سقف واحد من قبل، أنه مشهد وطني مهيب وجليل ويصعد البهجة إلى قمة الرأس.
كان أول الحضور وأهمهم وأجلهم هو الوطن، وما سوى ذلك يجب أن ينكمش يتوارى ينحل في الصدور قبل أن ينحل في أرض الواقع.
أنه مشهد نادر لم نكن نحلم به في أكثر أحلامنا وردية في منتصف الثمانينات، وقتها كان القصف الأيدلوجي على أشده، وكانت هناك التهم الجاهزة، والالغاء، والمنابر التي نسيت دورها الروحي والسماوي وتحولت عنه إلى منبر أيدلوجي سياسي يتخفى وراء الدين.
لم تكن أشد أحلامنا اتساعا تحلم بهذا السقف الذي صنعه ولي العهد بعباءته الوارفة الوافرة النبيلة.
في أواخر الثمانينات كنا وقتها في الجامعة نحاول أن نبحث لنا عن هوية وعن مصداقية للحلم، وكانت الحرب الأفغانية على أشدها، وكانت هناك بعض الجماعات في الجامعة تلغي جميع الأنشطة الطلابية وتحولها إلى خطاب مقدس، وحملة تبرعات يجب أن تصب كلها في أفغانستان، أما الثورة الإيرانية وخطابها الديني فقد أنتجت خطابا مضادا من المعسكر السني، ذلك الخطاب الذي كان يصل إلى حد الغلو والإفراط وتغييب أي طرح آخر كان يحاول أن يجعل من الوطن، من أحلامه من غده وفتياته محورا له، لم يكن أحد يود أن يستمع لنا أو لأصواتنا وزقزقة الطيور في صفحات دفاترنا، كان أي خروج عن التيار العام الهادر المحتطم القادم من فوق منبر واحد، هو نوع من المروق والضلال.
قد يكون في ما قلت بعض من الوضوح الذي لا تحتمله توجهاتنا المتحفظة الوقورة ولكنه السقف، والسقف الذي كان يظل الجميع في مجلس ولي العهد، وأيضا البهجة العارمة بذلك الاجتماع، الفرحة التي تجعلنا نخل بحدودنا، بمحذوراتنا، وننشئ علاقة جديدة وروابط مختلفة، وأحلاماً أقل عنفا وأكثر سموا، فنحن في حضرة الوطن وباستلهام تعاليم ديننا الحنيف.
|