لماذا والآن على وجه التَّحديد...
يخرج من هذا المجتمع، وفيه من يعمل في الخفاء...، ويستتر في النُّور، ويشعل النَّار في الظُّلمة، ويُسْفر عن وجه الحقد، والشَّر، والبغض، والانتقام، يلوِّث يده بالدَّم، ويحرق ذاته بالنَّار، ويبدِّد عمره في الجَّريمة؟...
ولماذا هذه ليست تنكر ما للبشر من نزعات، كما فيها الخير، الشَّر فيها، وليست تنسى ما لهذه النَّماذج البشرية من وجود منذ وطئ آدم أديم الأرض وإلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وليست أيضا تنسى هذه «اللِّماذا» ما تعرَّض له الأنبياء والرُّسل وما قام على الأرض من الفساد على مدى عمر البشرية ولن ينتهي...
فالشَّر متوَّقع، ولا ينكره عاقل فطين، وإلاَّ لما وجدت أجهزة الأمن في المجتمعات البشرية، ولما وجدت الجِّيوش، ولما قام شأن «للعسِّ» في الدَّولة الإسلامية الأولى...
لكن، مع كلِّ هذه المسلَّمات، إلاَّ أنَّ «لماذا» هذه تطرح نفسها وبقوة الآن...، لماذا الآن؟!...، وكيف فجأة ظهر في مجتمعنا هذا العدد وإن تداخل فيه من هم من غير أهله، إلاَّ أنَّه يدعو إلى ظهور «لماذا» و«كيف»؟...
إنَّ المتمعِّن في الأحداث الأخيرة التي طرأت على السَّاحة الدَّولية، ويدرسها بعمق، سيجد أنَّ الأصابع اتجهت إلى هذه البلاد، ولمَّا كان شأن «السَّلام» و«الأمن» هو شعارها، السَّائد فيها، كان التَّوجه إلى واسطة العقد: السَّلام والأمن، وكان أن وظِّف لهذا الأمر ثلَّة من الشَّباب، ليسوا والله قد تنشَّأوا على الانتماء، ولم تُزرع في نفوسهم قيمة...، بل لعلَّهم من أولئك الذين تُركوا لأنفسهم، ولصحبهم، ولمن في قدرته احتواؤهم، والهيمنة على بؤر وجدانهم...، وتوجيه سلوكهم.
وهي مسؤولية الانتباه، والرِّعاية، فكثير، بل غالبية الآباء عندما يشُبُّ، بل قبل أن يشبَّ أبناؤهم يدعوهم لأنفسهم، بحجة أنَّهم كبروا وغدوا رجالاً، لكن نسوا أو ينسون هؤلاء الآباء أنَّ التَّربية الإسلامية كانت تأخذ بهذه الفئة للتَّأديب، فتعيَّن لهم من يعلِّمهم السِّباحة، والرِّماية، وركوب الخيل، بل تعلِّمهم وتدرِّبهم على الأخلاق الفاضلة، والسُّلوك الطَّيب في القول والعمل، وتجعلهم يتحمَّلون مسؤوليات في مجالس آبائهم، أو رحلاتهم، أو صيدهم أو حتى رعيهم.
إنَّ الثَّمر الذي لا يحصد يذوي ويجف ويموت ويسقط، وما سقوط الثَّمر إلاَّ كسقوط هؤلاء في بؤر الفساد.
فكيف رأيناهم؟!
تلك مهمَّة كلِّ أب، وأم، ومربٍّ، بل مسؤول.
كي تسدَّ المنافذ أمام من يتصيَّد سلام هذا المجتمع وأمنه.
|