ان التهابات الجيوب الأنفية هي من أكثر الأمراض شيوعاً وحيث ان هنالك الكثير من العوامل المساعدة لحدوث الالتهاب كما هو الحال أيضا بالنسبة لحساسية الأنف والجيوب الأنفية مثل التدخين والذي هو برأيي أكثر العوامل ضررا إضافة إلى التعرض للغبار وأبخرة المواد الكيماوية وأجهزة التكييف وغيرها الكثير.. لذا فإن ذلك يشكل وسطاً مناسباً لتكاثر البكتيريا المستوطنة في الأنف التي سرعان ما تنتقل إلى الجيوب الأنفية من خلال فتحات الاتصال الضيقة التي تصل الجيب الأنفي بالتجويف الأنفي ناهيك عن ان تضخم قرنيات جدار الأنف الداخلي وانحراف الحاجز الأنفي الوسطي أيضاً تسهم إلى حد كبير في سوء تهوية الأنف وكذلك الجيوب الأنفية المجاورة مما قد يؤدي إلى تكرار حدوث الالتهاب.
ولقد كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور نصر البطاينة استشاري الأنف والأذن والحنجرة بمركز النخبة الطبي الجراحي ليطلعنا عن هذا الموضوع.
* دكتور هل لك أن تطلعنا ما هي الجيوب الأنفية؟
- الجيوب الأنفية هي عبارة عن غرف هوائية توجد داخل عظام الوجه والجمجمة هذه الغرف تبطنها من الداخل اغشية مخاطية شبيهة بتلك التي تبطن الأنف والمجاري التنفسية العلوية، تتصل هذه الغرف الهوائية بتجويف الأنف من خلال فتحات ضيقة حيث تسمح بمرور الهواء إلى داخل الجيب الأنفي وكذلك مرور الافرازات التي تفرزها الغدد الموجودة ضمن الأغشية المبطنة للجيب باتجاه التجويف الأنفي.
* ماهي أنواع الجيوب الأنفية؟
- الجيوب الانفية تنقسم إلى أربعة أنواع:
1- الجيوب الوجهية وهما اثنان ويعتبران الأكبر حجما مقارنة بباقي الجيوب الانفية الأخرى حيث يصل حجم الجيب الوجهي الواحد إلى حوالي 15 مل وتتصل بتجويف الانف كما اسلفت من خلال فتحة ضيقة تأتي أسفل القرنية الوسطى.
2- الجيوب الوجهية وهما اثنان أيضاً لكن هما غير متساويي الحجم تفصلهما رقاقة عظمية واحياناً قد لا يكون موجوداً أحدهما أو كلاهما وهذا ليس بنادر.
3- الجيوب الغربالية وهي كثيرة العدد صغيرة الحجم وتنقسم إلى مجموعتين أمامية وخلفية وقد يصل عددها مجتمعة إلى حوالي ست عشرة غرفة هوائية وتقع ضمن العظم الغربالي الذي تفصله رفاقة عظمية عن العين مما يعطيها أهمية خاصة فحدوث أي التهاب فيها قد يؤثر سلبا محدثا مضاعفات في العين وما جاورها.
4- الجيوب الاسفينية وعددها اثنان تفصلهما رقاقة عظمية غير متساويتي الحجم اعلاها تقع الغدة النخامية تفصلها عنها ايضا رقاقة عظمية، وحديثا أصبح الوصول الى الغدة النخامية لاستئصالها اسهل من السابق حيث كانت مثل هذه العمليات تجرى بفتح الجمجمة في حين ومن خلال تعاون أطباء جراحة الدماغ والأنف والحنجرة أصبح الوصول إليها من خلال الأنف فالجيب الاسفيني فالغدة النخامية.
* ماهي أنواع التهابات الجيوب الأنفية؟
- ان التهابات الجيوب الانفية نوعان كما هو متعارف عليه:
1- التهاب الجيوب الانفية الحاد.
2- التهاب الجيوب الانفية المزمن.
ويمكن ان يتم تقسيم التهابات الجيوب الانفية حسب الجيب المصاب كأن نقول التهاب الجيوب الانفية الوجهية او الغربالية وهكذا.
* ماهي أعراض التهاب الجيوب الانفية؟
- من أعراض التهاب الجيوب الانفية الحاد نذكر:
- صداع شديد - ارتفاع في الحرارة - افرازات صديدية بالأنف قد تنقل الالتهاب إلى الحلق فالمجاري التنفسية واحيانا للأذن الوسطى مرورا بقناة استايكوس - آلام في الوجه وخصوصا في المنطقة المحيطة بالجيب المصاب - أحياناً الشعور بالدوار وعدم الاتزان والإرهاق العام.
أما من أعراض التهاب الجيوب المزمن نذكر:
- صداع مزمن ومتكرر قد يقود صاحبه إلى القيء.
- ألم يستوطن الجيب المصاب والمنطقة المحيطة به.
- تكرار التهاب اللوزتين والحلق.
- افرازات تصب خلف الأنف في الجزء الخلفي من الحلق.
* كيف يتم تشخيص التهاب الجيوب الانفية؟
- بداية من خلال السيرة المرضية المعطاة من قبل المريض للطبيب.
- يتم فحص المريض جيدا في عيادة الطبيب المختص حيث غالبا ما يلاحظ وجود افرازات صديدية في الأنف وألم في منطقة الجيب المصاب وتضخم في قرنيات الأنف مع احتقان شديد في الأغشية وغيرها.
- بعد فحص المريض يقوم الطبيب بطلب عمل صور شعاعية للمريض للتيقن من وجود الالتهاب واحيانا قد يطلب اجراء صورة طبقية محورية لأن مثل هذا النوع من الصور يساعد كثيرا الطبيب المعالج خصوصا إذا ما كانت النية تتجه إلى اجراء مداخلة جراحية للمريض.
* هنالك مايسمى باللحميات او السلاميات الانفية هل لك ان تطلعنا عنها وعن طرق علاجها؟
- السلاميات الانفية هي عبارة عن انتفاخ للأغشية المبطنة للجيب الانفي تخرج من خلال الفتحات الضيقة للجيب أسلفت الحديث عنها ولكون هذه الفتحات ضيقة يتم خنق لهذه الأغشية فتتشكل على شكل كيس أو ما يشبه حبات العنب متدلية داخل تجويف الأنف وهي في الغالب ناتجة عن مرحلة متقدمة من حساسية الأنف والجيوب.
أما فيما يخص طرق المعالجة يتم باستئصالها في عيادة الطبيب تحت التخدير الموضعي أو في غرفة العمليات تحت التخدير العام وحديثا تم ادخال تقنية استخدام المنظار في عمليات استئصال السلاميات الانفية حيث يتم استئصاله من جذورها من خلال الوصول بالمنظار إلى داخل الجيب المصاب.
* هل لتقنية جراحة المناظير فوائد أخرى؟
- بالطبع لقد أحدثت جراحة المناظير ثورة جديدة في عالم الطب وفي جميع التخصصات ومنها جراحة الأنف والحنجرة إذ ان المريض الذي تجرى له جراحة باستخدام المنظار لم يعد بحاجة للبقاء في المستشفى لأيام عدة كما كان سابقا حيث إنه يستطيع المغادرة في يوم العملية نفسه بعد ان يكون الجراح قد اطمأن على حالته كما انه قد لانكون بحاجة إلى التخدير العام لبعض الحالات البسيطة كأخذ خزعة لدراستها مجهريا أو لاستئصال سلامية أنفية صغيرة أو ما شابه.
* هل لك ان تطلعنا على العمليات الجراحية التي تجرى على الجيوب الانفية وجدواها؟
- بالطبع هنالك العديد من العمليات التي تجرى على الجيوب الانفية منها:
- عمليات غسل الجيوب وهو إجراء مبدئي قد يحل المشكلة بالنسبة للمريض فيما لو كان التهاب الجيب محدوداً وأيضاً يتم أخذ جزء من السائل أو الصديد لزراعته في المختبر ليتم التعرف على الجرثومة المسببة وكذلك العلاج المناسب ويتم غسل الجيب بمحلول ملحي خاص وأحياناً يتم حقن داخل الجيب ببعض المضادات الحيوية ومركبات الكورتيزون وذلك لتسريع الشفاء بإذن الله.
- هنالك أيضا قد يتم عمل فتحة كبيرة نوعا ما تحت القرنية السفلية للمساعدة في خروج الافرازات المتجمعة داخل الجيب الوجهي التي تشكل بيئة مناسبة لتكاثر البكتيريا وتكرار التهاب الجيب.
- أحياناً قد يتم الدخول إلى الجيب الوجهي من خلال عمل فتحة في الجدار الأمامي للجيب الوجهي ويكون ذلك لاستئصال ورم من داخل الجيب وتتم مثل هذه العمليات تحت التخدير العام ومن خلال عمل شق اسفل الشفة العلوية وللعلم ان مثل هذه العمليات تتم الاستعاضة عنها باستخدام المنظار.
- أما فيما يخص باقي الجيوب الانفية كالوجهية والغربالية فقد أحدثت جراحة المناظير نقلة نوعية في علاج أمراضها كما اسلفت سابقا.
* هل لك ان تطلعنا على مضاعفات جراحة الجيوب الانفية؟
- هنالك العديد من المضاعفات المتوقع حدوثها نذكر منها:
- النزف الدموي وهو من المضاعفات الشائعة في أي اجراء جراحي.
- التسبب في إيذاء الشريان الرئيسي المغذي للأنف والجيوب الانفية والذي يقع خلف الجدار الخلفي للجيب الوجهي.
- التسبب في إيذاء الجدار العلوي للجيب الوجهي الذي يفصل الجيب عن العين وهذا يؤدي إلى مضاعفات في العين وكما هو الحال أيضا بالنسبة للجراحة المجراة على الجيب الغربالي الذي تفصله عن العين رقاقة عظمية كما اسلفت سابقاً.
- هنالك مضاعفات ذات علاقة بالدماغ وذلك لقرب الجيوب الغربالية والوجهية والاسفينية من تجويف الجمجمة ومحتواها الدماغ.
لكن بقي ان اذكر ان ما اسلفت ذكره من مضاعفات هي ممكن حدوثها لكن إذا كان الجراح المجري للعملية يتمتع بكفاءة عالية فهي نادرا ماتحدث.
* قبل أن أنهي حديثي هل لك ان تعطينا فكرة عن أورام الأنف والجيوب الأنفية؟
- بداية أود ان أحيطكم علما بأن أورام الرأس والرقية تشكل أكثر من 50% من مجموع الأورام التي تصيب الجسم التي من ضمنها أورام الأنف والجيوب الانفية والذي لا يبعث على الاطمئنان هو ان هذا النوع من الأورام يتم اكتشافها متأخرة حيث تكون قد انتشرت إلى الغدد الليمفاوية المجاورة وباقي اجزاء الجسم.. ان من أكثر الأورام شيوعاً هو الورم السرطاني غير الحميد الذي ينشأ في المنطقة الخلفية العلوية للجدار الخلفي للبلعوم بجوار الفتحة السفلية لقناتي استايكوس وهي المنطقة نفسها التي توجد فيها اللحمية عند الاطفال من هنالك قد ينتشر الورم باتجاه الأنف أو الجيوب الانفية أو حتى إلى الدماغ والمناطق المجاورة.
* ماهي الأعراض التي تصاحب وجود الورم السرطاني وكيف للمريض ان يتكهن بوجودها ومتى يراجع الطبيب للاطمئنان على حالته وخلوه من هذا المرض؟
هنالك أعراض عدة لكن لايعني اذا ماكان أي منها عند المريض ان تقوده إلى الشك من هنا أجد لزاما على أي منا ان يقوم بإجراء فحص طبي شامل للوقوف على حالته الصحية لا أن يقوم بذلك بعد حدوث المرض واحياناً كما أشرت سابقاً يكون المرض قد استفحل ولا مجال لعلاجه.
أما فيما يخص الأعراض سأذكر الأهم منها:
-النزف المتكرر من جهة واحدة عند كبار السن يجب ان نتحقق من الحالة لنستثني وجود الورم السرطاني.
- يلاحظ المريض وجود ورم داخل الأنف يجعل تنفسه صعباً هنا يجب مراجعة الطبيب الذي إذا ما شك بوجود ورم سرطاني فإنه سيلجأ إلى أخذ خزعة من الورم ويطلب اجراء اشعة طبقية محورية للوصول إلى تشخيص أكيد للحالة.
- قد يلاحظ المريض عدم تماثل في شقي الوجه كأن تكون جهة أكبر من الأخرى إلى غير ذلك من الأعراض الكثيرة التي يصعب حصرها في هذه العجالة.
* أرجو ألا أكون قد أطلت هل هنالك علاج شاف للسرطان؟
- الإجابة عن هذا السؤال فيما لو أردنا شرحها جيدا قد يفوق ما أسلفت من ذكره لكن سأتكلم بقليل من الشرح حول هذا الموضوع:
فيما يخص الأورام الحميدة فإن استئصالها كاملا قد يكون شافياً بإذن الله أما فيما يخص الأورام الخبيثة أو غير الحميدة فإن هنالك طرقاً ثلاث لعلاجها:
أولاً - استئصال الورم السرطاني جراحياً.
ثانياً - العلاج بالاشعة العلاجية.
ثالثاً - العلاج بالمواد الكيماوية.
لكن تتم معالجة الأورام الخبيثة أما جراحيا تليها بالاشعة العلاجية واحياناً يلجأ الطبيب المعالج إلى استخدام جميع الاساليب السابقة جراحيا وبالاشعة وبالمواد الكيماوية مجتمعة لكن قبل ان أنهي هنالك ضوابط خاصة بناء على الدرجة التي وصل إليها المرض ومدى انتشاره في الجوار أو بعيدا جميعا لها دور في اختيار اسلوب المعالجة.
لكن لم تطلعنا عن امكانية الشفاء من هذا المرض؟
بالطبع الطبيب هو وسيلة بين العبد وربه والشافي هو الله.
|