يعد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام خياراً من خيار الذين أوقفوا حياتهم ووهبوا مالهم ووقتهم وجهدهم وفكرهم للعمل الإنساني بكل ما تحمله الكلمة من معان سامية، وأمام سلطان الكثير الواسع نجد أنفسنا قد أعيتنا كثرة الأبواب وأصبح المرء يحار من أي باب من أبوابه الكثيرة الخيرة يلج إلى موضوع أصبح من الصعوبة بمكان ان يتحدث فيه قصار القامات أمثالنا إذ الإحاطة بجوانب عدة من حياة سموه المبذولة كلها في اعمال الخير قد اصبحت ضرباً من ضروب المستحيل، ولكن دعوني اجتهد في سبر اغوار نذر قليل من اعمال سموه المنتشرة على طول البلاد وعرضها بل خارج الحدود الجغرافية للمملكة العربية السعودية، فها هو سيدي سلطان بن عبدالعزيز السابح في قاني عروقي والمزروع في قرارة صدري منذ تشكلت حروف الابجديات، إذ يتخاتل شذى عطره بين الدروب سيداً للجود يأتي بالمطر مع كرمه ويأتي بالخير مع مطره، يرمي ببصره إلى ما وراء الافق لتمتد أياديه البيضاء وأعماله الجليلة وخيراته الكثيرة والوفيرة التي بفضل من الله ثم بمؤسسات سموه تدفقت بركاتها على المعوزين والايتام والارامل والمساكين والغارمين واصحاب الحاجات والفقراء الذين افتقدوا ادنى مقومات الحياة الدنيا ولم يجدوا طعاماً يقيمون به اودهم بل وتفرق كثير من المحرومين شذر مذر بعدما ملوا الانين وصرخات اطفالهم الجائعين والتواء البطون من شدة الجوع، نعم هكذا حال الغلابة والمعذبين في الارض فمن لهم بآوٍ ومعين ومرشد ومعيد للبسمة سوى الأمير الإنسان سلطان الخير وسفير الرحمات الذي كفكف دمعات الحزانى وضمد جراحات السنين ورعى أعداداً لا يستهان بها من تلك الشريحة التي تفرقت على الطرقات البائسة وانتشرت في البراري الموحشة وجلس بعضها على الارصفة يسألون الناس إلحافاً أعطوهم أو منعوهم فيما دفعت اسر بأبنائها القاصرين إلى أتون الاسواق وعذابات الحواري والازقة الضيقة كيما يجلبوا الماء والخبز المتبقي عن موائد اللئام.
دعونا نبدأ رحلتنا بواحة من واحات سموه الباسقة.. مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية التي جاءت لإنقاذ المحرومين من المسلمين، ولأن النوايا كانت خالصة لعمل خيري لا يرجو صاحبه منه جزاء ولا شكوراً إلا ابتغاء مرضاة الله والطمع في غفرانه ونيل جناته فقد نمت وترعرعت الغرسة الطيبة واستطالت فروعها وبزغت ازاهيرها واتت أكلها بإذن ربها وانداحت ينابيع الخير تتدفق من ثنايا هذه المؤسسة الكريمة ليل نهار وفي حواضر البلاد وبواديها فذاع صيتها وعرفها اقاصي الاقوام والدانون وجاء الناس بحاجتهم الدنيوية ومشاكلهم العصية فتم قضاؤها على أيادي الأمير الباذلة للخير والعطاء وعاد الكل فرحاً مسروراً بمكارم الأمير سلطان ذاك العلم البارز في عالم الخير والإنسان الذي جبل على حب المساعدة وإقالة العثرات ونصرة المظلوم ومساعدة المحتاج، وتشعبت أنشطة مؤسسة الأمير سلطان الخيرية بأن فتحت كل تخصصاتها أبوابها مشرعة لاستقبال المعوقين واصحاب العاهات المستدامة لاسيما الاطفال القاصرين الذين ولدوا بعلل خلقية واستعصى ايجاد العلاج اللازم لهم وارهقوا آباءهم ذوي الدخل المحدود فتكفلت بكل هؤلاء مؤسسة سفير الخير الأمير الإنسان سلطان بن عبدالعزيز حيث تعهدتهم بالعناية والرعاية ووفرت لهم كل متطلبات الحياة ورفدتهم بادوات العلم التي تتناسب واوضاعهم وإمكانات تقبلهم للعلم كأداة تمكنهم من الانصهار في المجتمع لا الابتعاد عنه حيث ما استفرد الداء بمريض إلا ونجده قد ضرب عليه بعزلة سميكة يستعصي بعدها الرجوع إلى مجتمع الإنسانية مرة أخرى، لذا آن للمحارب أن يستريح هناك عند سدرة المنتهى حيث وحدها الآمال لا تنتهي ووحدها الأحلام لا تنام بينما تنام الجروح وتغفو الأوجاع على غيمة في الفضاء الرحب الذي ولجته المؤسسة بخيرها العميم، ويبقى من الصعوبة بمكان وعدم الإنصاف القول أن المرء يستطيع حصر هذا العمل الضخم والتراث الإنساني الفريد فمشاريع مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية تتألف من أربعة أقسام تتمثل في الخدمات الطبية والعلمية والتقنية والتربية الاجتماعية وكل قسم يحتاج لمؤلفات عديدة إن اردنا حصر الانجازات التي قدمها حتى الان ومن تلك المعالم التي تقف شاهدة على اعظم عمل خيري إنساني في العالم هو مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية ذاك المشروع الطبي العملاق الذي أقيم في منطقة «بنبان» شمال عاصمتنا الحبيبة الرياض حيث هذا المشروع طبعاً وعلى سبيل المثال لا الحصر يعتبر وبحسب الدراسات وتأكيد المراقبين من أكبر المشاريع الطبية التأهيلية على مستوى العالم.
ثم اعترافاً بفضل الأمير سلطان بن عبدالعزيز وجهده وتقديراً لسموه ورقي الأعمال الخيرية الجليلة التي قدمها للإنسان والإنسانية داخل الوطن وخارجه ارتأت جائزة الشيخ راشد للشخصية الإنسانية منحه جائزة العام 2002م، وقد وصف رئيس دائرة الطيران المدني في دبي ورئيس مجلس إدارة مركز راشد لعلاج ورعاية الطفولة الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم تكريم سمو الأمير سلطان بأنه حدث كبير مشيراً لأن اختيار سمو الأمير سلطان للفوز بهذه الجائزة الإنسانية رفيعة المستوى جاء تعبيراً صادقاً عن الإنجازات الكبيرة التي حققتها هذه الشخصية الاستثنائية في مجال العمل الخيري عربياً ودولياً، كما ذكر نائب رئيس مجلس إدارة مركز راشد ان المؤسسات والأفراد التي رشحت سموه لنيل هذه الجائزة تعتبر ذلك جزءاً من فضائل شخصية الأمير سلطان نظير الخدمات الإنسانية التي قدمها على شكل مشاريع تنموية ومساعدات أعمال إنسانية متعددة الأوجه في معظم الدول العربية، وقد قال الأستاذ محمد العبار نائب رئيس مجلس إدارة مركز راشد مخاطباً سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز «لقد زرعتم أطيب زرع وحان الآن موسم قطاف هذا الزرع الطيب فهنيئاً لسموكم وللمملكة العربية السعودية الشقيقة فوز ابنها البار بهذه الجائزة الرفيعة»، نعم هكذا كان استقبال أهالي دبي والخليج لرجل بقامة سلطان الخير فالاحتفاء به وبمقدمه الميمون وتكريمه يعد بمثابة اعتراف بأفضاله وجلائل أعماله« ولا يعرف الفضل إلا أهل الفضل» فجزى الله القائمين على أمر جائزة الشيخ راشد خير الجزاء فقد ردوا الخمائل والتحايا باحسن منها، وبدوري أنتهز الفرصة لأتقدم إلى سيدي سلطان البرق والشوق يلح لأبعث بأخلص التهاني وأعذب التبريكات فكم كانت الأيام كريمة حين تهطل مكارم سلطان ضوءاً رقيقا يخترق عتمة الليالي، عطايا مرصعات بالبرد عرباً أتراباً، مطرا نقياً تدفع بعواطفي كجلمود صخر حطه السيل من عل.
ثم أنوه في خاتمة حديثي باللفتة الأبوية الكريمة التي ربما لا يتوقف عندها الكثيرون في زمن اللهث والزحف اليومي فقد كان الحدث أكبر من أن يعتسف في دفاتر الوراقين أو أن تقيده السطور، فجميعنا يعلم أن سمو الأمير الإنسان سلطان لا يريد ترديد دعمه وتبرعاته وإعاناته وإنما يرجو أن تكون كل عطاياه في طي الكتمان، ولكننا يا سيدي سلطان نريدها ظاهرة للعيان لكي يتأسى بك وبأفعالك الحسنة آخرون كنزوا المال وادخروه وحسبوا انهم خالدون في الحياة الدنيا، فكم سعدنا بما أعلنته منذ أيام مضت من دعمك للاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة بمبلغ خمسة ملايين ريال فلك جزيل الشكر لدعمكم لهذه الفئة التي تعد من الفئات الغالية على نفوسنا لذا كالعهد بكم دائماً يا أمير الخير قلبك كله مع الإعاقة والمعاقين فأنت تحبهم وتقدم لهم كل شيء وتقربهم من المجتمع إذ مثلما ترعاهم صحياً واجتماعياً وعلميا أتى تكرمك برعايتهم رياضياً حتى لا يعيشوا في فراغ الإعاقة وظلمات النقص الجسدي، فمن أين يأتي السحاب لهؤلاء؟ من وراء التلال البعيدة أم من خفق الأجنحة؟ فتشوا يا ضيوف الصباح في ثناياكم وأخبروني من أين يأتي السحاب، أقولها صادقة سيأتيهم من أكف سلطان فليس لهم سوى سخائه المهطال في زمن المصاعب والهموم، فجزاك الله سيدي سلطان عنا وعن كافة المسلمين خير الجزاء وبشرك الله يا سمو الأمير يا عالي الجنان بقدر ما أفرحت من حزين ومسحت دمعة وسددت فاقة جائع ونصرت مظلوماً وسيبقى دورنا نشر فضائلك على الملأ القريب والبعيد، فلك الخيال يا سيدي سلطان منساباً كالأغنيات ولك الحنين منجرفاً كالسيل في الصحراء، لك النشيد افقا مزهراً سراباً أخضراً ولك ما شئت من نور في ثنايا الروح وإلى لقاء مع مكارمك المفعمات بالحنين.
الرياض - فاكس 014803452
|