من نعم الله الكثيرة علينا في هذه البلاد المباركة انتشار حلقات تحفيظ القرآن الكريم في أغلب المساجد الكبيرة تحت اشراف الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التي ترعاها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، ومن ضمن هذه الحلقات النشيطة مجمع حلقات أبي بن كعب بمسجد سليمان آل الشيخ في حي الورود بالرياض، وهذا المجمع يضم «20» حلقة، يدرس فيها «309» من الطلاب بمختلف المستويات، وقد قيّض الله لهذا المجمع مجموعة من الأخيار المحتسبين، منهم من يسهم في إدارته والاشراف على شؤونه، ومنهم من يقوم بالتدريس فيه، ومنهم من يدعمه بالمال والهدايا العينية والجوائز ومن أبرز الداعمين له بالمال: معالي الشيخ عبدالرحمن أبو حيمد عضو مجلس الشورى، والشيخ علي العيسى، ودار عالم الكتب، ومياه هنا الصحية، وغيرهم من لا يحضرني اسمه الآن، لكن الداعم والراعي الرئيسي لهذا المجمع هو معالي الشيخ أبو حميد الذي تبنى هذا المجمع واعتبره جزءاً من مسؤولياته الخاصة.
وكاد يضيفه في دفتر العائلة، وأوحى لأولاده بهذا الهمِّ وأشعرهم بهذه المسؤولية، فسرى الاهتمام به منه إليهم، وهو بهذا العمل يسنّ سنة حسنة للقادرين والموسرين، ولو أن كل قادر من مواطنينا الكرام عمد إلى حلقات مسجده القريب منه وتبناها وصرف اهتمامه لها، فإنه سيرى ثمرة غرسه تكبر وتنتج أمامه، كمن يغرس شجرة أمام بابه ويتعهدها بالسقي كل صباح أو مساء، فإنه لن يلبث طويلاً حتى يتفيأ ظلالها وينعم بثمرتها، وقد اختتم المجمع نشاطه لهذا العام بحفل مهيب رائع مساء يوم السبت الماضي 28/4/ في مركز الأمير سلمان الاجتماعي تحت رعاية معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى، وبحضور معالي الشيخ عبدالرحمن أبو حميد وعدد من الداعمين للحلقات وأولياء الأمور ومحبي القرآن وأهله، وقد عجب بعض الحاضرين من موافقة معالي الشيخ صالح بن حميد على رعاية هذا الحفل الطلابي، على الرغم من مشاغله ومسؤولياته الجسام في مجلس الشورى والمسجد الحرام وهيئة كبار العلماء، وغيرها من الأعمال، ولكن من يعرف معالي الشيخ ويعرف تواضعه وسماحته وطيب معشره فلن يستغرب ذلك.
وهو رجل كلما علت مكانته وكبر مقامه زاد تواضعه، فارتفع بالتواضع أكثر وأكثر، وصدق عليه الأثر المشهور «من تواضع لله رفعه» أي رفع مكانه عنده وعند الناس، ونرجو أن يكون معالي الشيخ كذلك، كما نرجو أن يكون حضور معالي الشيخ ورعايته لهذا الحفل الصغير في نظر الناس وفي مظهره، والكبير في مضمونه وجوهره مما يرفع الله به الشيخ درجات ويضاعفه في ميزان حسناته ووالديه، ويكفيك أن ترى البشر والسرور والحبور على محيا هؤلاء البراعم وهم يسلمون على إمام الحرم الملكي ورئيس مجلس الشورى الذي يرون صورته في التلفزيون، ولا يحلمون برؤيته مباشرة فكيف بالسلام عليه والحديث معه والأنس بقربه وبشاشته وروعة حديثه، وهذه المعاني كبيرة عند الصغار وإن كنا قد لا نحس بها، وليست بهجة معالي الشيخ وسروره بأقل من ذلك، فالذي يراه وهو على المنصة يوزع الدروع والهدايا والجوائز يرى البسمة تملأ وجهه والبشر يغمر محياه، وكأنه عريس يتلقى التهاني وينتظر أن يزف إلى عروسه ولا غرابة أن يكون الشيخ كذلك في هذا الجو، جو القرآن الكريم، فهو ربيب هذا الجو ولد وشب وترعرع وعاش فيه ومازال، يجد نفسه أكثر ما يجدها في حلقة القرآن وحلقة الدرس والمحراب والمنبر وخلف المقام، نسأل الله أن يزيده من هذا النعيم وأن ينتقل به إلى الفردوس الأعلى بعد عمر مديد مليء بالمل الصالح وكنت أتمنى ومازلت أن تبث القنوات الفضائية التي سجلت هذا اللقاء كاملاً ليستمتع الناس به، وخصوصاً كلمة معالي الشيخ البديعة - كعادته - التي تضمنت حديثاً عن عناية هذه البلاد المباركة بالقرآن مع وصايا قيمة للمعلمين والمربين والمشرفين والشباب، أكرر الشكر لمعالي الشيخ ولجميع الداعمين والحاضرين.
وللمشرفين على هذه الحلقات، وأخص منهم المشرف العام الشيخ عبدالله الشبانات، وابني حسان، وبقية زملائهم المشرفين والمعلمين وكل العاملين معهم وسائر الطلاب.
| 
