* صنعاء الجزيرة - عبد المنعم الجابري:
من المقرر أن تبدأ اليوم في العاصمة اليمنية صنعاء اجتماعات الدورة الخامسة عشرة لمجلس التنسيق السعودي-اليمني الذي يرأس جانب المملكة فيها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام فيما يرأس الجانب اليمني الأستاذ عبدالقادر باجمال رئيس مجلس الوزراء.
ولعل اجتماعات الدورة الحالية لمجلس التنسيق تكتسب اهمية استثنائية بالنسبة للعلاقات السعودية-اليمنية التي يؤكد المسؤولون في البلدين أنها تعيش تحولات وتطورات إيجابية متسارعة في مختلف جوانبها.
وحسبما يرى المراقبون فإن أهمية هذه الاجتماعات تكمن في عدة جوانب لعل من بينها انها تأتي في ظل ظروف وأوضاع ومناخات إقليمية ودولية معقدة وخطيرة نتيجة لمجمل ما هو حاصل من أحداث وتطورات ومستجدات مختلفة بما تمثله من تحديات كبيرة بالنسبة لدول المنطقة.
ومن هذا المنطلق تأتي أهمية زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لصنعاء اليوم وكذا انعقاد الدورة الخامسة عشرة لمجلس التنسيق، التي يشير المراقبون إلى أنه سيكون لها مردودات طيبة وإيجابية من شأنها أن تزيد من تعزيز مواقف البلدين الشقيقين وجهودهما المشتركة في التعامل مع مجمل التحولات والمستجدات الراهنة ومواجهة التحديات التي تواجه البلدين كما تواجه دول المنطقة والبلدان العربية والإسلامية بشكل عام.. وفي مقدمة ذلك التحديات الأمنية والاقتصادية والتنموية.
ووفقاً للمراقبين فإن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام على رأس وفد رفيع يضم سبعة عشر وزيراً بالإضافة إلى عدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال السعوديين إلى اليمن، تحمل معها العديد من الأبعاد والمدلولات الحيوية المهمة التي تؤكد على المكانة التي تتميز بها العلاقات الثنائية بين البلدين وحرص قيادتيهما على تطوير هذه العلاقات وتعزيزها بشكل أفضل وارقى بمختلف مجالات التعاون الثنائي نحو آفاق أوسع وأرحب ووضع أسس اكثر رسوخاً وقوة لمستقبل يكفل تحقيق تكامل وشراكة اقتصادية وأمنية فاعلة وشاملة تتجسد من خلالها مصالح البلدين والشعبين الشقيقين في المملكة واليمن.
وبالتالي فإن نجاح البلدين في صياغة علاقات مؤسسة على المصالح المشتركة والالتزام بالثوابت الدينية والقومية وتنسيق مواقفهما عربياً واسلامياً ودولياً يمكنهما كما يرى المراقبون من تحقيق مكاسب تخدم أمنهما الوطني والقومي وصياغة نظام عربي جديد يُخرج الأمة العربية والاسلامية من الحصار الذي يحاول الأعداء فرضه عليها.
ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن الزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى صنعاء لعقد اجتماعات مجلس التنسيق اليمني- السعودي قد حظيت باهتمام غير مسبوق من قبل مختلف وسائل الإعلام اليمنية.
وفي هذا السياق قالت جريدة «26 سبتمبر» الناطقة بإسم القوات المسلحة اليمنية ان هذه الاجتماعات تجسد العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين وحرص القيادتين السياسيتين على الوصول بها الى مستوى عالٍ من التعاون والتنسيق والعمل المشترك الذي يخدم مصالحهما ويعزز من جهودهما لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية ويحمي مصالح أمتهما العربية ويدافع عن حقوقها.
مشيرة إلى أن الشراكة الأمنية بين المملكة واليمن اصبحت ضرورة ذات أولوية استثنائية بالنظر الى تعقيدات الوضع الراهن كونها ستمكن البلدين من مواجهة تحديات الارهاب الذي يمثل آفة خطيرة تتهدد مصالح الجميع وتزعزع أسس الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي وبما يكفل للبلدين معاً من خدمة مصالحهما المشتركة وأمنهما الواحد والحفاظ على الاستقرار والسلام في منطقة الجزيرة العربية والخليج.
وأضافت الجريدة أنه بات من الضروري بالنسبة للبلدين العمل على تأسيس نموذج يُحتذى به في العلاقات العربية - العربية خاصة والوضع العربي الصعب يفرض على اليمن والمملكة العربية السعودية أن تجعلا من هذه المناسبة خطوة نحو علاقات أقوى مبنية على الشفافية والقناعة بأن اليمن والسعودية تقفان في خندق واحد دفاعاً عن أمنهما واستقلالهما وحماية ثوابتهما الوطنية والقومية وانهما على استعداد لتحمل دورهما في اصلاح الوضع العربي والدفع بالعمل العربي المشترك باعتباره الوسيلة الوحيدة لمواجهة التغيرات الخطيرة التي تتعرض لها المنطقة العربية والمؤامرات التي تحاك ضد شعوبها وحكوماتها.
بعد ذلك عبر وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي في تصريحات خاصة ل«الجزيرة» عن ارتياحه للمسار والمستوى الراهن للعلاقات اليمنية - السعودية التي أشار إلى أنها وصلت إلى مستوى متميز وأنها تسير نحو مزيد من التطور في مختلف المجالات وبما يقود لشراكة حقيقية بينهما.
وقال إن ثمة تواصلاً وتنسيقاً دائماً دائم بين القيادتين السياسيتين للبلدين من أجل تعزيز علاقاتهما الثنائية والدفع بها نحو المزيد من التطور والتقدم وعلى مختلف الأصعدة والمجالات وبما يحقق المصالح المشتركة لشعبيهما الشقيقين.
مضيفاً أن البلدين يحرصان بشكل دائم على التشاور وتنسيق مواقفهما تجاه مختلف المسائل والقضايا الإقليمية والدولية وبما يخدم مصالحهما ومصالح دول وشعوب المنطقة عموماً.
كما أكد وزير الخارجية اليمني الدكتور أبوبكر القربي ان اليمن والسعودية شريكان في محاربة الارهاب، وان مواقفهما متطابقة تجاه قضايا وحدة الصف العربي والسلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ونوه بأن انعقاد الدورة الخامسة عشرة لمجلس التنسيق اليمني - السعودي يكتسب أهمية خاصة وكبيرة في ظل الظروف والأوضاع الراهنة عربياً وإقليمياً ودولياً.. موضحاً أنه سيتم خلال هذه الدورة الوقوف أمام عدد من القضايا والموضوعات المتصلة بعلاقات التعاون الثنائي بين البلدين والتي سيكون من أبرزها التعاون في المجال الأمني إضافة إلى التعاون الاقتصادي والتنموي. بما في ذلك بحث آليات تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين في وقت سابق.
وأضاف الدكتور أبو بكر القربي أن خمس اتفاقيات جديدة للتعاون بين المملكة واليمن ستوقع خلال اجتماعات مجلس التنسيق، إلى جانب بحث العديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون الأخرى في مجالات متعددة.
ومن جانبه قال وزير التخطيط والتعاون الدولي رئيس الجانب اليمني في اللجنة التحضيرية أحمد محمد صوفان إن اجتماعات الدورة الخامسة عشرة لمجلس التنسيق اليمني- السعودي ستقف أمام عدد من القضايا التنموية والاقتصادية والتنموية بهدف تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين البلدين.. بما في ذلك البحث في مقترح لآلية مقدمة من اللجنة التحضيرية لتفعيل وتنظيم أعمال اللجان المنبثقة عن المجلس لما من شأنه تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية وتفعيلها بشكل أفضل.
موضحاً أنه سيتم التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون بالإضافة إلى وضع حجر الأساس لعدد من المشروعات الخدمية والتنموية التي يمولها الصندوق السعودي للتنمية في اليمن.
وكما أفادت مصادر رسمية فإن الاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها أو التي سيتم بحثها خلال اجتماعات الدورة الخامسة عشرة لمجلس التنسيق السعودي - اليمني تشمل التعاون السياحي والثقافي والرياضي والتعليم المهني ومنع الازدواج الضريبي والتخلص من النفايات السامة عبر الحدود وكذا التعاون بين المركز الوطني للوثائق والمعلومات في اليمن ودارة الملك عبدالعزيز في المملكة إضافة إلى محضر البرنامج التنفيذي بين وزارتي خارجية البلدين الذي كان قد تم التوقيع على مذكرة التفاهم الخاصة به في وقت سابق واتفاقية بين المركز اليمني لتنمية الصادرات ومجلس اتحاد الغرف التجارية بالمملكة.
من جهة أخرى قال نائب وزير التعليم الفني والتدريب المهني المهندس عبدالوهاب العاقل في تصريح ل«الجزيرة»: ان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام سيقوم يوم غد الأحد في إطار زيارته لصنعاء بوضع حجر الأساس لمجمع تعليمي في مجال التدريب الفني والمهني يضم ثلاثة معاهد في علوم الحاسوب والأتمتة والنجارة.
وأوضح نائب وزير التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن أن هذا المجمع يأتي ضمن 19 مركزاً ومعهداً مهنياً وتقنياً سيتم إنشاؤها في 14 محافظة يمنية بتكلفة خمسين مليون دولار وذلك بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية.
وأكد أنه يجري حالياً وضع اللمسات النهائية للدراسات والتصاميم الخاصة بهذه المشروعات وسيتم الإعلان عن مناقصات أعمال البناء والتشييد في غضون الشهرين القادمين.
وأضاف المهندس عبدالوهاب العاقل انه سيتم خلال اجتماعات مجلس التنسيق التوقيع على اتفاقية للتعاون في مجال التعليم الفني والتدريب المهني بين المملكة واليمن مدتها سنتان وتشمل التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات.
هذا ومن المنتظر ان يتم على هامش اجتماعات مجلس التنسيق وضع حجر الأساس لمشروع محطة غازية لتوليد الكهرباء في محافظة «مأرب» اليمنية بقدرة 300 ميجاوات يساهم الصندوق السعودي للتنمية في تمويلها بمبلغ 50 مليون دولار ..كما يساهم أيضاً بمبلغ 50 مليون دولار لتمويل إنشاء محطتي توليد تعملان بالديزل في كل من صنعاء وعدن بقدرة 120 ميجاوات.. وتؤكد المصادر أن العمل في تنفيذ هذه المشاريع سيبدأ قبل نهاية العام الجاري بما في ذلك مشروع طريق أسفلتي يمتد لأكثر من 500 كيلو متر من محافظة "عمران" إلى الشمال من صنعاء مروراً بعدة محافظات يمنية حتى محافظة عدن.. وتبلغ تكلفة هذا المشروع الذي يموله كذلك الصندوق السعودي للتنمية 50 مليون دولار.
يذكر ان مجلس التنسيق اليمني السعودي تأسس عام 1976م بهدف تنظيم العلاقات والتعاون بين المملكة واليمن وعقد احد عشر اجتماعاً حتى عام 1987م وتوقف نشاط المجلس بعد ذلك إلى أن استأنف دوراته عقب التوقيع على معاهدة جدة للحدود الدولية بين البلدين في منتصف عام 2000م.. وخلال الفترة الممتدة من سنة تأسيس المجلس قدمت المملكة دعماً لليمن في المجالات الاقتصادية والزراعية والتعليم والطرق والصحة والاتصالات وغيرها، وذلك من خلال مساعدات وقروض بلغت قيمتها ثلاثة مليارات دولار وشملت كذلك دعم الموازنة العامة للدولة.
هذا وأكدت مصادر رسمية في صنعاء ان الوفد الذي سيرافق صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام في زيارته إلى اليمن التي تبدأ اليوم يضم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، سمو الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة، سموالأمير فيصل بن سعود بن محمد، سمو الامير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز، الدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، الدكتور غازي القصيبي وزير المياه والكهرباء، الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي، الدكتور مطلق عبدالله النفيسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور محمد أحمد الرشيد وزير التربية والتعليم، والدكتور فؤاد عبدالسلام فارسي وزير الثقافة والإعلام، والدكتور هاشم عبدالله يماني وزير التجارة والصناعة، المهندس علي إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور إبراهيم عبدالعزيز العساف وزير المالية، والدكتور علي إبراهيم النملة وزير العمل والشؤون الاجتماعية، والدكتور فهد عبدالرحمن بلغنيم وزير الزراعة، والدكتور جبارة عيدالصريصري وزير النقل، والدكتور حمد عبدالله المانع وزير الصحة، ومحمد ابراهيم الحديثي القائم بأعمال اللجنة الخاصة بمجلس الوزراء، وسعادة محمد بن مرداس القحطاني سفير خادم الحرمين الشريفين بصنعاء ..هذا بالاضافة الى عدد كبير من المسؤولين والخبراء والفنيين ورجال الأعمال.
|