* إعداد القسم السياسي:
كانت مسألة الخلاف الحدودي بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية تمثل عائقاً أمام البلدين لتوثيق عرى التعاون.. وإرساء العلاقات ودفعها نحو آفاق واسعة ومتقدمة من الشراكة والتعاون والاخاء وحسن الجوار بل كان ذلك الخلاف الحدودي يمثل بصيص أمل لكثير من المتربصين والمزايدين الذين لايودون الخير والأمن والاستقرار في البلدين وبتوقيع معاهدة جدة الحدودية بين المملكة واليمن عام 2000م بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني وفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية.. أسدل الستار فعلاً على ذلك الخلاف وذلك في احتفال تاريخي جاء انطلاقاً من روابط الاخاء المتينة وتجسيداً للرغبة الصادقة المشتركة في إيجاد حل أقوى وودي لمسألة الحدود بين البلدين الشقيقين.
كما كانت معاهدة جدة كنهاية لفصل من المباحثات المضنية بين البلدين عبر اللجان الحدودية المشتركة ومن خلفها اللجنة العليا التي انبثقت عن مذكرة التفاهم بين البلدين والتي وقعت بينهما في مكة المكرمة ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان عام 1415هـ الموافق للسادس والعشرين من فبراير العام 1995م.
وقد كان اعلان التوقيع على مذكرة التفاهم السعودية اليمنية في رحاب مكة في ليلة 27رمضان لعام 1416هـ أمراً يتوقعه ويتطلع إليه البلدان وكل مخلص ومحب ومتفائل بالخير لشعبين عربيين مسلمين تربطهما روابط التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والعادات والتقاليد والمصير المشترك، كما جاء إعلان التوقيع على مذكرة التفاهم في الوقت ذاته خيبة أمل كبرى للمتربصين والمزايدين الذين لايودون الخير والأمن والاستقرار في بلدين هما قطبا الرحى في منظورة الكيانات السياسية في الجزيرة العربية.
والمتتبع لتاريخ تطور العلاقات السعودية اليمنية يلحظ انها كانت على الدوام يغلب عليها في الدرجة الأولى رغبة الطرفين في ايجاد مجتمع آمن ومستقر.. ولتحقيق هذه الغاية المهمة تختفي كل الحواجز بما فيها الحدود.
وجاءت مذكرة التفاهم تتويجا للمفاوضات السعودية اليمنية آنذاك التي كانت تلقى الدعم الكامل من قائدي البلدين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس علي عبدالله صالح اللذين كانا لهما الدور الأكبر والحاسم في نجاح المفاوضات بين الجانبين والوصول إلى مذكرة التفاهم التي كانت الإطار المناسب والأرضية الصلبة والمشتركة لبحث مسألة الخلاف الحدودي بين البلدين الشقيقين في إطار اللجان المتعددة وصولا إلى حل يرضي الطرفين.
نص مذكرة التفاهم عام 1415هـ
اتفق الطرفان على مايلي:
المادة الأولى: يؤكد الطرفان تمسكهما بشريعة وشرعية والزامية معاهدة الطائف، الموقعة في 6/2/1353هـ والموافق 21934/5/0 وملاحقها وهي المعروفة باسم معاهدة الطائف التي يشار إليها لاحقا باسم المعاهدة.
المادة الثانية: تشكل لجنة مشتركة بعدد متساو من الطرفين مهمتها تجديد العلامات المقامة، طبقا لتقارير الحدود الملحقة بالمعاهدة الموجود منها والمندثر وذلك ابتداء من نقطة الحدود.
رصف البحر شمال الرأس المعوج واستخدام الوسائل العلمية الحديثة بإقامة العلامات السارية عليها مع الاتفاق مع شركة متخصصة لتنفيذ ذلك وتقوم الشركة بعملها تحت إشراف اللجنة.
المادة الثالثة: تستمر اللجنة الحالية المشكلة من البلدين في عملها لتحديد الاجراءات اللازمة والخطوات التي تؤدي إلى ترسيم ماتبقى من الحدود وبدءاً من جبل السار وحتى الحدود بين البلدين بما في ذلك الاتفاق على كيفية التحكم في حالة الاختلاف بين البلدين.
المادة الرابعة: تشكل لجنة مشتركة تتولى التفاوض بشأن تعيين الحدود البحرية طبقاً للقانون الدولي ابتداء من نقطة الحدودعلى ساحل البحر الأحمر المشار إليها في المادة الثانية اعلاه.
المادة الخامسة: تشكل لجنة عسكرية مشتركة رفيعة المستوى من الطرفين لضمان منع أي استحداثات أو تحركات عسكرية أو غيرها وذلك على الحدود بين البلدين.
المادة السادسة تشكل لجنة وزارية مشتركة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين البلدين تعزيزا لأوجه التعاون بينهما، وتبدأ هذه اللجنة عملها خلال ثلاثين يوما من تاريخ التوقيع على هذه المذكرة.
المادة السابعة: تعيين لجنة عمليات مشتركة للعمل على تحقيق ما سبق وتسهيل مهمات اللجان المسؤولة وإزالة ما قد يعترض سبيلها من معوقات أو صعوبات.
المادة الثامنة: يؤكد البلدان التزام كل منهما بعدم السماح باستخدام بلاده قاعدة ومركزاً للاعتداء على البلد الآخر أو بالقيام بأي نشاط سياسي أو عسكري أو إعلامي ضد الطرف الآخر.
المادة العاشرة: ليس في هذه المذكرة مايتضمن تعديلات لمعاهدة الطائف وملاحقها بما في ذلك تقارير الحدود.
المادة الحادية عشرة: يتم ضبط وتدوين كل مايتم بحثه في اللجان المذكورة في محاضر يوقع عليها من قبل مسؤولين.
المسؤولية من الجانبين: تم التوقيع على هذه المذكرة في مكة المكرمة في يوم 27/9/1415هـ الموافق 26/2/1995م وتصبح نافذة من تاريخ تبادل وثائق التصديق عليها عن حكومة المملكة العربية السعودية المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ابراهيم عبدالله العنقري.
وعن حكومة الجمهورية اليمنية نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط والتنمية عبدالقادر عبدالرحمن باجمال.
اليمن تتسلم تصديق خادم الحرمين على مذكرة التفاهم
في يوم الاثنين السادس عشر من ذي الحجة عام 1415هـ تسلم وزير الخارجية اليمني آنذاك رئيس الوزراء حاليا عبدالكريم الارياني تصديق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على مذكرة التفاهم بين حكومتي المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية التي وقعها الجانبان في شهر رمضان من ذلك العام.
الرئيس اليمني يزور المملكة ويعقد قمة
مع خادم الحرمين
قام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بزيارة للمملكة العربية السعودية في السابع من شهر محرم عام 1416هـ الموافق للسادس من شهر يونيو عام 1995م حيث عقد مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسير المفاوضات الحدودية بينهما وسبل الدفع بها إلى الأمام لتحقيق آمال وتطلعات شعبي البلدين.
وفي اليوم الثاني لزيارته للمملكة التقى الرئيس علي صالح في مقر إقامته بجدة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام.
وقال الرئيس اليمني خلال زيارته لمقر القنصلية اليمنية بجدة انه اتفق خلال اجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين على إزالة كل المعوقات والقيود التي شابت العلاقات في الفترة الماضية. موضحا ان زيارته للمملكة تأتي في إطار احتواء كل الخلافات التي تعترض عمل اللجان الحدودية المشتركة.
وفي اليوم ذاته اجتمع الوفدان السعودي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية واليمني برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية آنذاك عبدالكريم الأرياني لتنفيذ ما وجه به خادم الحرمين الشريفين والرئيس علي صالح لمتابعة خطوات تنفيذ مذكرة التفاهم بين البلدين.
البيان الختامي لزيارة الرئيس اليمني يؤكد التزام البلدين بمذكرة التفاهم
وجاء البيان الختامي لزيارة الرئيس اليمني للمملكة في شهر محرم عام 1416هـ مؤكداً على التزام البلدين بمذكرة التفاهم الموقعة بينهما وعلى توفير سبل النجاح للجان التي تم تشكيلها بمقتضى المذكرة.
كما أكد البيان على العمل على إزالة كل العوائق التي تعرقل حركة التجارة والاستثمار والنقل وفقا للأنظمة النافذة في البلدين.
وكان هذا البيان بمنزلة الاشارة لانطلاق اعمال اللجنة الوزارية المشتركة واللجان الأخرى المنبثقة عن مذكرة التفاهم حيث سارت اجتماعات تلك اللجان بانتظام متبادل بين عاصمتي البلدين الرياض وصنعاء من خلال عمل مضن وجهود مشتركة لحل مسألة الحدود التي كانت الروابط الأخوية والعلاقات المتجذرة بين البلدين هي الأرض الصلبة التي تقف عليها تلك اللجان في عملها ومشوارها التفاوضي الطويل والشاق الذي حقق هدفه المأمول.
أعمال اللجان تسير وفق ما خطط لها والتواصل مستمر مع المملكة
هذا ما اكده الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في مؤتمر صحفي مشترك عقده في صنعاء يوم السبت العشرين من جمادى الأولى لعام 1416هـ، حيث اكد ان ما حدث من فتور في العلاقات بين البلدين تم بفعل فاعل سواء جهات محلية أو اقليمية أو دولية حاولت ان تسيء للعلاقات التاريخية الأخوية بين البلدين.
الأمير سلطان: كل شيء يسير
لصالح الجانبين
في الرابع والعشرين من شهر رجب عام 1416هـ عقدت اللجنة العليا السعودية المشتركة اجتماعا برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام ومعالي رئيس مجلس النواب اليمني الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر بمدينة الرياض.
وأكد سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز ان تأسيس اللجنة العليا السعودية اليمنية المشتركة يأتي لمتابعة اعمال اللجان الأخرى وتذليل ما قد يعترضها من صعاب وقال سموه في تصريح صحفي عقب حفل الغداء الذي اقامه سموه تكريما للشيخ عبدالله الاحمر ان عمل اللجان المشتركة يسير على ما يرام ولصالح الجانبين.
اللجنة العليا السعودية اليمنية تدفع بأعمال اللجان للانتهاء من مهامها
وفي البيان الصحفي الذي تلاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية عقب اختتام اللجنة العليا السعودية اليمنية المشتركة اعمالها في الخامس والعشرين من شهر رجب عام 1416هـ عبرت اللجنة عن ارتياحها الكامل لما وصلت اليه تلك اللجان من نتائج طيبة منذ توقيع مذكرة التفاهم مما يؤكد عمق الروابط الاخوية التي تجمع بين القيادتين والشعبين الشقيقين والتي كان للقاء القمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وفخامة الرئيس علي عبدالله صالح في شهر محرم 1416هـ الاثر الكبير والبالغ في تعزيز ودعم علاقات الود والاخاء بين البلدين والشعبين الشقيقين.
واقرت اللجنة العليا المواعيد المقررة لاعمال اللجان المختلفة وحثها على انجاز اعمالها.
النائب الثاني يزور اليمن
في يوم الاربعاء الموافق الرابع عشر من شهر ربيع الاخر عام 1996م بدأ صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام زيارة للجمهورية اليمنية وسط حفاوة وترحيب بالغين حيث استقبله الرئيس اليمني علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية كما رأس سموه الجانب السعودي في الاجتماع الثاني للجنة السعودية اليمنية العليا المشتركة الذي عقدته في صنعاء.
افتتاح مستشفى حجة بتمويل من المملكة
وفي نطاق زيارة سمو النائب الثاني لليمن تم يوم الخميس الخامس عشر من ربيع الاول 1417هـ افتتاح مستشفى حجة الذي اقيم على نفقة المملكة العربية السعودية وذلك بحضور معالي وزير الصحة الدكتور اسامة بن عبدالمجيد شبكشي ومعالي وزير الصحة اليمني الدكتور علي حسن الاحمدي وعدد كبير من المسؤولين اليمنيين.
وقد تم انشاء المستشفى على نفقة المملكة العربية السعودية بتكلفة إجمالية بلغت خمسين مليون ريال وبسعة خمسين سريرا قابلة للزيارة الى مائة سرير.
وتم تجهيز المستشفى بأحدث المعدات والاجهزة الطبية اضافة الى جميع اعمال التأثيث اللازمة للمستشفى والإدارة والمساكن والمصلى والمطبخ والمطعم واجنحة العملية والتعقيم.
وقد تفضل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز باضافة وحدة متكاملة لغسيل الكلى في المستشفى.
ولي العهد يشارك اليمنيين احتفالاتهم بالذكرى العاشرة للوحدة
وفي العشرين من مايو الماضي بدأ صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني زيارة رسمية للجمهورية اليمنية تلبية لدعوة من اخيه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لحضور احتفالات الجمهورية اليمنية بالذكرى العاشرة للوحدة اليمنية. وقد شارك سمو ولي العهد والوفد الرسمي الكبير المرافق لسموه في الاحتفالات اليمنية التي اقيمت صباح يوم الاثنين الواحد والعشرين من مايو الماضي.
ولي العهد يعقد اجتماعا ثنائيا
مع الرئيس اليمني
وقد عقد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز واخوه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح اجتماعا ثنائيا مغلقا بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين وسير المفاوضات الحدودية بينهما عبر اللجان المشتركة.
وكان لزيارة سمو ولي العهد الاثر البالغ في دعم وتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين حيث لقي سموه والوفد الرسمي المرافق العالي المستوى الذي ضم اصحاب السمو الملكي الأمراء ترحيبا بالغا وحفاوة كبيرة من اليمنيين قيادة وحكومة وشعبا حيث كان لزيارة سموه لليمن ومشاركته لاخوانه اليمنيين احتفالاتهم بذكرى الوحدة وقع كبير في نفوس ابناء اليمن قبل قادته ومسؤوليه مما كان له اثر بالغ في القفز بالعلاقات فوق كل خلاف عارض وكانت الدافع بعد توفيق الله للتعجيل بانهاء موضوع الحدود، وهو ما تحقق خلال زيارة الرئيس اليمني للمملكة العربية السعودية يومي الاحد والاثنين الماضيين، حيث تم خلالها انهاء مسألة الخلاف الحدودي بالتوقيع على معاهدة حدودية دولية نهائية ودائمة للحدود البرية والبحرية بين البلدين وتم الاتفاق على تحديد الاحداثيات الجغرافية لكامل خط الحدود وذلك للجزء الذي شملته معاهدة الطائف وتقارير الحدود الملحقة بها للجزء الذي لا تشمله معاهدة الطائف.كما تم
تعيين الحدود البحرية بين البلدين.
|