* القاهرة - مكتب الجزيرة - عمر شوقي:
اعترف البروفيسور الإسرائيلي يحزقيال بن اهارون أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في دراسة له بعنوان «الجيش الإسرائيلي من جيش يحمي الدولة إلى دولة» والتي صدرت في الرابع والعشرين من شهر يونيو الجاري أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية كشفت العديد من الأمور السلبية المهمة المتعلقة بإسرائيل واهمها على الإطلاق أنها عكست صراعاً قديماً بين المستويين العسكري والسياسي على التحكم بمسار القرار السياسي وأبرزت مرة أخرى حقيقة ان إسرائيل هي في الأساس «دولة جيش» أو جيش له دولة، يأمر فتطاع أوامره.
ويشير يحزقيال أنه وعلى الرغم من ان ظاهرة «عسكرة السياسة» تلازم إسرائيل منذ إقامتها إلا انه يعتقد بان إقحام القادة الحاليين للجيش وعلى رأسهم الجنرال موشيه يعالون أنوفهم في المسار التفاوضي المتلكئ أصلاً مع الفلسطينيين، بلغ ذروة لم تعهد من قبل «على نحو يشكل خطراً جدياً على الديمقراطية الإسرائيلية ويحتم على أصحاب القرار السياسي وضع حد له»، واستشهد يحزقيال بالتصريحات التي أدلى بها اللواء دورون ألموج قائد المنطقة الجنوبية في إسرائيل والذي اعتبر فيها تمكين الفلسطينيين من التنقل بحرية في محاور الطرق الرئيسة في قطاع غزة هو بمثابة كارثة بكل المقاييس وهي تصريحات التقت مع أصوات أخرى ترتفع داخل هيئة أركان الجيش تنتقد موافقة الحكومة، حتى المشروطة، على خريطة الطريق ونيتها وقف استهداف قادة حركة «حماس» في مقابل إعلان هذه وقف النار، أي وقف الهجمات المسلحة على أهداف إسرائيلية.
وقال يحزقيال إن تواتر تصريحات كبار المسؤولين العسكريين ينذر بسيرورة خطيرة ومتواصلة، لم تبدأ اليوم لكنها تتخذ منحى خطيراً في الأعوام الأخيرة، مذ عارض رئيس هيئة الأركان الأسبق، أيهود باراك، اتفاقات أوسلو ثم تحذير قادة الجيش من عواقب انسحاب أحادى الجانب من جنوب لبنان «والآن يتدخلون حتى في تحديد الشارع الذي يحظر الانسحاب منه، في قطاع غزة»، وزاد أنها ظاهرة خطيرة.. «إننا نتجه نحو ظاهرة وجود جيش له دولة.. وقد أضحت لقائد الجيش سطوة ليس لأي من وزراء الحكومة، باستثناء رئيسها ووزير الدفاع فيها، مثلها».
وتابع أن قادة الجيش، وتحديداً منذ عهد شاؤول موفاز، تجاوزوا الخط الدقيق الفاصل بين حقهم في إبداء رأي مهني وتقديم توصيات وبين إملاء رأيهم على صناع القرار السياسي، إنه لأمر خطير ونمط سلوك قد يرتد على الحكومة بنتائج وخيمة «محذراً من مزيد من التدهور والمساس بالديموقراطية الإسرائيلية لافتاً الى حقيقة ان قادة الجيش عادة ما ارتدعوا عن دعم الحكومة في أي مسعى قامت به من اجل التوصل الى تسوية سلمية» لكن الأخطر في مواقف قادة الجيش الحاليين، أمثال منسق شؤون الاحتلال عاموس جلعاد أنها تنم عن مواقف أيديولوجية».
وقال: ان القيادة العسكرية تقف وراء التصلب الذي تبديه حكومة شارون من «خريطة الطريق» الدولية وتشكيكها في نيات الفلسطينيين تطبيقها وقرارها الأخير رفض قبول الهدنة مضيفاً ان هذه القيادة، التي أملت على الحكومة شعار «دعوا الجيش ينتصر» لمواجهة الانتفاضة، تعمل قدر ما استطاعت من اجل إملاء اجندتها «وهذه ليست اجندة عسكرية صرفة».
ويري يحزقيال في نهاية الدراسة ان لا سياسة لإسرائيل تحدد وجهتها باستثناء السياسة الأمنية «وهي التي تقرر مصيرنا. فقرار اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ليس قراراً أمنيا فحسب، انما سياس». وتتناول «التأثير الحاسم» على بلورة السياسة الأمنية لكل من شاؤول موفاز وزير الدفاع وموشية يعالون: نفوذهما كبير ويبدو أن لا أحد يجرؤ على الاعتراض على تقديرات الاستخبارات العسكرية التي تدعي انه يحظر وقف الاغتيالات الآن.. وقد يتوقع البعض أن يقوم شارون بمهمة التوضيح لهما بأن الحرب الآن هي مغايرة وأننا نحارب من أجل تطبيق خريطة الطريق... لكن شارون لن يقول ذلك. فهو ايضاً يفكر كرجل عسكري لا كرجل دولة.
|