عند اطلالة اجازة المدارس الصيفية للطلاب التي تستمر ثلاثة شهور اي ما تقارب فصلاً دراسياً، تقع بعض الاسر في حرج تربوي اذا علمنا انها تُقضى - غالبا - بالكسل والنوم طوال النهار والسهر طيلة الليل، وعليه لابد من استغلالها واستثمار الوقت فيها بما يعود على ابنائنا بالفائدة. واننا لندعو بصدق الى التخطيط المسبق للإجازة الصيفية، كما لابد من وجود آلية للتنفيذ، بعيداً عن النمطية والارتجالية المعتادة في كل اجازة وكأن الامر واجب التنفيذ فحسب!! على الرغم انه يمكن من خلالها تنمية شخصية الشباب والفتيات واعدادهم وتأهيلهم لسوق العمل في وقت باكر، واعني بذلك اشراك القطاع الخاص سواء بتمويل المراكز الصيفية او بتوفير المدربين والمدربات سواء لعلوم الحاسب او اللغات الحية او التدريب على المهارات العامة كإلقاء الخطب، والقدرة على المواجهة والتمكن من الحديث بطلاقة، والتي كثيرا ما يفتقدها ابناؤنا للأسف الشديد!! اضافة الى تدريب الاولاد على انواع الرياضة المختلفة مثل رياضة كمال الاجسام والكاراتيه بوجه خاص، ناهيك عن التدريب المهني كالسباكة والنجارة والميكانيكا والصيانة المنزلية واعمال الدهان، ولا اجد ما يمنع من تعليمها للجنسين، فكثيرا ما تواجه المرأة في منزلها اعطالا في السباكة والكهرباء فتلجأ للرجل في ذلك وهو بدوره يستعين بأحد العمال الذين لم يتعلموا هذه المهن إلا في بلادنا! والامر قد لا يتطلب سوى تغيير بعض القطع البسيطة دون جهد يذكر!! وليس اجمل من دهان الجدران وتغيير الالوان من تعتيق وترخيم بأنامل سيدة المنزل ومشاركة ابنائها لها في هذا العمل الابداعي الجميل!! ولعلها محاولة للرفع من مستوى هذه المهن في عقول ابنائنا كما انها فرصة للمرأة والفتاة لتعلم فن الديكور المنزلي. واننا نطمح الى تطوير المراكز الصيفية وعدم اقتصارها على حلقات تحفيظ القرآن وتجويده على الرغم من فاعليته واهميته، ولكننا نرتئي ادخال الجانب الترفيهي بجانب العملي بطريقة جذابة وفتح المجال للأفكار الجديدة التي تثري العمل، والحرص على اختيار الكفاءات للقيام بمهمة الاشراف والادارة، ولعل ذلك من اهم الأسباب المؤدية لانجاح المراكز الصيفية. وذلك يحتاج معرفة دقيقة بمنهجية علم «خدمة الجماعة» وتأصيل مفهوم الفريق الواحد ومصطلح التعاون اللذين تفتقدهما مدارسنا النظامية على الرغم من تأكيد الشريعة الاسلامية عليهما احقاقا لقوله تعالى: {وّتّعّاوّنٍوا عّلّى البٌرٌَ وّالتَّقًوّى" وّلا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ} وقوله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» و«يد الله مع الجماعة» وانه من المناسب ان اورد تجربة غنية بالفائدة لإحدى معارفي حين التحقت بناتها بالمركز الصيفي لتحفيظ القرآن الكريم لمدة شهرين بواقع 3 ساعات يوميا، اربعة ايام بالاسبوع فقد لمست اثر المربيات في شخصيات البنات حيث صقلت بسماتٍ جميلة من قِبل معلمات دار التحفيظ. هذا عدا تلاوة القرآن وتجويده اضافة لعمل بعض المشغولات الفنية البسيطة، وفنون الطهي، والخياطة، والمنافسة الشريفة وشحذ الهمم اثناء المسابقات، والتشجيع المستمر، ومحاولة البعد عن الملل والجمود. مما يغري والدتهن بالانضمام اليهن هذا الصيف! وهي دعوة لكل اسرة تحرص على ابنائها للالتحاق بمراكز تحفيظ القرآن الصيفية ف«خيركم من تعلم القرآن وعلمه» ومن منا لا يسعى لهذه الخيرية عبر القرآن علما وتعلما وخلقا.
وعلى اية حال لابد ألا يمر هذا الصيف دون الخروج بفائدة، وهذا لا يلغي ضرورة النزهة، والاصطياف حسب الإمكانات، على ألا تكون فكرة السفر هي الهدف بل تكون وسيلة لتحقيق هدف شرعي، او اجتماعي، او ترويحي، ولنعلم ان الاجازة والفراغ والصحة والشباب من النعم التي سيحاسب عليها المرء او يكافأ.. وعليه ان يعلم قبل ان يقدم!!
فما انتم فاعلون؟؟!!
|