احترم جداً ذلك الطرح البناء المتميز بالواقعية والصراحة الذي كان عليه الدكتور راشد الحريول أمين عام اللجنة الأولمبية السعودية في لقاء مطول نشرته الزميلة «عكاظ» مؤخراً.. والذي أعجبني أكثر أنه لم يشأ الحديث مجاملاً والظهور بمظهر غير الجاد في ايضاح الحقائق.
وقد توقفت طويلاً متأملاً عدة نقاط أثارها دون تردد.. ولعل أهمها دور المدرسة في صياغة وتشكيل ثقافة الشباب وبناء سلوكياته وتحديد هويته.. لقد قالها بالحرف الواحد: كيف بمقدور المدرسة أن تساهم في إثراء الساحة الشبابية والرياضية بالموهوبين والمتميزين وهي غير مؤهلة من حيث ظروف بيئتها وإمكاناتها باعتبارها في الأساس «فلة» سكنية!!
وإذ أشاركه هذا الرأي الموضوعي فإنني لن أذهب بعيداً عن الواقع المؤلم.. وللتذكير هنا أود الاشارة إلى احصائية أوردتها مصادر رسمية بوزارة للتربية والتعليم مفادها أن ما نسبته 52% من المباني المدرسية مستأجرة!! أي أنها بكل تأكيد تقف عاجزة عن تلبية احتياجات الطلاب من حيث الاضاءة والتهوية والسعة المطلوبة وهي أيضاً تفتقر تماماً للمواصفات التربوية الحديثة في البناء المدرسي الذي يجب أن يشتمل على كافة التجهيزات والملاعب والصالات المغلقة وأحواض السباحة والمكتبات فضلاً عن وجود المبنى في موقع مناسب جداً لنجاح العملية التربوية.
... والوضع العام هكذا على مستوى المدرسة.. وإذ لا توجد مراكز شبابية تحتضنها الأحياء السكنية بهدف استقطاب الشباب.. فإنه من الطبيعي جداً رؤية مشاهد وصور سلبية لتلك الجموع الشبابية التي تزاول رياضة «التسكع» في الشوارع والأسواق ليل نهار وبدون توقف!! وكذلك اتجاه الآلاف يومياً لأندية المقاهي خارج حدود العاصمة وغيرها من مدن المملكة من أجل رياضة أخرى عنوانها «شفط الدخان وأثره على صحة الأبدان» أو «متابعة قنوات الرقص الفضائية».
ولأخي العزيز د. راشد الحريول الحق كل الحق أن يستشعر الخطر الراهن ويؤكِّد أهمية تفاعل المجتمع بكافة مؤسساته التربوية وتحملها أعباء ومسؤولية العمل المشترك تجاه الشريحة الكبرى في التعداد السكاني.. وإن كانت نسبة 65% تمثل فئة عمرية تحت سن الثلاثين.. فأين هي المرافق العامة التي يمكن لها استثمار تلك القدرات ورعايتها نفسياً واجتماعياً من خلال توفير الامكانات المناسبة والتي تعمل على إشباع رغبات الشباب وميوله.. رياضية.. ثقافية أو اجتماعية؟
ولكن؟! إذا سلَّمنا جدلاً بمشكلة المدارس المستأجرة وعدم وجود مراكز الأحياء السكنية الشبابية فكيف يمكن تقييم دور الأندية الرياضية في عملية استقطاب الشباب؟
وهل ارتفعت نسبة الاقبال بعد المقرات النموذجية؟
طبعاً ليست هناك دراسة علمية يعتمد على نتائجها لكن بنظرة شخصية وتجربة عشتها سابقاً في العمل بالأندية أقول وبكل تجرد إن مؤشر الاقبال يأخذ مساراً تنازلياً في أكثرية الأندية.. وهنا أتساءل: لماذا لا يكون هناك تحرك ملموس لدراسة مسببات عزوف الشباب عن ارتياد الأندية ومن ثم وضع الحلول المناسبة والكفيلة بتصحيح المسار!!
أعرف نادياً يمتلك منشأة انموذجية متكاملة يبقى معظم أيام السنة «مهجوراً» وكأنه تحول إلى «قصر أشباح» علماً بأنه في مدينة ذات كثافة سكانية - وبالملايين» لا قرية أو هجرة تعدادها بالمئات!!
.. إن أحداث تفجيرات الرياض بالدرجة الأولى وآلاف السلوكيات والممارسات الخاطئة يومياً على مستوى المملكة.. تلك التي تكشف أبعاد عملية تربية المؤسسات الخاطئة تدعو الجميع إلى الاسراع نحو إعادة النظر في كافة مؤسسات التربية، وخاصة ممن لها ارتباط وثيق الصلة بفئة الشباب التي تمتلك طاقة كبيرة قابلة للانفجار إن سلباً أو ايجاباً.. لذا ينبغي تظافر جهود مشتركة حكومية وأهلية والاسراع في بناء خطة عمل طارئة اعتباراً من صيف هذا العام.. نريد أن نرى مراكز شبابية في مدارس تتوفر بها مقومات العمل الشبابي المتنوع النشاط ليعبر كل فرد عن قدراته بمنتهى الحرية المنضبطة طبعاً!!
افتحوا الأندية الرياضية للجميع من خلال حملة إعلامية وإعلانية مكثفة تبيِّن مدى أهمية ممارسة الرياضة وأثرها على صحة الانسان وتكوينه النفسي والاجتماعي وبناء شخصيته على أسس قويمة.
وأخيراً.. وبالانابة عن اخوة أعزاء طلبوا مني الاستفسار عن موضوع خاص بمجلس الشورى ويتعلق بتأسيس مراكز شبابية داخل الأحياء السكنية.. وقد تم طرحه للنقاش في أروقة المجلس منذ عام وأكثر.. وبدوري أسوق هذا الاستفسار للأخ العزيز د. حمود البدر الأمين العام الذي عمل فترة بالقطاع الشبابي والرياضي وسبق له أن ترأس اتحاد الجمباز.. فضلاً عن وجود أكثرية من الأعضاء عرفت باسهاماتها في ميدان الشباب والرياضة.. أي ان هناك ثقافة داخل المجلس تستطيع أن تمرر عدة قرارات بالموافقة.. والرأي العام يتلهف لمعرفة آخر المستجدات والتطورات التي أثمرت عنها نتائج تلك الدراسة والتوصيات التي دعت لإنشاء مراكز شبابية وسط الأحياء السكنية.. وسامحونا!!
|