* س: - هل مُسلم قد دوَّنَ كل الصحيح في كتابه؟
ونأمل إفادتنا كذلك عن: البخاري وهل يمكننا أن نطمع منكم إبراز صفات مُسلم الخلقية والنفسية..؟
عيد بن جبر بن عيد الحربي
ضيدان بن محمد بن باجس الحربي
محمد بن بكر بن سعيد فلاته
المدينة المنورة
* ج: - سؤال جيد جدير باعتباره السؤال المهم في بابه، خاصة عن مثل أحد كبار العلماء المستقلين، جيد وجدير لأنه كذلك، ولأن الحاجة ماسة إلى معرفة حال هذا العالِم الإمام نفسياً وقدرة وعقلاً، ولأن كتابه بحاجة إلى بيان: هل قد استوعب كل الأحاديث الصحيحة أم لا؟
للحاجة كذلك إلى ذلك، وبين يدي كتاب (الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح وأثره في علم الحديث) نشرته: (دار الصميعي) بالرياض.
وما بين يدي هو الجزء الثاني من الكتاب جاء ما بين ص 403 حتى ص 501 ما يلي وهذا بعضه: (أولاً لم يستوعب الإمام مُسلم كل الأحاديث الصحيحة في كتابه.
صرح بهذا مسلم في صحيحه «كتاب الصلاة» فقال عندما سأله أبوبكر ابن أخت أبي النضر: فحديث أبي هريرة؟ فقال - أي مسلم - «هو صحيح» يعني: «وإذا قرأ فأنصتوا» فقال: هو عندي صحيح. فقال: لِمَ لَمْ تضعه ههنا؟ فقال مسلم: «ليس كل شيء عندي صحيحا وضعته ههنا». وقال لابن وارة: (إنما أخرجتُ هذا الكتاب، وقلتُ: هو صحيح، ولم أقل: إن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف. ولكني إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح، ليكون مجموعاً عندي وعند من يكتبه عني فلا يرتاب في صحتها، ولم أقل إن ما سواه ضعيف.
ويؤكد هذا ويدعمه قوله أيضاً: «صنفتُ هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.
بل إن الشيخين «لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما ولا التزما ذلك، ويؤيده فعل أصحاب المستخرجات فقد أخرجوا أحاديث على شرطيهما مما لم يخرجاها، وكذلك فعل الدارقطني في كتابه «الإلزامات» فإنه أخرج فيه أحاديث أخرج الشيخان مثل إسنادها في صحيحهما. قال: الحاكم: «لم يحكيا - أي الشيخين - ولا واحد منهما أنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه.
وقال تلميذه البيهقي: «وبقيت أحاديث صحاح لم يخرجاها»، ولذا فمن ألزمهما بشيء من الأحاديث فهو غير لازم لهما لأنهما تجنبا التطويل، ولم يعمدا إلى استيعاب جميع الأحاديث الصحيحة، واعترف بذلك: (مسلم) فيما قدمنا،و والبخاري أيضاً بقوله: «ما أدخلتُ في كتابي «الجامع» إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول».
مقدمة ابن الصلاح (15-16).
وصرّح مسلم في: (مقدمة صحيحه) بأن من طلب منه أن يجمع «الصحيح»، قد أشار عليه بأن تكون أحاديثه «مؤلفة محصاة».
وقال: «وسألني أن ألخصها لك في التأليف فكان التلخيص وعدم الاستيعاب من السمات التي قصدها مسلم - وكشف عن سبب ذلك بقوله: «فالقصد منه إلى الصحيح القليل أولى بهم أي بالعوام من ازدياد السقيم وإنما يرجى بعض المنفعة في الاستكثار من هذا الشأن».
ثم إن أبا عبدالله بن الأخرم قال: «قل ما يفوت البخاري ومسلم مما يثبت من الحديث» يعني في: «صحيحيهما».
فهذا مجمل ما يمكن طرحه إجابة على السؤال الأول ومع هذا فقد بارك الله تعالى في: كتابيهما «الصحيحين» حتى سارت بهما الركبان في المشرقين عبر القرون الطوال، فإن للنية دوراً مهماً في هذا، وللعدل والنزاهة والولاء لله تعالى في هذا ما لها من الرفعة والخلود، لا سيما والصحيحان قد جمعا أحكام سياسة الدين من العبادات والمعاملات بجانب الآثار الصحيحة في: السياسة، والاقتصاد والإدارة والحكم والاجتماع والهندسة والطب والعلم والتجديد والأدب والنقد والآداب والأخلاق والقيم .
أما الإجابة على السؤال الثاني من السؤالين فإن مسلماً كان: بين الطويل والقصير، شديد البياض، حاد الطبع، غليظ الصوت، كثير السمت، كثير الذكر والدعاء وقراءة القرآن، حاد الذكاء، سريع البديهة، يخالط العامة دائماً ويجلس إليهم ولم يقفل بابه حتى مات، مع عدم وجود عمل له لأنه كان يتاجر «يبيع ويشتري» ما بين نيسابور والعراق والحجاز وكان ذا خلق جم، وحسن لطف مع الضعفاء والمساكين.
وكان ذا موهبة عجيبة في الحفظ والفهم وسداد الرأي، وصدق الفراسة، وقد نالته وشايات وحسد تألم منها كثيراً لكنه صبر وصابر وكان بسبب الوشاية والحسد يميل بعد ذلك إلى (الانزواء) جداً ويكثر الدعاء على من أساء إليه خاصة من وقف في وجهه تجاه: مطالب المعاش في هذه الحياة.
لكنه مع هذا / سبحان الله/ برز أحد جليلين عظيمين قل أن تُنجب البيضُ مثلهما على تطاول العهود.
|