ألا إنما يكفي الفتى بعد زيفه
من الأود البادي ثقاف المقوم
وقد لبست لبس الهلوك ثيابها
تراءى لك الدنيا بكف ومعصم
وتومض أحياناً بعين مريضة
وتبسم عن مثل الجمان المنظم
فأعرضت عنها مشمئزاً كأنما
سقتك مدوفاً من سمام وعلقم
وقد كنت من أجبالها في ممنع
ومن بحرها في مزبد الموج مُفعم
وما زلت تواقاً إلى كل غاية
بلغتُ بها أعلى البناء المقدم
فلما أتاك الملك عفواً ولم يكن
لطالب دنيا بعده من تكلم
تركت الذي يفنى وإن كان مونقاً
وآثرت ما يبقى برأي مُصمم
وأضررت بالفاني وشمرَّت للذي
أمامك في يوم من الشر مُظلم
سمالك همٌ في الفؤاد مؤرق
بلغت به أعلى المعالي بسلم
فما بين شرق الأرض والغراب كلها
منادٍ يُنادي من فصيح وأعجم
يقول أمير المؤمنين ظلمتني
بأخذٍ لدينار ولا أخذ درهم
ولابسط كفٍّ لأمرىء غير مُجرم
ولا السَّفك منه ظالماً ملءُ مُحجم
ولو يستطيع المسلمون لقسَّموا
لك الشَّطر من أعمارهم غير نُدَّم
فأربح بها من صفقةٍ لمبايع
وأعظم بها أعظم بها ثم أعظم