اطالع ما يكتب على صفحات هذه الجريدة من مشاريع مياه التحلية في انحاء المملكة.. ووزارة الماء والكهرباء لاشك أن لديها برامج لهذا الغرض.. في جزيرة العرب يعز الماء.. في صحاريها اللاهبة.. المياه عملة نادرة.. في مدنها الماء اغلى من «البنزين».. امطارها يتسقطها الرعاة في كل فصل وفي كل صقع من اصقاعها.. ومع تزايد عدد سكان مدنها سيكون الماء اغلى سلعة.. واغلى عنصر يجب المحافظة عليه.
بعد تشكيل «وزارة المياه» استبشر المواطنون خيراً.. فعصرنا هو عصر المياه.. وكل الدلائل تشير الى أن الحروب القادمة هي حروب المياه.. وزارة المياه هي الوزارة المسؤولة عن العنصر الاساسي للحياة.. عنصر اهم من الكهرباء.. واهم من التلفون.. واهم من الغذاء.. عنصر يجب توفيره امام كل مواطن بثمن بخس.. فالمواطن هو عماد الوطن وهو عماد الاقتصاد واذا توفرت له اهم مطالبه فسيكون عنصراً داعماً لاقتصاد الوطن.. عنصراً منتجاً لا عنصراً مستهلكاً فقط.. نعم ليس هناك شيء بالمجان ولكن كل شيء يختلف عن شيء.. الماء عنصر لا حياة بدونه.. اما الكهرباء فهي رفاهية واما وسائل النقل فهي ترف يمكن ان يدفع لها المترف اما الفقير المعدم.. فيجب توفير العنصر رقم «1» في الحياة له بقيمة هي اشبه بالمجان.. وليس في هذا اي غرابة.. فاذا وفر له اهم عنصر فسيخدم الوطن والاقتصاد وسنكون مجتمعاً منتجاً ذا بيئة صحية سليمة تساعد على دعم الاقتصاد.. ولعل معالي وزير المياه والكهرباء.. الدكتور غازي القصيبي اول من يعرف هذه الحقيقة ولا شك انه يعرفها فهو رجل ذو خبرة طويلة وذو نظر بعيد وقد قرأت له مؤخراً تصريحاً يقول ان مياه البحر المحلاة هي الاقل تكلفة وهي الخيار الانسب لسقيا المدن بالمياه..
واهنئه على ثقة ولاة الامر بتعيينه وزيراً للمياه والكهرباء.. بعد دمج هذين القطاعين مع بعضهما وهما عنصران مهمان في الحياه اليومية لكل مواطن فلا يخلو بيت من ماء وكهرباء وهما اهم الخدمات اليومية المقدمة للمواطن ولا شك ان لدى معالي الوزير خطة استراتيجية لجعل فاتورتي المياه والكهرباء من اقل الفواتير استهلاكاً لراتب المواطن الشهري.. واقل الفواتير بلعاً لدخل متواضعي الدخل.. ومادام ان مياه البحر المحلاة هي اقل الخيارات تكلفة فمعنى ذلك انه يجب ان يكون هناك استراتيجية لسقيا جميع المدن والقرى بشبكة ضخمة من مياه البحر المحلاة القادمة من الخليج العربي والبحر الاحمر.. ولله الحمد فنحن نعيش على ساحلين طويلين قلَّ أن يوجد مثل طولهما في اي دولة وقلَّ أن تطل دولة على ساحلين.. ففي حالة زيادة تكلفة جلب المياه الى مدينة وسط المملكة من البحر الاحمر فيمكن دراسة جلبه لها من الخليج العربي.. وهذه ميزة للمملكة..
ومنطقة القصيم التي تقع في قلب المملكة تقريباً حظيت بمشروع ولا كل المشاريع.. وجهد ولا كل الجهود وانجاز ولا كل الانجازات انه انجاز ضخم بمقياس الزمان.. والمكان انجاز ضخم بمقياس الامكانات.. فالقصيم تعيش في زمان قلت فيه الامكانات وفي مكان قصي وسط صحاري الجزيرة العربية اللاهبة وتبعد عن سواحل الخليج العربي والبحر الاحمر مئات الكيلو مترات.. ومع ذلك حدثت المعجزة.. وتحقق الحلم.. وحدث حدث استثنائي في هذه المنطقة بدعم من سمو اميرها.. وتحقق المشروع الحلم لوزارة المياه وها قد وصلت انابيب المياه الى وسط المنطقة وبنيت خزانات المياه والمنطقة تترقب اللحظة التي تنطلق فيها مياه البحر فتشرب ماءً عذباً زلالاً.. وهي قريبة جداً حيث يتم حالياً ايصال خط المياه من محطة التوزيع وسط القصيم الى مدينة بريدة عاصمة المنطقة وهو حدث بهيج في تاريخ المنطقة ويوم تاريخي.
وجهد ايصال المياه الى منطقة القصيم وبناء الخزانات ومحطات الدفع ومحطات التحلية جهد جبار لخط مياه يقرب من 1000كم .. ووصوله الى منطقة القصيم يعتبر الخطوة 999 من مسيرة الالف خطوة.. ولم يتبق منه الا الشيء القليل وهو توزيعه على بقية مدن المنطقة الكبرى كعنيزة والرس والبكيرية والمذنب والبدائع والخبراء ورياض الخبراء..
ولا شك أن لدى وزارة المياه خططها لايصال المياه لهذه المدن فهناك مدن في القصيم تقع على الدرع العربي او على حافته كالرس والبدائع.. حيث إن هذه المدن او المحافظات تقع غرب القصيم والرس خصوصاً تقع على الدرع العربي وتجلب لها المياه من مسافة بعيدة الى الشرق منها.. وفي رأيي ان وزارة المياه يجب ان تعطي اولوية لايصال مياه البحر المحلاة الى محطة مياه الرس - البدائع».. وذلك للاسباب الآتية:
1- وقوع الرس على الدرع العربي يجعلها شحيحة في المياه الا من مياه الامطار ولاشك أن مدينة تقع على صخر ولا يوجد بها مصدر للمياه اولى من مدينة يوجد بها المياه غزيرة في ايصال مياه البحر اليها.
2- تعاني محافظتا الرس والبدائع مع كل صيف لاهب من شح المياه التي يتم تقاسمها بين هاتين المحافظتين من محطة تنقية مياه «الرس - البدائع» حيث تعطش هاتان المدينتان وتظمآن مع كل صيف حيث زيادة استهلاك المياه وشح المياه المنقاة من هذه المحطة وزيادة الطلب والاستهلاك من هاتين المدينتين اللتين تنموان نمواً سريعاً.
3- محطة «مياه الرس - البدائع» قريبة نسبياً من محطة توزيع المياه «خزانات مياه التحلية» الواقعة الى الجنوب من مدينة بريدة.. فخط المياه قطع حوالي 1000 كم من الخليج العربي وبقي مرمى حجر من هذه المحطة مسافة تقرب من 50 كم.. وربما اقل من ذلك اذا كان الخط مستقيماً لاشك انها مسافة لا تقاس بمعيار اذا قورنت بالمسافة التي قطعها هذا الخط من الخليج العربي.. ولن تعجز وزارة المياه عن مد هذا الخط مسافة قصيرة الى هذه المحطة واضافة انجاز باهر لهذه الوزارة انها مثل فيلا تم تمديد جميع القواطع والاسلاك الكهربائية بها ولم يتبق الا المصباح الذي لا يكلف شيئاً ويجلو الجهد ويجني الثمرة.
4- لو قورنت تكاليف تشغيل وصيانة محطة مياه «الرس - البدائع» سنوياً لقاربت تكلفة مد هذا الخط لسنة واحدة او ثلاث سنوات على اكثر تقدير ان هذه المحطة يغذيها عشرات الآبار التي تستنزف المياه الجوفية والتي تحتاج الى وقود وكهرباء وتشغيل وصيانة وعمالة ومعدات.. كان بالامكان الاستغناء عنها وضخ كل هذه التكاليف في مد خط يختصر كل هذا الجهد.
5- لقد اصبحت أسنان اهالي الرس والبدائع صفراء من استهلاك هذه المياه المليئة بالكبريتات.. وبالامكان تجاوز هذا مما يجعلهم يشربون ماء زلالاً من مياه البحر المحلاة.
6- يوجد خط يمتد من محطة مياه «الرس - البدائع» الى الرس بطول يقرب من 30 كم وبالامكان استخدامه في ضخ مياه البحر من المحطة فليس هناك تكاليف لايصال خط مياه البحر الى الرس فهو موجود.
ان ايصال مياه البحر الى هاتين المحافظتين حلم لاهاليهما نتمنى ان يتحقق على يد معالي وزير المياه والكهرباء ليكتمل هذا الانجاز الضخم في القصيم.
المهندس عبدالعزيز بن محمد السحيباني/البدائع
|