وضع شارون سمَّاعة الهاتف بعد أن سمع إطراء طيبا من الرئيس الأمريكي على اجتماعه «الناجح» مع رئيس الوزراء الفلسطيني أبو مازن ومن ثم أصدر رئيس الوزراء الاسرائيلي أوامره بقتل أحد القياديين الفلسطينيين بالضفة الغربية منتهكا بذلك الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية الأحد الماضي.
وفي المحادثة الهاتفية بين بوش وشارون أكد الاثنان على ضرورة تجريد المنظمات التي أسمياها إرهابية من السلاح، وكانت هناك تأكيدات سابقة من الجانبين بضرورة استئصال تلك المنظمات من خلال القضاء على بنياتها الأساسية.
وليس شارون بحاجة إلى من يشجعه لممارسة هوايته المحببة «القتل وإزهاق الأرواح» لكن شهيته للقتل تتعاظم عندما يسمع من يثني عليه أو من يتفق معه على أن هؤلاء الذين يدافعون عن أرضهم وحقوقهم مجرد ارهابيين وأوغاد ينبغي القضاء عليهم.
وفي وقت انتعشت فيه الآمال بإمكانية التقدُّم في طريق السلام يصرُّ شارون الذي لم يقدم أصلا عن طيب خاطر على هذه الخطوة على أن يغتال هذا السلام وهو يدرك أن أقرب طريق الى ذلك هو استهداف المنظمات النشطة التي قبلت طواعية الدخول في هدنة.
وإلى جانب قناعاته الشخصية برفض السلام فإن شارون يواجه رأياً عاماً قوياً من المتطرفين في الليكود ومن المستوطنين، الذين لا يروق لهم اعادة ما سرقوه من أراضٍ، كي لا يتعامل مع خطة خارطة الطريق، وبينما يُظهِر شارون للمجتمع الدولي أنه يتعاطى مع خارطة الطريق ويستجيب لدواعي السلام فإنه يتغاضى عن جرائم ضباطه الحانقين على الفلسطينيين ولا يقف أمام تيار المتطرفين اليهود الذين يسعون الى تخريب فرص السلام.
ومن المؤكد أن الولايات المتحدة تسعى إلى التسوية لكن ادارة بوش لا تستطيع ان تكون محايدة بالكامل في هذا النزاع وهي على بعد بضعة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي تلعب فيها الجماعات اليهودية دوراً حاسماً يحدُّ كثيرا من قدرة واشنطن على الضغط على شارون.
|