أَفِطراً ولمّا يُفْطرِ السَّيفُ بالعدا
وَمَوْتاً وهذي الخيلُ تَصْهلُ بالرَّدى
وما العزُّ إلا بالصوارمِ والقنا
وما الخيرُ في أفقٍ إذا لاح َ أسْودا
أبا متْعبٍ والليلُ يحْطمُ بَعْضَهُ
وحلَّ بنا مثْلَ القَضاَءِ مُجرَّدا
فيا عجباً ليلُ تَرَجَّل واصْطَلَى
وَعَرْبَدَ حُزناً ثم أَرغى وَ أَ زْبدا
وكشَّر أَنياباً وعاثَ مُشَمِّراً
وأقعى على حُرًّ يَصيحُ مُقَيَّدا
أرى الناسَ قد عافوا السجودَ لربِّهم
فمالي أَراهم للطواغيت سُجِّدا
هنيئاً لك القرآنُ والبيتُ والعُلا
أيا سَيِّداً أكرم بكَ اليومَ سَيِّدا
فإن تبعوا الشيطانَ حِزْباً وشِرْعَةً
فأنتَ على المسْعى تَبِعْتَ مُحَمَّدا
رَأيتُكَ في المحراب وِرْداً لناسكٍ
تَهَجَّى الهُدى حيناً وحيناً تَهَجَّدا
سَمَوْتَ بشرم الشيخ رأياً وحكمةً
ولمَّا نَطَقْتَ الحقَ كُنْت المُؤيَّدا
فكلُّ الورى أهدت إليك شِغَافها
وَمَدَّتْ أكفَّاً في الرضا تَحْفَظُ اليدا
وقامتْ على الأركانِ تَهتِفُ مِثلما
مَلأتَ الدَّنا عَدْلاً ومجداً وسُؤددا
لأنك يا ابنَ الأكرمين بأنْفسٍ
تَرَاك وربِّ البيتِ حُرّاً مُجَدِّدا
تَجرُّ رِدَاءً يَعربيَّاً إلى السُّهَا
يُعَتِّقُه العِرقْانِ خَالاً ووالِدَا
فليس الذي مِنّا يخونُ تُرابَهُ
وآلاءَهُ الحُسْنى وَيَنْسى بِه الندَى
وما الزَّحفُ إلا صَوتُ شَعبِ مُوَحَّدٍ
أَصَاخَتُ له الجَوْزاءُ لمَّا تَشَهَّدا
كتائبُ لا تخشى الوَغَى حين تُبْتَلَى
وتُهْدِي لها عَمْراً وسَعْداً وخَالدا
تَظَلُّ العيونُ الحُمْرُ تَرقُبُ طَرفكم
وتزهو بك البَيداءُ جَيْشاً وقائدا
يصوغون أَطْرَافُ الأعِنَّة هِمَّةَ
ليخْتالَ فيها كُلُّ أَشقرَ أجْردا
يَمُدّون فَوْقَ العادياتِ رماحَهُمْ
فأضْحى الذي فَوْق السِّماكين أرْمدا
ثَوَابٌ إذا كان الوَفاءُ جزاءَها
وإِنْ كانتِ الأُخْرى تَهُزُّ المُهَنَّدا
ألا قاتلَ اللهُ الحروبَ فإنَّها
سَيُورق فينا شَرُّها اليومَ أو غدا
فكمْ عَطَّلَتُ بئراً وسُوراً ومَتْحَفاً
وكم هَدَّمَتُ بَيْتاً وحِصْناً ومَسْجِدَا
تصولُ كبحرٍ هادرٍ برياحِهِ
وهلْ يُرْتَجى بحرٌ إذا كان مُزْبِدَا
سلامٌ وهذي الأرضُ تبكي ندامةً
وأمنٌ وهذا السيفُ بالناس مُغْمَدا
أبا متعبٍ قد كنتَ للسِّلم رَاعياً
تَعَالَ، فقدْ دارتْ رَحَاها لِتُحْمَدا
فبغدادُ ينعاها الرشيدُ لمكةٍ
وَضَجَّتْ دمشقٌ بالشكايةِ والصَّدى
وَرَجَّتْ سَمَرْقندٌ هناك تألُّماً
وَلَبَّتْ بُخَارى والكِنَانةُ بالفدى
يُطاردُهَا هذا اليَبَابُ وَنخلُها
تُحَرِّقُه الأرزاءُ مَوْتاً ومَوْلِدا
وطالتْ دياجيرُ الظَّلامِ بأمَّةٍ
تَرَى فيك يا مولايَ نوراً مُسدَّدا