في الآونة الأخيرة كثر الحديث حول انتشار مرض «الفشل الكلوي» وصرنا نطالع بين الحين والآخر أخباراً حول إحصائيات تصل إلى آلاف من المصابين بهذا المرض العضال الذي يفاجأ به المريض ويدخل بعدها في دوامة من الألم وحلقة مفرغة لاتنتهي من العلاج المسمى بالغسيل الكلوي ثم البحث عن كلى بديلة لزرعها في الجسم وما يصاحب ذلك من تكاليف باهظة سواء كانت مادية أو نفسية، وكان لابد لنا من وقفة للتعرف على جوانب هذا المرض وإلى أي مدى حقق العلم نجاحاً في علاجه وكيفية الوقاية منه، فكان هذا الحوار مع الدكتور اسماعيل حسن أخصائي الباطنة ووحدة أمراض الكلى والغسيل الكلوي بمستشفى الحمادي بالرياض والذي أجاب على العديد من الاستفسارات على النحو التالي:
* ماذا تعني عبارة الفشل الكلوي؟
- الفشل الكلوي هو عدم قدرة الكلى على القيام بالوظيفة المطلوبة مما يحتاج إلى علاج تحفظي مركز أو إلى الغسيل الكلوي إذا احتاج الأمر.
* متى تصبح الكلى عاجزة عن القيام بوظيفتها في الجسم؟
- هناك قرائن سريرية يمكن للطبيب التعرف عليها مع نتائج مخبرية للتحاليل المناسبة لاتدع مجالاً للشك وربما تكون هناك حاجة لدراسة شعاعية من أنواع مختلفة على الكلى إذا تطلب الحال.
* ماهي أهم الأسباب التي تؤدي إلى حالة الفشل الكلوي بنوعيه الحاد والمزمن؟
- هناك أسباب كثيرة معروفة وغير معروفة تؤدي في النهاية لنفس النتيجة والتي تحتاج إلى العلاج التعويضي في كلا النوعين وربما إلى زراعة الكلى في النوع المزمن وعلى سبيل المثال فمن الأسباب الحادة مايحدث بعد العمليات الجراحية أو الولادات أو حوادث الطرق من قلة التروية الدموية للكلى أو الالتهابات الشديدة في الدم وغيرها أما عن الأمثلة الخاصة بالنوع المزمن فمنها الأمراض ذات طابع العيوب الخلقية ومرض السكر وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والالتهابات الكلوية ذات طابع خلل الجهاز المناعي وغيرها من الأسباب.
* يقال إن داء السكري يعتبر أحد أسباب الفشل الكلوي فما مدى صحة هذه المقولة.. وهل المقصود به داء السكري الذي يهمل المريض علاجه.. أم ذاك الذي يعالجه المريض باستمرار؟
- في واقع الأمر إن أكثر أسباب الفشل الكلوي المزمن شيوعاً هو مرض السكر ومع هذا فليس بالضرورة أن يحدث لكل المرضى وأيضاً المتابعة المستمرة والالتزام بتعليمات الطبيب بخصوص الأسلوب الحياتي ونظام الحمية والأدوية الموصوفة يقلل كثيراً من مضاعفات مرض السكر ومنها الفشل الكلوي وبالطبع فإن المرضى المداومين على المتابعة والعلاج أقل تعرضاً للإصابة بالفشل الكلوي من دونهم.
* مامدى الارتباط بين ضغط الدم والأداء الطبيعي لوظيفة الكلى؟
- هذا الارتباط يعد ارتباطاً وثيقاً لدرجة أن هناك صعوبة في الفتوى لمريض عنده ضغط وقصور في الكلى على أن نحدد من بدأ أولاً وتسبب في الآخر وعليه فلكي نقطع الحلقة المفرغة علينا أن نتحكم في الضغط ونجعله في المدى الطبيعي وذلك لإيقاف التدهور في قصور الكلى أومنعه بداية.
* وهل يعني هذا الارتباط أن مريض الفشل الكلوي يمكن أن يعاني أيضاً من اضطرابات بضغط الدم؟
- نعم ولكن أسباب ارتفاع ضغط الدم في مرض الفشل الكلوي تحدث لأسباب إضافية ويمكن التدرج في علاجها مع الأخذ بأسباب الحمية والغسيل الكلوي مع أو بدون علاج للضغط في هذه الحالة بالذات.
* ماهي أهم الأعراض والدلائل التي تشير إلى الإصابة بالفشل الكلوي؟
- هناك أعراض كثيرة ودلائل تختلف من مريض إلى مريض حسب الأمراض المصاحبة ودرجة تقدم المرض وما يعبرون عنه من وظيفة الكلى المتبقية RRF وبصفة عامة فإن المريض يشعر بإعياء شديد وعدم انتظام في النوم وقلة البول (ليس في كل المرضى) وقلة الشهية للطعام وربما لاضطرابات معدية وغيرها في الجهاز الهضمي مع آلام في الجسم عامة وفي المفاصل أيضاً والبعض يشكو من حكة شديدة وغيرها من الأعراض والتي يمكن أن تتشابه مع كثير من الأمراض ومما يدعو إلى العجب أن كثيراً من المرضى ربما بدؤوا علاجهم عند أطباء في غير تخصص الكلى واكتشفوا فيما بعد أن كل هذه المشاكل مردها إلى قصور الكلى.
* ماهو العلاج الأمثل لعلاج الفشل الكلوي.. الكلية الصناعية أم الكلية المزروعة وما هو الفارق بين عمل الاثنين؟
- مما لايدع مجالاً للنقاش أن صنع الله لامثيل له - سبحانه - وعليه فإن الكلية المزروعة هي الأمثل لعلاج الفشل الكلوي المزمن إذا لم تكن هناك موانع أو عقبات لتحقيق ذلك الهدف وإذا كان لنا أن نبدي الفارق فعلينا استعراض مايمكن أن تقوم به الكلية الصناعية وهو إزالة المياه الزائدة المتجمعة مابين جلسات الغسيل الكلوي مع ماتحتويه من شوائب وسموم والعمل على تعويض الجسم مايحتاجه من نقص في عناصر معينة أثناء جلسة الغسيل الكلوي وأما عن الكلية المزروعة فهي لديها مهام أكبر وأوسع من وظائف هورمونية وغيرها مما يستقيم معها الجسم ويحسن معها الأداء العام والخاص.
* ماهو مرض هبوط الكلى وماهي أعراضه وعلاماته ومضاعفاته الجسدية؟ وماهو العلاج الذي يقدم للمريض؟
- إذا كان هذا التعبير صحيحاً فهو ربما يعبر عن المرحلة التي تسبق الفشل الكلوي وهو مايعرف بالقصور الكلوي المتكافئ حيث يلاحظ قلة أو عدم وجود الأعراض والعلامات إلا من أمراض أو حالات مسببة أومصاحبة للقصور الكلوي مما قد يؤخر الكثير من المرضى في البحث عن النصيحة الطبية ويتولد عنه تأخر وتعقد العلاج في النهاية.
ولإيضاح ذلك المفهوم نقول إن الله سبحانه وتعالى قد حبا الإنسان بكليتين اثنتين يعملان معاً ولكن يكفي عمل ربع كلية على مدار اليوم فإذا حدث أن تأثرت الكليتان إلا ربع فلاشكوى عند المريض ولكن عندما يحدث التأثر في الربع الأخير يبدأ المريض في الشكوى التي تبدأ بسيطة ثم تزداد تدريجياً إذا لم تكن هناك متابعة أو علاج أوأسباب يؤخذ بها لإيقاف التدهور كهدف أول ثم تحسين الموقف كهدف ثانٍ وإذا كان لنا أن نسرد مثلاً آخر لما يحدث في الكلية المريضة والتي لم تصل إلى الفشل الكلوي بعد نقول إنها كنار تحت رماد تأكل ماتحت الرماد ولاتحس بها ولاترى لها أثراً إلا وقد أتت على كل شيء.
ومن هنا يتضح التشخيص المبكر والأخذ بالعلاج المبكر والذي قد يغير من المسار المرضي بدرجة تغني عن المعالجة التعويضية من غسيل كلوي أو زراعة للكلى.
* ماهي أعراض وعلامات ارتفاع البولينا؟
- كما أسلفت وإضافة عليه فإن جميع الدراسات التي تم إجراؤها لإيجاد علاقة بين ارتفاع نسبة البولينا في الدم أو غيرها وبين الأعراض والعلامات المرضية قد أثبتت عدم وجود مغزى إحصائي ولكن الشاهد أنه ربما ترى أعراضاً وعلامات بسيطة مع ارتفاع كبير في هذه القراءات والعكس صحيح كما يحدث في مرضى السكر عند دخولهم في مرحلة الفشل الكلوي المزمن.
* ماهي أنواع هبوط الكلى؟
- كما أشرت إلى أن هذا التعبير ربما يطلق على القصور الكلوي والذي ربما كان حاداً أومزمناً وأيضاً متكافئاً أو غير متكافىء وهل هو نتيجة عيوب خلقية أو مكتسبة وغيرها من التصنيفات والتي لها أثر كبير على العلاج والرؤية المستقبلية للأحداث.
* متى يعالج المريض بتنقية الدم؟
- يعبر عن الغسيل الكلوي الدموي بتنقية الدم وهو مايلجأ إليه عند فشل العلاج التحفظي في حالة الفشل الكلوي الحاد أو إذا كانت الدلائل المخبرية تشير إلى حلول منطقة العلاج التعويضي في حالة الفشل الكلوي المزمن ولو كان الأخير ليس مصحوباً بأعراض شديدة فما زال الغسيل المبكر لمرضى الفشل الكلوي المزمن هو الأفضل للحفاظ على القلب والأوعية الدموية عامة مع الحفاظ على العيون وبالذات في مرضى السكر كسبب للفشل الكلوي وغيرها من المزايا.
* متى يلجأ الطبيب لإخضاع مريضه لعملية الغسيل الكلوي؟
-الموضوع ليس إخضاعاً ولكن توضيح الجوانب الإيجابية والسلبية لعدم الأخذ بالعلاج التعويضي وأيضاً ماهي الثمار التي يمكن أن تجنى إذا تم الانقياد لبرنامج الغسيل الكلوي أو زراعة الكلى.. وأما عن الحالات الطارئة وهى مايعبرون عنها بالفشل الكلوي الحاد الشديد أو الفشل الكلوي الحاد فوق المزمن ومايصاحبها من تأثر في أعضاء أخرى من الجسم مثل القلب والرئة والمخ مع ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم وتجمع السوائل بكثرة في الجسم وغيرها من العلامات التي لاتدع مجالاً للقبول أو الرفض ويمكن التعامل مع هذه الحالات - بإذن الله - وذلك بعد توضيح الأمر للأقارب الذين يمكنهم أن ينوبوا عن المريض في هذه الحالات العسرة في اتخاذ القرار مع الطبيب المعالج.
* نصيحة تقدمها لمرضى الفشل الكلوي وأخرى تقدمها للوقاية من هذا المرض؟
- أما عن مرضى الفشل الكلوي فأنصحهم باتباع كل نصائح الطبيب من غسيل كلوي أو زراعة وذلك في إطار متكامل مع الحمية والعلاجات المكملة أو لعلاج أمراض مصاحبة مثل الضغط ومرض السكر والتعاون مع الطبيب للوصول لكفاءة الغسيل الكلوي المطلوبة وهناك معادلات حسابية يمكن من خلالها التأكد من هذه القدرة أو الكفاءة لبرنامج الغسيل المتبع (KT/V).
وأما عن الوقاية فهي خير من العلاج - بلا شك - ويجب أن يكون الاهتمام منصباً على هذه النقطة أكثر من غيرها فعلى سبيل المثال لابد من علاج التهابات وحصى المسالك البولية بكل حزم وأيضاً التحكم في ضغط الدم ومرض السكر لما لهما من أثر كبير في إيقاف أو منع المرض بداية وأيضاً متابعة وظائف الكلى والتأكد من سلامتها لمن لديهم تاريخ عائلي لمشاكل كلى وراثية أو ضغط دم مرتفع أو السكر أو غيرها وذلك أخذاً بالأسباب.. «فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين»- الآية.
|