يهرع الكثير من مرضى البهاق فوراً لمركز العلاجات المختلفة وذلك بعد قراءة إعلان في الصحف عن العلاج الجراحي للبهاق او يسمعون ذلك من خلال وسائل الإعلام الأخرى فترى المريض يأتي مسرعاً طلباً للعلاج الجراحي، ويقوم باخبار الطبيب بالمغامرات والرحلات الشاقة التي قام بها بحثاً عن علاج شافٍ للبهاق وعن كثرة العيادات التي زارها والعلاجات التي أخذها ولكن دون جدوى، وهنا يكون التصرف النابع منه اعتقاداً بأن العلاج الجراحي للبهاق هو الحل النهائي والمضمون.
ولكن السؤال هل كل مريض لديه بهاق يمكن ان يستجيب للعلاج الجراحي؟
وما هي الغاية أصلاً من إجراء العمل الجراحي؟ وما هي نتائجه؟
وللاجابة على هذه الأسئلة ينبغي علينا في البداية التذكير بأن البهاق لا يزال يشكل مشكلة علاجية كبيرة.. لماذا؟
لأنه وحتى الآن عجزت جميع العلاجات التي استخدمت سابقاً والتي تم ايجادها حاليا في حل مشكلة البهاق بشكل جذري علما ان ذلك يعود بالدرجة الأولى الى الابهام والغموض الذي يعتري البهاق ولعدم وضوح السبب الحقيقي الذي يؤدي الى حدوثه ولقد تعددت الأساليب العلاجية كثيراً منذ قدم التاريخ ومنذ ان تعرف الإنسان على مرض البهاق وذلك في عهد المصريين القدماء والرومان. وكانت النتيجة هي فشل هذه العلاجات في القضاء على المرض قضاءً مبرماً.
ومن البديهي انه مع تطور الحضارات تتطور العلوم بشتى المجالات ومنها مجال الطب، فظهرت العديد من العلاجات الجديدة مثل جراحة البهاق والتي تعتمد في الأصل على زرع اجزاء من الجلد السليم في اماكن البقع البيضاء المصابة بالبهاق وذلك لان هذه البقع البيضاء لا تحتوي على خلايا صباغية وهي الخلايا التي تعطي لون الجلد عادة وبالتالي فإن زرع اجزاء من الجلد السليم يساعد على تعويض هذه الخلايا المفقودة ويساهم في إعادة تصبغ الجلد ثانية بإذن الله.
ولقد تطورت جراحة البهاق كثيراً وتعددت طرقها العلاجية فهناك الجراحة بالخزعة الجلدية Punch والزراعة بالفقاقيع وزراعة الخلايا الصباغية المباشرة وهي الأحدث.
ومن المهم ان نوضح للمريض نقاطاً مهمة وهي انه ليس كل حالة بهاق تصلح لإجراء الجراحة بل ان هناك شروطاً يجب ان تتوافر للقيام بالعمل الجراحي فما هي هذه الشروط؟
1- يجب ان يكون البهاق غير فعال أي انه لم تظهر أية بقع بيضاء عند المريض لمدة لا تقل عن سنتين «البهاق الثابت».
2- ان يكون المكان المصاب من الجلد صغير المساحة وبالتالي فإن البهاق المنتشر في أنحاء الجسم لا يمكن إجراء العمل الجراحي له.
3- ان يكون المكان المصاب قابلاً اصلا للاستجابة للعلاج لان بعض انواع البهاق وخاصة البهاق الطرفي الذي يصيب رؤوس الاصابع من النادر ان يستجيب للعلاج.
4- ان يكون المريض قد استخدم شتى العلاجات الأخرى المعروفة للبهاق إلا انه لم يستجب لها وبالتالي فإن الجراحة تكون هي آخر ما يمكن ان يلجأ إليه المريض.
عند تحقيق هذه الشروط «بهاق ثابت، مكان يستجيب للعلاج، مساحة صغيرة، فشل العلاجات الأخرى» تكون الجراحة ممكنة.
* ولكن ما هي النتائج المتوقعة للعمل الجراحي؟
- إن نتائج الجراحة متفاوتة وتتعلق بالمنطقة المصابة من الجسم وبنوع البهاق أولاً وبطريقة العلاج الجراحي ثانياً. ومن الضروري ان يعرف المريض ان نتائج العلاج الجراحي لا تظهر بين ليلة وضحاها وإنما تحتاج للصبر ولمدة لا تقل عن 2 - 3 اشهر لرؤية نتائج العلاج وذلك لانه في الجراحة نقوم بزرع الخلايا الصباغية فقط وبعد ذلك هناك عدة مراحل تتجلى في تكاثر هذه الخلايا وازدياد عددها ومن ثم تقوم بتصنيع صبغة الجلد وأخيراً توزعها على خلايا الجلد المجاورة وهذا كله يحتاج للوقت.
وبقي ان نقول طالما ان العلم موجود ووسائل التقنية الحديثة متوافرة والأبحاث لا تزال مستمرة فلا بد يوماً ما ان يصل الأطباء لذلك العلاج الشافي الذي هو مبتغى الطبيب والمريض معا وفي الوقت الحاضر تعتبر زراعة الخلايا الصباغية المباشرة من احدث الطرق العلاجية للبهاق ونتائجها مشجعة وجيدة بشرط ان يحسن اختيار المريض وتتوافر الشروط المناسبة.
د. عبد الله العيسى
استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر
|