قرأت ما كتبه الأخ عبدالله الكثيري بتاريخ 20/4/1424هـ في زاوية شاطئ عبر شواطئ تحت عنوان عابرة سبيل وهي مرثية للشاعرة الكويتية المبدعة الراحلة إلى الدار الآخرة بهدوء الشاعرة عابرة سبيل ترثي فيها نفسها وتخاطب فيها رفيق دربها ومرثية زوجها فيها ويالهما من مرثيتين مؤثرتين في كل إنسان ولكل إنسان يتدفق قلبه حباً ووفاء وإنسانية ولا يشعر بالإنسان إلا الإنسان فأشكرك الشكر الجزيل لنقلك للقارئ تينك المرثيتين الشعريتين للعظة والعبرة ومن باب الوفاء والإنسانية للإنسانية وكانتا بحق مرثيتين جعلتاني أتوقف عند كل سطر من أبياتهما باكية لانهما تحملان عواطف متدفقة وحزينة وتحفلان بكل معاني الإنسانية وهما تعبران عن كل زوجين محبين مخلصين تتجلى فيهما عمق المحبة والمعاناة والصدق والوفاء والطيبة وتؤكدان على الحرص على جميل العشرة وما للزوجين من مكانة في قلب الآخر وأي حياة زوجية ستدوم دون عشرة طيبة تبنى على تقوى الله والحرص على تحقيق القبول والرضا فمن علامات الطيب التسامح والكرم الاعتراف بالجميل فكم من امرأة كسبت ود زوجها باعترافها بجميل صنيعه مهما قل وكم من الرجال من يقرنون العطاء المادي بالعطاء المعنوي ومنهم من يقدمون العطاء المعنوي لافتقادهم العطاء المادي ومن الزوجين من لايشكر مهما كان حجم العطاء ويتضح عمق الوفاء في صور التضحية عندما يقف الرجل مع زوجته في كل الظروف بينما نجد البعض يتضجر من شكوى الزوجة وبمجرد مرضها يبحث عن زوجة ثانية فيزيد ألمها ألماً فالوفاء من سمات المحبين وعابرة سبيل لأنها تدرك عظم الزوج تدرك أنها بحاجته في كل وقت وهو يبكي من ألم فقدها وما أعظمه من ألم فقد من نحب عندما يتلازم مع نزع الروح وما أجمل أن يذكر الإنسان في حياته وبعد موته بالخير وفي نهاية الأمر يبقى الموت حقاً ويختار الله ما شاء وليس للمؤمن إلا الصبر والسلوان ونسأل الله أن يسكنها فسيح جناته ويخلف الجميع خيراً.. وهاتان المرثيتان نسوقهما رسالة إلى كل زوجين مقصر كل منهما أو أي منهما في حق الآخر وكما يعلم الجميع عظم حق الزوجين فلكل منهما على الآخر حقوق وواجبات سنها الشارع الحكيم قال سبحانه {وّلّهٍنَّ مٌثًلٍ الذٌي عّلّيًهٌنَّ بٌالًمّعًرٍوفٌ}، وورد في الأثر «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة» ومن قصر في حق أوجبه الله كان مقصراً في حق الله وكفى بالموت واعظاً أن نصلح ما بيننا وبين الله ليصلح الله ما بيننا وبين الناس فكيف ما بين زوجين يربطهما رباط مقدس وأبناء وأمام هذه المحبة وهذا الوفاء والصدق وجميل العشرة التي تتضح من خلال المرثيتين ترتسم في مخيلتي ما آلت إليه أحوال الكثير من الازواج وما وصلت إليه من السوء حينما بعدت عن شرع الله وفي مجتمعنا كغيره من المجتمعات يبرز فيه نماذج سيئة في عشرتها من الجنسين والحياة الزوجية دون إعداد واستعداد ومعرفة بالحقوق والواجبات.. جريمة زوجية يدفع ثمنها في الغالب الابناء والمجتمع ولاسيما وحياة العديد من الازواج صراع ديوك ودجاج مناقر وما أكثر البيوت الزوجية التي هي أشبه بحلبة مصارعة لاتهدأ سوى لالتقاط الانفاس ثم تبدأ الجولات من جديد فجولة للزوج وجولة للزوجة وأهل الزوجين والضحية الابناء الابرياء المساكين الذين يشاهدون هذه الافلام الصاخبة والمرعبة مجاناً وعبر بث مباشر وما أقسى أن يهين أو يضرب الزوج زوجته أمام أبنائها فماذا بقي للأم من احترام أو تقدير أو بر أمام هذا الدرس المجاني بسلوك النهج مستقبلاً ودوافع المعاملة الرصيد السابق من المعاملة السيئة من أي من الابوين في حق الاخر وهي تشكل رواسب تكبر مع الأبناء حتى تصبح سلوكاً إرادياً أو لا إرادياً في طريقة التعامل والمعاشرة وكم من زوجة أجهضت بسبب ضرب زوجها المبرح لها أحد الازواج تزوج من امرأة طيبة وأنجبت له أبناء ولكنه كان قاسياً في معاملته لها ولابنائه وليس لهذه الزوجة من وسيلة سوى البكاء الذي قطع قلبها وأحرق عينيها فهي تتألم لمعاملته السيئة وتدعو له وحاولت وتحاول بشتى السبل أن تجد مفتاحاً تلج منه لعقله وقلبه ولكن ليس من سبيل فقد طرقت كل السبل ويبدو أنه بلا قلب ولا عقل ولا دين أسلوبه الشدة والتسلط والاستبداد ولاغير وإذا أمر لابد أن يطاع في حق أو باطل وعندما تقول له زوجته لماذا تعاملني هذه المعاملة السيئة؟ يقول لها بالحرف الواحد أخشى أن تعامليني مثل ما كانت تعامل والدتي أبي فكيف تعامل والدته أباه كما يعامل زوجته زيادة أنه عاش طفلاً مسلوب الإرادة مهضوم الحقوق فلا بد أن يظلم.. ألم يتعلم الظلم من والديه وقد تقولون لماذا تعيش مع هذا الزوج السيئ العشرة فهي تعيش معه بأمل أن يصلح الله حاله والمرأة عندما تخسر زوجها تأمل في أبنائها وقد تكون المرأة ليست سبباً في تمرد الزوج وصلفه وتجبره وقد تكون هي السبب فالكثير يتزوج وهو يحمل في جعبته وفي عقله العديد من المفاهيم المغلوطة ورواسب الماضي ويؤمن بالعديد من الأقوال كمسلمات فيأخذه الجهل والغرور والتجبر في فرد عضلاته على امرأته وأبنائه والرجل إذا أحب زوجته أحب أبناءه غالباً وإذا كرهها كره أبناءه ودائماً الابناء هم الكرة في الملعب هم الضحية البريئة وهم من في وجه المدفع فنجد المرأة عندما تختلف مع زوجها ترمي أبناءها أو يجبرها أهلها أن ترميهم في وجهه أو يقوم بأخذهم منها بل إن البعض لا يسمح لها برؤيتهم ونادراً ما يكسب الزوج أبناءه في حالة وجود خلافات فتأثير الأم قوي على الأبناء فلماذا يتعامل الزوجان بعنف ويكثران من اللوم والعتاب والتوبيخ ويؤذي كل منهما الآخر بلسانه السليط ومن الزوجات من تعامل زوجها بقسوة دون مبرر سوى أنها شاهدت تجبُّر أبيها وسلطته على أمها التي فضلت الصمت والاستسلام ولذلك ترى في زوجها صورة أبيها فهي تكره الرجل وتأخذ حق والدتها من زوجها أو ترفض الزواج كلية ومما يدمي أنه عندما يتوفى أي منهما تجد الآخر يبكي بحسرة وحرقة فهل ننتظر الموت لنعود لصوابنا فلنستحضر تقوى الله والخوف من عذابه أمام أعيننا ليكون رادعاً لنا في عدم الظلم فنحن محاسبون وما أجمل أن يحرص كل من الزوجين على حسن العشرة ليبقى لكل منهما رصيد يساهم في تقوية العلاقة المستقبلية بينهما فعندما تقف الزوجة مع زوجها يقف معها ويصبح كل منهما عوناً للآخر ودافعاً للآخر وكما يقال يتقاسمان الحلوة والمرة فتحلو الحياة وتسير دفة السفينة مخترقة الأمواج ويبقى الزوج قائداً للسفينة والزوجة مساعدة له ومع أن الكثير يردد بأن الخلافات الزوجية ملح أو بهارات الحياة الزوجية ولكن بشرط ألا تكون نسبة الملوحة عالية فيصاب أي منهما فالزوجان أقول عندما يحاسب كل منها الآخر على كل شيء لا يمكنهما القيام بأي شيء {الرَجّالٍ قّوَّامٍونّ عّلّى النٌَسّاءٌ } ومع الأسف أن بعض الأزواج يفسرون القوامة بشد العضلات وإرهاب البيت بمن فيه نعم الرجل سيد البيت ليس بعضلاته ولكن بعقله بحكمته وبأخلاقيات المسلم الحق الذي يطبق شرع الله يقول سبحانه {فّإمًسّاكِ بٌمّعًرٍوفُ أّوً تّسًرٌيحِ بٌإحًسّانُ}، «{وّعّاشٌرٍوهٍنَّ بٌالًمّعًرٍوفٌ}، فليحاول كل من الزوجين القضاء على السلبيات في حياتهما وخصوصاً أمام الأبناء فكل سلوك من الآباء لابد أن يقوم لكي لا يكتسبه الابناء سلوكاً ومن شابه أباه فما ظلم ومأساة أن يكون سلوك الآباء أسوأ من سلوك الأبناء وكما يقال «أبوك ما ينصحك قال أبوي يبغى من ينصحه» ولابد أنكم سمعتم أو قرأتم عن قصة الشاب الذي قبل تحدي زملائه بأن يضرب زوجته ليلة الزفاف فضربها فما كان من الزوجة إلا أن ردت عليه الصاع صاعين فتطور الأمر بينه وبينها إلى معركة شاهدها المدعوون وتدخل الأهل وفشل الزواج وبعد محاولات دامت شهراً حاول أهل الزوج تسوية الأمور فوافقت الزوجة وفق شروط جديدة لم تفصح عنها وقالت من ضمنها مبلغ من المال ثم العلقة وكل علقة ولها ثمن والسؤال ماذا تعني الزوجة للزوج وماذا يعني الزواج للزوجين ولماذا لا يكون أهل الزوجين والزملاء والأصدقاء وكل ذي صلة عوامل بناء لاهدم في جدار الأسر وهل يصلح هذا الشاب زوجاً؟ وما مقاييس الزواج لدينا؟ يقال الكتاب يقرأ من عنوانه وهذا غلاف الحياة الزوجية يقول سبحانه {وّمٌنً آيّاتٌهٌ أّنً خّلّقّ لّكٍم مٌَنً أّنفٍسٌكٍمً أّزًوّاجْا لٌَتّسًكٍنٍوا إلّيًهّا وّجّعّلّ بّيًنّكٍم مَّوّدَّةْ وّرّحًمّةْ} الأمس واليوم لنقرأ منذ زمن بعيد يزيد عن الخمسين عاماً أن رجلاً خطب امرأة ذات حسن وبهاء تسابق إليها الكثير من الخاطبين وشاء الله أن تكون من نصيب هذا الرجل المزواج وفي ليلة الدخلة عندما كشف عن وجهها ورأى بريق جمالها ذهل فما كان منه إلا أن بصق في وجهها وأخبر رفاقه بذلك وعلل ذلك بقوله رأيتها جميلة فخفت أن تموق علي يعني تنخدع بجمالها فتتخذه سلاحاً ضده فأراد أن يحسسها من أول بصقة ولكن هذه العروس لم تحرك ساكناً فهي من زمن يطبق أهله شعار لك اللحم ولنا العظم وتموت الشابة ولا ترجع لبيت أبيها ومما يحكى أن زوجاً سلخ جلد زوجته من الضرب فذهبت لبيت أبيها شاكية باكية لترى والدتها وقد سلخ أبوها جلدها في نفس اللحظة فترجع إلى زوجها ورغم أن المرأة في الزمن الماضي مطيعة في أغلب الأحوال وتحترم رغبة الزوج بل ليس لها رأي مطلق وكلام الكثير الذي يحرض على سوء العشرة مازال له صدى في مجتمعنا فمثلاً قولهم تأخذ «شور حرمة وخايف من حرمة وبالة خشمها وخايف من وزارة الداخلية» يقصد الزوجة ولا تلعب عليك ومازال هناك من يشيد بالرجل الحمش الرجل الذي إذا دخل سقط ما بين يدي المرأة «إلي يوريها العين الحمراء» في ليلة زفافها الرجل هنا يعتمد على أسلوب التخويف والترهيب فأين المودة وأين الرحمة وأين السكن المادي والنفسي وغالباً المرأة في الماضي تخدم زوجها وأهله وتعد أم الزوج أماً لها ومع ذلك قد لا تحظى بحب الزوج ورضاه وليس هناك ما يغري بالبقاء معه في بيته ولكنها التربية المطلقة على طاعة الزوج وإكرام أهله رغم الأعمال الشاقة التي تمارسها فهي تحلب وتبذر وتزرع وتحصد وتجرش وتعجن وتخبز وتخيط لباسها وو....الخ ورد في إحدى مقالات الكاتب الاجتماعي الأصيل والعريق الكبير في قدره ومكانته وفيما يكتبه من مقالات ثرية ومازال لكتباته صدى لدى القارئ والمسؤول ويعد مرآة لمجتمعة عبر منبر الجزيرة في زاويته العريقة مستعجل ومما قاله السماري في إحدى مقالاته منذ زمن «حرمة زمان تساوي درزنين من حريم هالوقت» حسب قول الراوي فماذا يقول كاتبنا الفاضل الأستاذ عبدالرحمن السماري الآن عن حريم ها الوقت وكم تساوي الآن حرمة زمان وسؤال آخر موجه له أيضاً عن رأيه في رجال هالوقت كنت أسمع بعبارة بعل الزنبيل بمعنى لا يعرف بيته إلا في النواحي المادية يحضر ما يحتاجه البيت تطور الأمر الآن فأصبح الزوج يسلم الزوجة المصروف وهي تشتري للبيت حتى أصبحت الخادمة والسائق من يحضر كل شيء ومن يتفقد الأبناء والبيت صار فندقاً للنوم والتفريخ وأصبح الزوج من العمل إلى البيت للنوم ومن ثم السهر خارج البيت موال دائم وممل بل منهم من لا يصرف على بيته فأين الحقوق من جيل سلب حقه وأين العشرة والحياة مال وأكل ونوم وكل في حاله والسؤال أليست العشرة تأتي نتيجة المعاملة الطيبة وإذا كان الزوج والأبناء يتصبحون بوجه الخادمة والام تغط في سبات عميق والسائق يرفه الأبناء والزوجة ويحضران للمدرسة نيابة عنهما والخافي أعظم فماذا بقي من عشرة؟ إذاً لا غرابة أن تتحول بيوتنا إلى قنابل موقوتة والله المستعان. ختاماً تحية ود احترام وتقدير لكل زوجين يحكمان شرع الله فيما شجر بينهما ويأتمران بما أمر الله وينتهيان عما نهى الله ورد في الأثر «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقة وأمانته فزوجوه»، «والدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» «فاظفر بذات الدِين تربت يداك». والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
البندري بنت عبدالعزيز
|